في اليوم الاول من شهر رمضان نزلت كاميرا «العين الثالثة» الى الاسواق لترصد الاحوال وتسجل ما قد لا تراه العينان العاديتان لاي بشر. وكان الفريق التلفزي مصحوبا بأعوان من المراقبة الاقتصادية . وفي ذلك اليوم كنت صدفة بجناح السمك بالسوق المركزية فسألت الزميل عادل السمعلي، معد البرنامج هل سجلت الكاميرا بعض المخالفات فقال نعم هناك مخالفات تهم خاصة الترفيع في الاسعار. قد تقولون لماذا هذا السؤال والحال أن الالاف من التجار ينزل عليهم وحي ترفيع الاسعار منذ الدقيقة الاولى لشهر رمضان. لكني كنت أعتقد أن هؤلاء الذين ضبطوا «بالكمشة» سيكونون أذكياء أو لنقل متحايلين على واقعهم.. فيفعلون مثلما يفعل «الصنايعية» منهم من يجهز لوحتين للاسعار: واحدة للمراقبة الاقتصادية وواحدة تخرج بمجرد أن تبتعد المراقبة نصف متر عنهم.. ولعل أغرب ما في أمر هؤلاء أنهم كانوا يرون الكاميرا والفريق المرافق لها ويعرفون أن مع الفريق مراقبين ومع ذلك «حصلوا كيف الضبوعة» !! ألم تقلها فاطمة بوساحة بكل صدق وصراحة «اللي فيه طبّة ما تتخبى!؟» «فصعة»؟ مبدئيا ينتهي العمل في الادارة التونسية خلال شهر رمضان على الساعة الثالثة بعد الزوال باستثناء يوم الجمعة (الساعة الثانية ظهرا). ومبدئيا أيضا صار الاكتظاظ في حركة المرور، أو بعبارة أصدق الاختناق، مألوفا في أوقات الذروة. لكن يبدو أنه صار لنا وقت ذروة آخر. فمع الواحدة والنصف تخرج السيارات فجأة من تحت الارض فتملأ الشوارع والانهج وطبعا في اتجاه الخروج من العاصمة.. أنا شخصيا لم أبحث في المسألة كثيرا واكتفيت بما قاله لسان فتّان (من زارعي الفتنة) صاحبه يصطاد في المياه العكرة ويبث إشاعات مغرضة فقال: «أشكون يقعد يخدم حتي لماضي ثلاثة؟ الدنيا والفصعة» ولاحظوا أنني لم أقل شيئا من عندي. منفوخ !! تعودنا خلال السنوات الفارطة على أن نرى الخوخ المنفوخ والاجاص المنفوخ والتفاح المنفوخ والفلفل المنفوخ والطماطم المنفوخة وصرنا نعلم أن كل منفوخ فقد طعمه ولم يعد له من انتمائه الى فصيلة الغلال أو الخضر غير الاسم.. وفي هذه السنة انضم الى «حزب المنفوخين» نوع آخر من الغلال التي تكثر في هذا الفصل وهو العنب الذي يبدو أن «طش» التقنيات اليابانية قد لحقه فصارت الحبة منه تزن اكثر من كيلوغرام (طبعا هذه المبالغة مقصودة لوصف النفخة التي صار عليها العنب) لكن أين طعم العنب الحقيقي؟ صدقوني لا طعم ولا هم يحزنون.. ومن لا يصدقني فالعنب المنفوخ موجود فليتذوقه ويقارن بما كان يأكله قبل عامين او ثلاثة.. أو حتى لا نذهب بعيدا يقارن بما أكله في رمضان 2007 وسوف يرى ويدرك أنه أي العنب ، منفوخ بالفارغ! بالسكاكين؟ منذ اللحظة الاولى لشهر الصيام يستل الجميع سكاكينهم ليشهروها في وجه المواطن وجيبه. فبالعين المجردة صرنا نرى الفرق الشاسع بين أسعار اليوم الذي يسبق شهر رمضان واسعار اليوم الاول من رمضان. وعلى سبيل المثال هناك العديد من الجزارين الذين كانوا يوم الاحد قبل الماضي يبيعون لحم الخروف بثمانية دنانير و500 مليم او تسعة دنانير في أقصى الحالات فإذا بهم منذ فجر الاثنين الموافق لليوم الاول من رمضان يتبرؤون من كل ما فعلوه لمدة 6 أو 10 أشهر ويضعون على سكاكينهم اسعارا تكاد تكون موحدة أي 11 دينارا عند البعض و12 دينارا عند البعض الاخر.. وعلى سبيل المثال قفز سعر «المعدنوس» من 250 مليما الى 500 مليم دفعة واحدة.. اما القارص فهو نجم رمضان هذا العام. فقد كان سعره يتأرجح بين 980 مليما و1380 كأقصى سعر فاذا به «يبات» على ما يقارب دينارين (1955 مليما بالتحديد).. وطبعا لا أستطيع أن أعدد لكم الاسعار التي أصابها الجنون أو السحر في هذا الشهر. لكن الأكيد ان كل واحد ضرب ضربته في جسد المواطن الذي مازال يتحمل أكثر من هذا الضرب خاصة أن هؤلاء الذباحين درسوا جيدا نفسية المواطن التونسي ويعرفون أنه ما خلق الا للضرب. دروشة بعض باعة السمك يمارسون الدروشة على المواطن فيكتبون ان هذا غزال قليبية وذاك غزال بنزرت وهذه سردينة «مهدوية» وهذا كلب بحر قادم من المحيط المتجمّد (وهذه طبعا من عندي).. فهؤلاء الباعة يشترون السمك من سوق الجملة حيث يختلط القليبي بالبنزرتي بالمهدوي بالروسي..فلماذا هذه الدروشة التي لم تعد تنطلي على أحد!؟ رصد: جمال المالكي للتعليق على هذا الموضوع: