تونس الصباح اهتمت تونس منذ اواخر القرن التاسع عشر بموضوع الملكية الفكرية بمختلف مكوناتها الصناعية والتجارية، حيث ساهمت في المجهودات الدولية لحماية الملكية الفكرية، وكانت من أول الدول الأساسية في عضويتها لعدد من الاتفاقيات الدولية في المجال، وذلك إيمانا بأهميته في المحافظة على نزاهة المعاملات التجارية وضمان حقوق كافة المتدخلين الاقتصاديين. ولكل هذا وقع السعي على تحيين القوانين المتصلة بهذا البعد وذلك تماشيا مع التطورات الحاصلة في هذا الجانب، وكان آخرها مشروع قانون حول الملكية الفكرية بمكوناته في المجال الصناعي والتجاري. فلماذا هذا المشروع؟ وماذا جاء فيه وما هي أبرز التطورات القانونية والجزائية في هذا المجال؟ مستجدات المرحلة وقانون حماية الملكية عملا على مسايرة المستجدات المتسارعة التي يعيشها العالم في السنوات الاخيرة وخاصة ظاهرة العولمة وتحرير الاقتصاد وانسياب السلع وتقنية المعلومات والاتصالات والخدمات عبر الحدود دون عوائق، فقد اصبح من الصعب على أية دولة أن تتصور نفسها قادرة على البقاء ضمن المنظومة الاقتصادية والعلمية والقانونية العالمية بدون اطار قانوني معين لحماية الملكية الفكرية والصناعية فيها. وكانت تونس ضمانا لمواكبة هذا التطور قد بادرت في اوائل القرن الحالي بتحيين الاطار التشريعي المنظم لهذا المجال وذلك باصدار جملة من القوانين تهم مختلف الجوانب الصناعية والتجارية، منها القانون عدد 36 لسنة 2001 المؤرخ في 17 افريل 2001 المتعلق بحماية علامات الصنع والتجارة والخدمات وذلك بهدف تعصير النصوص القانونية المتعلقة بالعلامات التجارية والصناعية وجعلها تواكب التطورات الحاصلة على الصعيد العالمي، بما يوفر لأصحاب العلامات الوسائل الكافية للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم من عمليات التقليد وقد تم هذا من خلال احداث آليات وقائية في كافة المستويات انطلاقا من مراحل الصنع والتوزيع (بالنسبة للمنتوجات المصنوعة محليا) وصولا الى التدابير الحدودية على مستوى نقاط العبور (بالنسبة للمنتوجات الموردة). تفاقم ظاهرة التقليد وتطوير مجالات الحماية إن تفاقم ظاهرة التقليد لعلامات الصنع في السنوات الأخيرة وارتفاع نسق تسرب السلع المقلدة الى البلاد استوجب اتخاذ مزيد من الاجراءات لضمان حماية صحة ومصالح المستهلك من جهة والمنافسة النزيهة والنسيج الصناعي والتجاري وبالتالي الاقتصاد الوطني من جهة اخرى. ولاضفاء النجاعة الكافية لمقاومة هذه الظاهرة استقر الرأي على ضرورة تفعيل دور الادارة في مجال مكافحة تقليد علامات الصنع من خلال تعديل النصوص القانونية الجاري بها العمل في اتجاه اعطاء تأهيل مصالح المراقبة لرفع عمليات التقليد وذلك باعطائها صلاحيات اوسع في المجال بتنقيح القانون عدد 36 لسنة 2001 المتعلق بحماية علامات الصنع والتجارة والخدمات، فماذا جاء من تنقيح في فصول القانون؟ الترفيع في الحد الأدنى للخطايا وتأهيل أعوان الديوانة والمراقبة شملت التحويرات في القانون المشار اليه جملة من الجوانب تمثلت في الآتي: الترفيع في الحد الأدنى للخطايا المتعلقة بمخالفات التقليد من 5 آلاف الى 10 آلاف دينار تأهيل اعوان المراقبة الاقتصادية واعوان الضابطة العدلية والبياطرة والصيادلة والمهندسين والفنيين الاولين واعوان الديوانة لمعاينة مخالفات التقليد وحجز واتلاف المنتوجات الحاملة لعلامات مقلدة في السوق الداخلية. تأهيل أعوان الديوانة لمعاينة مخالفات التقليد على مستوى نقاط العبور تمكين الاعوان المشار اليهم من حجز المنتجات المشتبه فيها حجزا وقتيا واعلام صاحب العلامة أو من انجر له حق منه وتمكينه من فحص العينات المقتطعة ومن القيام بما يلزم من اختبارات لمعرفة ما اذا كانت المنتجات مقلدة. كما نص التنقيح في القانون على أن يتم رفع الحجز آليا في حالة ثبوت أن المنتجات المحجوزة وقتيا غير مقلدة، وبخلاف ذلك يتم تحرير محضر بحث في الغرض وإحالته على الوزير المكلف بالتجارة الذي يتولى احالته الى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة. تطبيق الاحكام الواردة بالباب التاسع المتعلق بالتدابير الحدودية المعمول بها لمكافحة توريد المنتجات المقلدة على عمليات التصدير ضبط الاجراءات التي يتعين اتباعها في معالجة مخالفات التقليد ضرورة اعلام صاحب العلامة دون التقيد الاجباري برأيه ضرورة إحالة المحاضر المتعلقة بمخالفات التقليد على الوزير المكلف بالتجارة الذي يحيلها على وكيل الجمهورية بعد تقديم طلبات الادارة التنصيص على معاقبة من يعرقل مهمة مراقبة التقليد بخطية مالية تتراوح بين 5 آلاف و20 ألف دينار وبالسجن من شهر الى ستة اشهر او باحدى العقوبتين اخلاء مسؤولية اعوان المراقبة اذا ما تبين أن المنتوج غير مقلد.