تونس الصباح توالت جملة من المستجدات المتسارعة التي يعيشها العالم في السنوات الاخيرة ومن ابرزها ظاهرة العولمة وتحرير الاقتصاد وقد انجر عن ذلك انسياب السلع بين البلدان الى جانب تقنية معلوماتية حديثة ومتطورة كانت في خدمة جملة هذه المجالات وذلك على كافة حدود البلدان دون عوائق ... وقد ادى هذا التطور المتسارع الى ان جعل من الصعب على أية دولة تصور نفسها قادرة على البقاء ضمن المنظومة الاقتصادية والعلمية والقانونية العالمية دون اطار قانوني معين لحماية الملكية الفكرية والصناعية فيها...وكانت تونس قد بادرت منذ اوائل القرن الحالي بتحيين الاطار التشريعي المنظم لهذا المجال وذلك باصدار جملة من القوانين تهم مختلف الجوانب الصناعية والتجارية من بينها القانون عدد 36 لسنة 2001 المتعلق بحماية علامات الصنع والتجارة والخدمات وذلك بهدف تعصير النصوص القانونية المتعلقة بالعلامات التجارية والصناعية ، وجعلها تواكب جملة التطورات الحاصلة على الصعيد العالمي . فماذا عن القانون والتنقيح الحاصل فيه؟ وماهي النتائج المسجلة ميدانيا لمقاومة ظاهرة التقليد والقرصنة قبل وبعد تنقيح هذا القانون؟ مقارنة النظام الحالي ونظام ما بعد استصدار التنقيح في القانون الحماية من التقليد مرتبطة بشكوى المتضرر( صاحب العلامة او ممثله) للمحكمة من اجل القضاء في هذا الشأن، أو الشكوى لمصالح الديوانة على مستوى الحدود، غير ان هذا المستوى يبقى منقوصا على اعتبار ان هناك طرفا يمكنه ان يكون اكثر فاعلية في مراقبة التقليد ونقصد به أعوان المراقبة الاقتصادية ، حيث ان القانون الحالي لحماية علامات الصنع لا يؤهلهم لتطبيق القانون المشار اليه. وهكذا فان أعوان المراقبة الاقتصادية يتم تدخلهم بتطويع النصوص الاقتصادية ، وخاصة قانون حماية المستهلك بخصوص مخادعة الشاري، وقانون المنافسة والاسعار على مستوى البضاعة المجهولة المصدر على اعتبار ان ظاهرة التقليد تتم في اطار التصدي للتجارة الموازية الوضع بعد استصدار النص القانوني الجديد لقد جاء في النصوص المنقحة للقانون المشار اليه آنفا جعل التقليد مخالفة اقتصادية غير مرتبطة بشكوى صاحب العلامة وذلك من خلال التعهد الذاتي لمختلف اجهزة المراقبة.كما تم في اطار نفس التوجه تشديد العقوبات على مرتكبي عملية التقليد وذلك برفعها ماليا عبر الخطايا من 5 الاف دينار الى 10 الاف دينار. والى جانب هذا جاء القانون المنقح بتوضيح الاجراءات وضمان حقوق مختلف الاطراف . ولعل الهام في تنقيح هذا القانون هو تأهيل المراقبة الاقتصادية وبعض الاجهزة الاخرى المنصوص عليها بمشروع التنقيح لرفع المخالفات واحالتها الى القضاء العدلي وجاء تفعيل هذا القانون عبر دعم الموارد البشرية المراقبة وتأهيلها، وبعث خلية متخصصة في هذا الصنف من المخالفات وتكوين الاعوان المختصين وكذلك دفع التعاون الدولي في التصدي للظاهرة. كما تم ايضا تفعيل باقي مكونات برنامج مكافحة التقليد وخاصة عبر حملات التحسيس بالتعاون مع بعض مكونات المجتمع المدني، وتنظيم معرض دائم ، مع اقرار المشاركة في المعارض الجهوية مثل معارض قابس وسوسة والتركيز على البعد الاعلامي وكذلك تشريك المهنيين في التصدي للظاهرة . الى ماذا أفضت جملة هذه الاجراءات؟ تتم عمليات المراقبة حاليا بتطويع قوانين حماية المستهلك (مخادعة المستهلك) والمنافسة والاسعار (مجهولة المصدر) من خلال قانون 21 افريل 2001 الذي لم يؤهل مصالح المراقبة الاقتصادية في هذا المجال. فماذا عن البرنامج التنفيذي وعلى ماذا يرتكز؟ البرنامج يرتكز في تنفيذه على جملة من المحاور لعل ابرزها يتمثل في الاتي: حماية النسيج الصناعي ونزاهة المعاملات لقد تم استهداف المنتوج المقلد في تونس مثل حلوى الشامية ، الدهن، الطماطم، السلاطة المشوية، معجون الاسنان، شمبوان، منتوجات صبيغة الشعر. كما استهدف حماية النسيج الصناعي جملة المنتوجات التونسية المقلدة بالخارج مثل التبغ (دخان) الجبن، المواد الصحية، معدات المائدة من الخزف والاينوكس ، وكذلك المنتجات المقلدة على علامات تجارية عالمية مثل اقلام الحبر، ولاعات ، تجهيزات كهرومنزلية، مواد تجميل احذية ولوازم رياضية ، فوانيس كهربائية بطريات جافة. والى جانب هذا تم استهداف المنتوجات المقلدة ذات الصلة بالصناعات التقليدية مثل منتجات الفخار، الاحذية المنزلية، المنتجات الفضية، التحف المنبثقة من التراث، كالجمل وقفص سيدي بوسعيد. وتم ايضا منع ترويج الاقراص الليزرية المقلدة (DVD) بالمساحات الكبرى وذلك بالتنسيق مع المهنة والهياكل المعنية. سلامة وصحة المستهلك وبخصوص هذا البعد تم بالتنسيق مع وزارة الصحة العمومية ومنظمة الدفاع عن المستهلك حجز جملة من المنتجات المقلدة ذات الصلة : بالصحة الجسدية: مثل المراهم الواقية من الشمس ومواد تجميل مختلفة، ومواد تثبيت الشعر مواد غذائية مختلفة: بسكويت، شكلاطة جبن ومشروبات. كما تمت مصادرة مواد مقلدة لا توفر السلامة عند الاستعمال مثل الولاعات والمعدات الكهرومنزلية، ومواد كهربائية مصنوعة من البلاستيك المرسكل. الاجراءات والنتائج علاوة عن كل هذا وفي اطار تطبيق القانون الجديد الخاص بالتقليد تم تلقي 48 عريضة شكوى والقيام ب 8 الاف زيارة ميدانية شملت القطاعات سالفة الذكر ومختلف مسالك الانتاج والتوريد والتوزيع بكامل البلاد. ووقع تشريك فروع الانتاج المتضررة لتوفير المعلومة والمستلزمات الفنية ، كما تم تشريك بقية اجهزة الرقابة في مختلف الحملات ووقع التوصل الى تحرير 1263 مخالفة وحجز 4 ملايين قطعة مقلدة.