تونس الصباح: لا تزال حلقات مسلسل «مكتوب» للثنائي الطاهر الفازع وسامي الفهري تفاجىء جمهور النظارة على الفضائية «تونس 7» لا فقط بثراء خطابها الدرامي وجرأته وواقعيته بل وكذلك بذلك الكم من الوجوه الجديدة من الممثلين الشبان الذين «غامر» بهم المخرج ومنحهم الادوار الرئيسية والاولى في العمل فكان ان توفقوا في ادائها الى حدّ الاتقان احيانا .. جيل جديد والواقع ان الناظر في قائمة اسماء هؤلاء الممثلين سيجد انها كلها اسماء جديدة تقريبا لم يسبق لها ان ظهرت على «جينيريك» اعمال درامية تلفزيونية او حتى مسرحية سابقة الى درجة ان المرء ليتساءل: من اين للمخرج سامي الفهري بكل بهؤلاء؟!.. فالاكتشاف يكون عادة مع اسم واحد من خلال عمل تلفزيوني درامي او سينمائي او مسرحي.. اما ان يكون الاكتشاف «بالجملة» كما هو الشأن في مسلسل «مكتوب» فهذا ربما يعد «سابقة» في تاريخ الانتاج الدرامي التلفزي التونسي فحسب بل والعربي عامة. لقد سبق مثلا للمخرجة مفيدة التلاتلي ان قدمت الممثلة هند صبري لاول مرة في فيلم «صمت القصور » لتنطلق بعدها هذه الممثلة التونسية في رحلة نجاح فني وصلت الى حد النجومية السينمائية.. كما سبق لمسلسل «حسابات وعقابات» للثنائي علي اللواتي وصلاح الدين الصيد ان قدم اكتشاف الممثل يونس الفارحي في دور «الازهر عروش».. اما المخرج سامي الفهري ومن خلال مسلسل «مكتوب» فاننا نجده يقدم لنا كاكتشاف قائمة تضم ما لا يقل عن اربعة ممثلين شبان على الاقل نرى انها تمثل نواة لجيل جديد من الممثلين يهدد فعلا بسحب البساط من تحت ارجل لا فقط الجيل القديم من الممثلين بل وحتى المخضرمين منهم!! عاطف بن حسين وحلمي الدريدي وياسين بن قمرة.. وغيرهم فالناظر مثلا في الاداء التمثيلي لكل من الممثلين عاطف بن حسين (في دور شكري) وحلمي الدريدي (في دور منتصر) وياسين بن قمرة وظافر العابدين سيلفت انتباهه بالتأكيد ذلك التماهي التام مع الشخصية المتقمصة (بفتح الميم والصاد) والقدرة على تجسيد مختلف انفعالاتها للتعبير عن مشاعرها وهواجسها ورغباتها.. وهي مسألة لا يقدر عليها عادة الا الممثل المحترف والمتمرس.. فنّ ادارة الممثل واذا ما كان بالتأكيد للمخرج دوره في توجيه الممثل وارشاده لاعانته ومساعدته على حسن الاداء والتوفق في ترجمة المشاعر والانفعالات والهواجس وذلك من خلال عملية ادارة الممثل اثناء عملية التصوير.. فان موهبة الممثل ونبوغه ودرجة حضوره الذهني ومدى الهامه وهضمه دراميا لطبيعة دوره في العمل تمثل بدورها عاملا حاسما في تحديد درجة النجاح.. ومامن شك في ان مجموعة الممثلين الشبان الذين تقمصوا الادوار الاولى في مسلسل «مكتوب» قد برهنوا بالفعل على انهم اصحاب مواهب وانهم يمتلكون نصيبا من الوعي ومن الحضور الذهني ومن الثقافة والذكاء ما يؤهلهم لكي يعلنوا عن انفسهم كممثلين اكفاء ستكون لهم «كلمتهم» في المستقبل وان على الجيل القديم والمخضرم من الممثلين ان يحترسوا جيدا وان يطوروا اسلوبهم في الاداء التمثيلي وفي طريقة وشكل الحضور الركحي والتلفزيوني اذا ما ارادوا ان يحافظوا على حضورهم هم ايضا والا يقع سحب البساط من تحت ارجلهم!! لقد بدا واضحا ان المخرج سامي الفهري ومن خلال مسلسل «مكتوب» قد راهن خاصة على هؤلاء الممثلين الشبان وعلى «عامل» وجوههم وسنهم ومظهرهم الخارجي ولياقة اجسادهم وذلك من اجل ايجاد نوع من «اللوك» الجديد والمستحدث في الانتاج الدرامي التلفزي التونسي.. ويبدو انه قد نجح بالفعل.. فالمتفرج مثلا على الممثل ياسين بن قمرة وهو يؤدي في حلقة امس الاول تحديدا (الاربعاء 17 رمضان) دور الشاب المأزوم نفسيا والمنطلق في نفس الوقت والمتحرر بفعل تعاطيه لمادة مخدرة سيقف على كمية النبوغ والذكاء والوعي بطبيعة الدور التي يمتلكها ويستبطنها هؤلاء الممثلين الشبان الذين راهن عليهم المخرج والمنتج سامي الفهري.. كذلك، فان المتفرج على الممثل القدير نعم القدير عاطف بن حسين (في دور شكري) وهو استاذ مسرح واشرف على الاحاطة بمجموع الممثلين الشبان المشاركين في مسلسل «مكتوب» وتوجيههم سيشعر بالاطمئنان على مستقبل الدراما التلفزية التونسية على الاقل على مستوى «الموارد البشرية» اذا صح التعبير..انه بالفعل جيل من الممثلين الشبان يهدد بسحب البساط من تحت ارجل الجميع.