تابعت كما تابع العديد من المشاهدين مسلسل المكتوب للمخرج سامي الفهري الذي انتقل من التنشيط إلى الإخراج في تجربة جديدة مع الأستاذ الطاهر الفازع في كتابة السيناريو... هذا المسلسل أسال حتى قبل بثه الكثير من الحبر فما بالك بعد بثه؟ وانقسم الجمهور بين مؤيد ورافض لمضمونه ولما طرحه من مواضيع واشكاليات اعتبرها الرّافضون أنها لا تمثل الشريحة الكبرى من الشعب التونسي فيما اعتبر المؤيدون أن هذا المسلسل قد عرّى ما لا يجب أن يعرّى عند البعض وأزاح الستار وعلى الملأ على الكثير من «أعوارنا» و«خنّارنا» وأظهر أننا شعب مثل كل الشعوب ومصابون بكل الأمراض التي تصيب غيرنا في عالم ذابت فيه الحدود الجغرافية والثقافية وتلك هي لم يكن الممنوع من الحديث عنه فنحن نعاني من تفاوت كبير في الطبقات ونحن رغم نصف قرن من الاستقلال وأكثر من قرن ونصف على إلغاء الرق مازالت تعشّش فينا عقدة الفقير والغني والأبيض والأسود وكشف أننا عنصريون في تعاملنا مع الآخر وأننا مازلنا نعتبر المرأة المطلقة عيبا. المسلسل تعرّض إلى كل هذا بلغة لم تكن تخلو من الجرأة والاستفزاز ورصد التحوّلات التي طرأت على العلاقات على مستوى العائلة وعلى مستوى العلاقة بين المرأة والرجل من تحرّر قد يكون مبالغا فيه في بعض الأحيان. «المكتوب» هو نحن بكل ما فينا من محاسن وعيوب شئنا ذلك أو أبينا وأحسن ما فينا أننا بدأنا نشعر أننا لسنا الشعب الأسوأ ولسنا الشعب والمجتمع الأفضل وأننا جزء من مجتمع عالمي تعرّت فيه جميع المحضورات بكل تلقائية خصوصا وأن الممثلين من الوجوه الجديدة التي غامر بها سامي الفهري كانت في مستوى المسؤولية والاحترافية المطلوبة في مثل هذه الأعمال كما أن الميزانية الضخمة التي وضعها المنتجون وراء هذا العمل ساهمت في كثير من الأحيان في إعطاء العمل صورة أكثر واقعية عن ههذه الطبقة الغنية التي كشفت أسرارها أخيرا وعلى الملأ. هذه رؤية أوليّة لهذا العمل الذي قطع مع السائد من الأعمال التي كنّا نشاهدها في قناة تونس 7 غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو بعض الضعف في الإخراج وطول مبالغ فيه في المشاهد التي يفترض الحدّ من التمطيط فيها لكي لا يصاب المشاهد بالملل... المسلسل في إخراجه اعتمد كثيرا على النمط الكلاسيكي الذي يعتمد على الإبهار بالصورة لكن النقل لم يكن أمينا لهذا النمط من الاخراج بالدرجة الكافية ربما لأن المخرج تنقصه الخبرة المطلوبة ليكون مخرجا خصوصا عندما تعمّد صدم المشاهد في عائلته بمشاهد لم يقدر رؤيتها وسببت العديد من الاحراج لدى كافة الناس. فيصل الصمعي للتعليق على هذا الموضوع: