تونس - الصباح: كانت الأزمة المالية العالمية التي يشهدها العالم اليوم وتأثيراتها على اقتصاديات الدول العربية وخاصة منها الخليجية وسوق المال والبورصة موضوع برنامج "ما وراء الخبر" الذي بثته قناة "الجزيرة" الليلة قبل الماضية والذي استضاف فيه الصحفي محمد كريشان الخبيرين الاقتصاديين الدكتور المنصف شيخ روحه أستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بباريس. والدكتور عيد بن مسعود الجهني رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية. وفي رده على سؤال الصحفي حول عدم اهتمام الدول العربية بالازمة المالية التي تناولها رؤساء الدول الصناعية في خطبهم على غرار الرئيس الامريكي جورج بوش ذكر الدكتور المنصف شيخ روحه ان التراجع في البورصات ليس تراجعا في البنوك. وهو لا يمثل خطرا على البنوك العربية اليوم خاصة منها المتقدمة اقتصاديا. وقال "أستمع اليوم إلى ريشارد أتياس الذي يعيش في دبي وهو رجل اقتصاد فرنسي معروف يقول أن المؤشرات الاقتصادية الحقيقية وحتى في مجال العقارات جيدة في العالم العربي سواء في بلدان الخليج أو في الأردن.والرجاء أن نعتبر أن هناك أزمة عالمية تمس البلدان المتطورة وخاصة أمريكا وأوروبا واليابان ". وقال ان هذه الأزمة مردها استعمال أدوات خطيرة جدا مثل "السوبرايم" ولكن هناك ما أخطر من "السوبرايم".فقبل يوم أو يومين تم الاعلان على أن الدين العمومي الأمريكي خرق مستوى ال10 ترليون دولار. وفي مستوى ناتجه الخام 13 ترليون دينار أي أن الدين أصبح تقريبا 77 بالمائة من الناتج الخام. وهذا هو المشكل الحقيقي الذي صار في أمريكا وله انعكاسات على أوروبا على عكس الصين والهند اللذين ظلا في مأمن نسبي ويمكن أن يكون تاما من هذه الأزمة. وفي البلدان العربية الأمر لا يستدعي تدخل الرؤساء للحديث عن أزمة مالية فالاقتصاد الحقيقي للدول العربية في مأمن. وأضاف السيد المنصف شيخ روحه في رد على تعليق الصحفي حول أن ما يجري اليوم في العالم لا يمس الدول العربية وبالتالي لا يستدعي تدخل رؤساء الدول بقوله أن ما يجري في أوروبا وأمريكا اليوم ليست له أية انعكاسات مباشرة على الحياة اليومية وعلى اقتصاديات الدول العربية مضيفا أن البنك المركزي التونسي مثلا يتابع عن كثب كل هذه التطورات واتخذ جميع التدابير اللازمة وقام بعمل ممتاز في هذا المستوى. وأضاف هل رأيتم الوزير الأول الهندي أو الصيني يتدخل في هذه الأزمة ..طبعا لا لان الصين مستوى نموها كان في حدود 10 بالمائة وبحلول هذه الأزمة سينخفض نموها الى 9 بالمائة. وحوصل السيد محمد كريشان تدخل السيد المنصف شيخ روحه بأن هذا الأخير لا يعتبر وجود أزمة تستدعي وقفة مصارحة من قبل قادة الدول العربية. وعاد بالسؤال الى الدكتور عيد الذي اعتبر في البداية أن الأمر يعد كارثة وبالتالي اذا كانت الامور كذلك فعلا لماذا لم يتحدث الا مسؤولون ماليون دون السياسيين. فرد السيد عيد بأن القول أن الاقتصاديات العربية لن تتأثر بالأزمة المالية يعتبر كلاما بعيدا عن الأمور العلمية والنواحي العلمية فنحن جزء من هذا العالم ولدينا استثمارات ضخمة في الولاياتالمتحدة. والمواطن العربي والمستثمر العربي خسر في يوم واحد أكثر من 150 مليار دولار والحبل على الجرار. وأضاف أن هذا الموضوع يتطلب وقفة صريحة مع الأنظمة الاقتصادية والاستثمارية العربية وعلى وزراء المال ورِؤساء البنوك والمسؤولين الماليين أن يسارعوا إلى عقد اجتماع لمناقشة هذا الوضع . وما ينتج عن هذه الاجتماعات يجب أن ينقل الى رؤساء الدول العربية لاجتماع عاجل لانقاذ اقتصادياتنا قبل أن يصلها الهلاك والقول بأن اقتصادياتنا العربية لن تتأثر بالاقتصاديات المرتبطة بها قول ينقصه الاستدلال العلمي. وأضاف "نحن لدينا استثمارات ضخمة في الولاياتالمتحدة ولدى البنوك العربية كذلك استثمارات ضخمة تصل الى 3 ترليون دولار في اوروبا وامريكا». وأكد الصحفي تباين وجهات النظر بين ضيفيه. وفي عودة للدكتور المنصف شيخ روحه في باريس، طرح عليه سؤالا حول امكانية وجود جرد علمي لتاثيرات الازمة على العالم العربي. فرد الدكتور شيخ روحه مؤكدا أنه ليست هناك مشاكل تستدعي تدخل رؤساء الدول والحكومات العرب على عكس ما ذهب اليه الضيف الثاني الذي أوضح أن الخسائر الكبيرة لأموال عربية لم تمس اقتصاديات الدول العربية بل أن الخسائر حاصلة في دول أجنبية ومن يستثمر أمواله في امريكا وفي اوروبا اللتين تشهدان أزمة طبعا سيأخذ نصيبا من الخسارة. وتدخل أموال عربية لدعم "سيتي غروب" بأكثر من 55 مليار دولار داخلة في هذا المجال. ويجب أن نتعّض من الأزمة الحالية إذ أن الاستثمار في العالم العربي وافريقيا وفي منطقة البحر المتوسط يمكن أن تكون له مخاطر ولكنها مخاطر أقل من مخاطر الاستثمار في شركات وبنوك أجنبية. وأكد الدكتور شيخ روحه مجددا أنه لا يجب تهويل الأمور بحيث يصبح المودع العربي يخاف على أمواله في البنوك. وأضاف بأنّ "بازل 2 " اليوم غير منصفة مع العالم الجنوبي. لأن الاستثمار في المغرب اليوم مثلا ترصد له البنوك الغربية 100 بالمائة نسبة مخاطرة في حين لا ترصد سوى نسبة 2 في المائة كنسبة مخاطرة للاستثمارات في البرتغال. ولكن تبين اليوم بالواضح أن الخطر أكثر في دول الشمال. وأضاف أن الاقتصاد الحقيقي في بلداننا اليوم في مأمن ولا حاجة للتدخل. وفي رد على سؤال حول امكانية ضياع الأموال العربية المستثمرة في الدول التي تشهد أزمة نفى الدكتور شيخ روحه ذلك مؤكدا أن هناك خسائر تتناسب مع خسائر الأمريكيين والاوروبيين.لكن الاقتصاديات الحقيقية للدول العربية لم تتأثر وليست في خطر. وفي عودة للدكتور الجهاني في القاهرة تمسك برأيه مؤكدا على خسارة استثمارات الدول العربية وهو ما سيؤثر قطعا على اقتصاديات الدول العربية.مشيرا الى أن 90 بالمائة من المستثمرين فقدوا أموالهم خلال السنوات الأربع الماضية لتحل الأزمة الجديدة الأكبر فسقطت الأسهم والسندات الى مستوى الصفر والى أقل من قيمتها الدفترية. وأكدّ الدكتور الجهاني على وجود خطر حقيقي مطالبا الدول الخليجية بمصارحة المواطنين حول الخسائر الحقيقية. ورد الدكتور شيخ روحه على ذلك بان الصناديق السيادية في منطقة الخليج تساوي ألفي مليار دولار ألف مليار دولار منها تم استعمالها لشراء سندات خزينة أمريكية أو المساهمة لمساعدة بنوك وشركات أمريكية تعاني العجز. واضاف أنه في الاسبوع الماضي مثلا الخزينة الامريكية طلبت من البلدان التي لها هذه الصناديق وخاصة البلدان الخليجية أن ترسل أموالا الى امريكا واصحاب هذه الصناديق لم يقدموا على ذلك خشية تأثيرات الأزمة وكذلك لأن التصرف في الصناديق السيادية يجب أن يذهب إلى الاستثمار في المنطقة...