رفضت جائزة اليونسكو للسلام.. وحلمت بفيلم كوميدي خارج عن المألوف تونس/الصباح: لا يمكن الحديث عن جديد الدورة 22 لايام قرطاج السينمائية دون التوقف عند الجائزة الخاصة باسم «رندا الشهال الصباغ» التي تم تبنيها في هذه الدورة وفي ذلك اكثر من معنى يتعلق بالبعد النضالي لايام قرطاج السينمائية من أجل سينما تؤسس وتناصر الفعل الابداعي الجاد وينتصر لقضايا الانسان العربي والافريقي ومشاغله في عالم متغير. رندا الشهال في الذاكرة نذرت حياتها لاجل لبنان مختلف.. لبنان عاشق الحياة.. محب للجمال.. اختارت الهجرة والاستقرار في باريس منذ اوائل الثمانينات لتكتب من هناك تاريخ لبنان الذي زعزع استقراره تناخر التيارات السياسية.. فكان ان تراكمت صور الحرب اليومية في ذاكرة هذه اللبنانية التي احبت بلادها كما لا يحب البلاد أحد.. فكان أن بادرت عام 1979 بتصوير اول افلامها الوثائقية «خطوة خطوة» سجلت فيه بعين الفاحص المتألم التناحر الذي هزّ بلادها.. لم يكن «خطوة خطوة» عملا فنيا بقدرما كان عملا سياسيا يعبر عن موقف نضالي ملتزم تجاه لبنان وشعبها. ... عاشت رندا الشهال وعرفت التمزق العاطفي والانساني تجاه اهلها وبلدها.. فكان أن اختارت عام 1980 العودة الى محطات جميلة.. رائقة تنضح حبا وحياة وابداعا.. بخضرة الجبل ومذاق الارز اللذيذ فكان شريط «لبنان ايام زمان».. اقتحمت رندا الشهال الصباغ تجربة الاخراج السينمائي الروائي الطويل اول مرة عام 1986 من خلال «شاشات الرمال» الذي قدمته في مهرجان البندقية السينمائي لتعود بعد ذلك الى الاشرطة الوثائقية فكان «حروبنا المتهورة» ثم عام 1997 فيلم «الكفّار» الذي عالجت فيه التطرف الديني لتعود عام 1999 من جديد الى الحرب الاهلية في لبنان من خلال فيلم «متحضرات». «طيّارة من ورق» اخر افلامها مهوسة بحب الوطن والانتصار لقضايا الانسان العربي في مواجهة كل اساليب الاستعمار والاستبداد.. عملت على اعداد فيلم جديد «طيارة من ورق» الذي توّج سنة 2003 بجائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية الدولي للسينما. هذا الفيلم الذي افتتح دورة 2004 لايام قرطاج السينمائية شهد مشاركة الفنان اللبناني زياد الرحباني مثل صرخة مدوية في وجه الاحتلال الاسرائيلي لهضبة الجولان السورية من خلال مشاهد من الحياة اليومية لعائلات تفرقت بفعل الاحتلال.. علاقات عاطفية بسيطة خارج عن نطاق السائد. هي وجائزة اليونسكو للسلام عاشت رندا الشهال الصباغ حياتها وفية لمبادئها ولاختياراتها ولايمانها العميق برسالة السينما التي ارادتها واجتهدت ان تكون مناصرة لقضايا الانسان والدعوة الى الحرية والكرامة.. رندا الشهال الصباغ اعلنت ذات يوم من عام 1999 وامام مختلف وسائل الاعلام العالمية رفضها القاطع ان تتقاسم جائزة اليونسكو للسلام مع المخرج السينمائي الاسرائيلي عاموس غيتاي. مشروع لم يمهله المرض لئن «سجنت» رندا الشهال نفسها في الحرب حتى بات كل فيلم خارج هذا الاطار غريبا سعت خلال السنوات الاخيرة الى التخلص من هذا الذي اختارته عن طواعية وايمان وذلك بالاتجاه الى السينما الكوميدية فكان ان بادرت باعداد سيناريو وحوار فيلم كوميدي موسيقى رشحت له الفنانة الاستعراضية هيفاء وهبي لاداء دور صاحبة مطعم ويشارك في هذا العمل الممثل الامريكي «فال كريمر» والممثلة الاسبانية «فيكتوريا ابريل» الا ان المرض لم يمهل رندا لاتجاز هذا العمل الذي بقي في انتظار من يكمل فصوله.