حكايات تونسية ...«الماء إلّي ماشي للسدرة.. الزيتونة أولى بيه»    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    أخبار الحكومة    المنستير: دعوة إلى إحداث شبكة وطنية للإعلام الجهوي خلال ندوة علمية بمناسبة الذكرى 48 لتأسيس إذاعة المنستير    بلدية سوسة تُحذّر: لا استغلال للرصيف أو مآوي السيارات دون ترخيص    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    أبو عبيدة.. مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء لأسرى العدو ولكن بشرط    مصادر طبية فلسطينية: قرابة 100 شهيد إثر الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ فجر الأحد    هيئة شؤون الحرمين تدعو زوار المسجد الحرام لارتداء لباس محتشم يليق بالمكان المقدّس    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    وفاة كهل غرقا بشواطئ بنزرت    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    النجم الساحلي يكشف تعاقده رسميا مع ماهر بالصغير والسنغالي الحسن دياو    باجة: تجميع ربع الانتاج الوطنى من الحبوب وموسم الحصاد يقترب من نهايته    المنستير: الإعداد لإحداث ماجستير مهني في مجال الإضاءة المستدامة والذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    الملك تشارلز يعرض مروحية الملكة إليزابيث للبيع    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    درجات حرارة تفوق المعدلات    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عود إلى ملف دكتوراه الدولة
تأملات هادئة في قضية ساخنة سنة الاحتفال بخمسينية الجامعة:
نشر في الصباح يوم 02 - 11 - 2008

تتوالى منذ أسابيع على أعمدة الصحف والمجلات التونسية مقالات إخبارية وتحليلية (انظر مثلا الصباح 30 أوت، الصباح 4، 6، 11، 18، 21 سبتمبر، الصريح 5 سبتمبر، الموقف 26 سبتمبر، 10أكتوبر...) ولا نظنها ستتوقف حول المشكل الذي يواجهه حاليا مجموعة من أساتذة الجامعة التونسية من درجة المساعدين
والاساتذة المساعدين في اختصاصات شتى يتراوح عددهم بين المائتين والمائتين والخمسين.. وهو المأزق المشكل الذي صار يعرف اليوم بمشكل دكتوراه الدولة والذي يتابع القراء أطواره في فضول شديد لمعرفة على أي نحو سينتهي هذا المشكل ؟ وهل سيتغلب صوت العقل والحكمة والمرونة والمصلحة العليا على التطبيق الالي للقوانين في نهاية المطاف؟
ونحن إذ نثير هذا الموضوع ونسهم فيه بالتأمل والتحليل فلاننا أولا من أولئك الذين يقدرون دور الجامعة حق قدره، ولاننا ثانيا من أولئك الذين ما يزالون يؤمنون أن كل ما يهدد مستقبل الجامعة والجامعيين قليلا أو كثيرا فإنما يهدد مستقبل الامة جميعا ثم أخيرا لأننا من الذين يؤمنون أن الحق أحق أن يتبع وأن إصلاح الخطإ خير من التمادي فيه وأن لاشيء بما في ذلك النصوص القانونية يمكن أن يعلو على المصلحة الوطنية، فالوطن أولا وآخرا...
تذكير لابد منه
معلوم أن نظام التعليم العالي (باستثناء الاختصاصات الطبية طب، صيدلة، طب بيطري فهذه لها نظام آخر ليس هذا مجاله) في تونس يقوم في ما يقوم عليه على جملة من الشهائد العالية أرقاها درجة شهادة دكتوراه الدولة سليلة النظام التعليمي الفرنسي. وهو نظام دكتوراه الدولة المعمول به في تونس إلى جانب نظم أخرى منذ ما بعد الاستقلال إلى اليوم. ومرد اعتبارها أرقى الشهادات أن الاطروحة التي يحرز صاحبها لاجلها هذه الدرجة تقوم فلسفتها على ثلاثة أبعاد أساسية : بعد "الاطروحة" بمعنى الفكرة النواة التي تكون طريفة مستجدة بكرا غير مسبوق إليها، والبعد الجامع الشامل الذي يتخطى به الباحث ما كان كتب سابقا في موضوعه أوفي ما يتصل بموضوعه، والبعد التحليلي التفصيلي الذي به يقتل المسألة بحثا ودرسا(1) ولذا كان من الطبيعي أن تحتاج أطروحة دكتوراه الدولة من الباحث إلى الصبر والدأب والمثابرة، وإلى أدوات البحث المختلفة، وإلى التنقيب والدربة والمراس والمقارنة. ولا غرابة بالتالي أن يستغرق هدا النوع من البحوث من أصحابها فترة طويلة غالبا ما تتجاوز العقد من الزمن، وفي أحيان كثيرة العقدين وقد تزيد على العقدين، ولا نتحدث عن الحالات النادرة فالنادر يحفظ ولا يقاس عليه. هذا شاننا في تونس، ولسنا استثناء في هذا، إذ هذا هو شأن هذه الشهادة ومتطلباتها في فرنسا وفي سائر البلاد التي اتبعت نظام دكتورا الدولة.
معوقات على الطريق
ولمن خبر المسألة واكتوى بها فإن مدة البحث التي يقضيها باحث دكتوراه الدولة ولا مجال للخلط هنا بينها وبين الدكتورا الموحدة (أو الجديدة) أوالدكتورا تتحكم فيها جملة معوقات يمكن أن ترد إلى عاملين اثنين: أولهما يتعلق بالبحث ذاته، وثانيهما بالباحث.
معوقات في وجه الباحث
(...) أما فيما يتعلق بباحث دكتوراه الدولة فهو مدرس قبل أن يكون باحثا. وهذا عين ما ينص عليه القانون المنظم لهذا السلك حسبما وضعته وزارة الاشراف و الذي يتحدث عن "المدرسين الباحثين". ومعناه أن هذا الباحث عليه التزامات ينبغي أن يؤديها على الوجه الاكمل قبل التفرغ للبحث وللاطروحة : مباشرة التدريس في مؤسسته الاصلية وفي غيرها من المؤسسات عند الاقتضاء، والقيام بالساعات الاضافية عند الضرورة، والمشاركة في إجراء وتنظيم الامتحانات المختلفة، وممارسة التأطير البيداغوجي للطلاب في مختلف المستويات، والمشاركة في إنجاح الاصلاحات التعليمية، فضلا عما يدعى إليه أحيانا من المساهمة في منابر الحياة الثقافية والنشاط الاعلامي والعمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني والعمل الجمعياتي.
وفضلا عن هذه العراقيل جميعها فإن الباحث يعتريه ما يعتري الناس جميعا من أطوار الحياة الخاصة والعامة التي تنال من وقته المخصص للبحث... ويغشاه ما يغشى الناس جميعا من التقلبات الصحية... وإزاء هذه العوامل وفي ظل هذه الظروف يتأكد احتمال احتياج باحث دكتوراه الدولة عقدين أو أكثر لاتمام عمله.
دكتوراه الدولة.. هذه فلسفتها
(...) إذن فلدكتوراه الدولة فلسفتها الخاصة بها هي غير فلسفة الدكتورا الموحدة أو الدكتوراه الجديدة التي تنخرط في نظام بحثي مخفف لايثقل كاهل الطالب ويكتفي منه بعمل في حدود 300 صفحة في مدة زمنية بين ثلاث وخمس سنوات بها يبدأ حياته العلمية في الجامعة. ولسنا هنا في مقام التفضيل ولكن كل نظام له خصائص ومواصفات وشروط وغايات، وهذه حقائق تاريخية لا تخفى على أحد فضلا عن أن تخفى على سلطة الاشراف. هذه الفلسفة هي التي كانت وراء جعل نظام دكتوراه الدولة في أصل نشأته وفي موطنه فرنسا مفتوحا أصلا غير مقيد بأجل، وظل هذا النظام بعد إيقاف العمل به واستبداله بالدكتوراه الجديدة مفتوحا أيضا غير مقيد بأجل. والمشكلة من الناحية المهنية أن ارتقاء المدرس من درجة أستاذ مساعد إلى درجة أستاذ محاضر وبالتالي انتقاله من إطار التدريس ب إلى الاطار أ وهو الارتقاء المفصلي في المسيرة العلمية والمهنية للمدرس الجامعي مرتهن ومشروط أساسا بالحصول على دكتوراه الدولة... وهنا تحديدا تتعطل مسيرته، ولا فكاك إلا بإنجاز دكتوراه الدولة (...).
1993 وبداية المأساة
(...) وأصل الاشكال الاصلاح الذي تبنته وزارة الاشراف في 1993 والقاضي بإيقاف العمل بنظام دكتوراه الدولة واستبداله بنظام الدكتوراه الموحدة/دكتوراه نظام جديد . كان ذلك بداية المأساة التي يعاني منها اليوم هؤلاء الجامعيون.
(...) لقد استبدل النظام التعليمي الفرنسي نظام دكتوراه الدولة بنظام الدكتورا الموحدة/ الدكتورا الجديدة، منذ 1984 أي قبلنا بعشر سنوات كاملة. وأغلق باب التسجيل(2) بدءا من هذا التاريخ. ولكن النظام التعليمي الفرنسي التزم بالنصوص القانونية المنظمة لدكتوراه الدولة وأباح للمسجلين فيها قبل هذا التاريخ (1984) من إتمام أعمالهم حسبما تنص عليه أحكام تلك النصوص الجاري بها العمل فبل صدور مرسوم1984 دون أي تقييد زمني أو تحديد لاجال(3)، وبهذا لم يناقض نفسه ولم يخرق قانون اللعبة. وحافظ على خاصية الانفتاح الزمني للابحاث المسجلة في نطاق دكتوراه الدولة وما يزال باب إيداع الابحاث ومناقشتها مفتوحا إلى غاية اليوم، ومن أواخر أطروحات دكتوراه الدولة التي نوقشت في جامعة باريس السربون الرابعة أطروحة جان لوي بيير في اختصاص الادب الفرنسي عن "هوية راموز" في 17ديسمبر 2007(4).
وغير الفرنسي أيضا...
وعلى غرار فرنسا سارت الدول التي تبنت من قبل نظام دكتورا الدولة في تعاملها مع هذا الموضوع. وما زالت دكتوراه الدولة التي تحرص وزارة الاشراف عندنا على غلق ملفها قائمة الذات في عدد من البلدان.
ففي المملكة المغربية تتواصل داخل الجامعات بمختلف فروعها وفي مختلف الاختصاصات مناقشات أطروحات دكتوراه الدولة(5) ومن آخر الاطروحات التي جرت مناقشتها في هذا الاطار أطروحة المؤرخ المغربي محمد اللحية من كلية الاداب بجامعة محمد الخامس أكدال في موضوع "مدينة مكناس الوسيطية، النشأة والتمدن" بتاريخ 11جويلية الماضي 2008(6).
وفي الجزائر، كانت حصيلة سنة 20062007 من أطروحات دكتورا الدولة التي تمت مناقشتها في مختلف الاختصاصات 440 أطروحة من جملة 770 أطروحة(7).
وفي ساحل العاج، وفي أبيدجان تحديدا، وفي جامعة كوكودي، كانت أخر مناقشة تمت في إطار دكتورا الدولة أطروحة فوهو ساهي في اختصاص الفلسفة حول" جان جاك روسو من محبة الوطن إلى الفلسفة السياسية" قبل اقل من شهر، وتحديدا يوم 24 سبتمبر المنصرم 2008 (الشهر المقرر لاغلاق ملف دكتورا الدولة عندنا...) في حين ينتظر الباحث الجامعي أ.ف. نيند جين مناقشة أطروحته لدكتوراه الدولة المقررة لخريف 2008(8).
وما تزال مؤسسات التعليم العالي في السنغال، جامعة الشيخ أنتا ديوب وغيرها محافظة على نظام دكتورا الدولة وقد خولت حق إنهاء أبحاث دكتوراه الدولة لكل من أتم تسجيله في أطروحة من هذا الصنف قبل 1 أكتوبر الجاري 2008(نعم أكتوبر الجاري 2008) دون تحديد أجل نهائي للاعداد أو للمناقشة (9).
وما تزال جامعة أنتاناناريفو وغيرها من جامعات مدغشقر تمنح شهادة دكتوراه الدولة في مختلف فروع المعرفة(10) ونكتفي بهذه الامثلة الصريحة الواضحة على أن دكتوراه الدولة ما يزال العمل بها متواصلا.
الامر الرئاسي بتمديد 2003
ولما انتهى أجل عشر سنوات الذي ضربته الوزارة للمسجلين في دكتورا الدولة وتبين أن الاجل لم يمكن المعنيين بالامر من إتمام أطروحاتهم وكان عددهم يومها أكثر من ثلاثمائة 300 باحث في مختلف الاختصاصات، بادر هؤلاء إلى تحرير عريضة في الغرض قدموها إلى وزارة الاشراف في تلك الفترة. وللامانة فقد وجد مطلب الجامعيين تجاوبا فوريا من سلطة الاشراف آنذاك وتفضل السيد وزير التعليم العالي آنذاك باستقبال وفد كبير من الجامعيين. وكان اتجاه الوزارة آنذاك رفع الاجل نهائيا وتركه مفتوحا كما هو معمول به في فرنسا. وكذلك وجد الموضوع من سيادة رئيس الدولة كل تجاوب وتفهم لاستحقاقات البحث، فتفضل باستصدار أمر رئاسي(11) بتمديد الاجل لمدة خمس سنوات تبدأ في 2003 وتنتهي في 6 سبتمبر 2008 لتمكين الجامعيين من استكمال أبحاثهم. والجامعيون ممتنون لسيادة رئيس الدولة بتلك اللفتة الكريمة فقد أتاح ذاك التمديد لعدد من هؤلاء المعنيين بالموضوع من إكمال أبحاثهم ومناقشتها.
انتهاء الاجل والتماس تجديد التمديد
وأمام اقتراب أجل انتهاء التمديد في 6 سبتمبر 2008 دون إكمال بقية الجامعيين أبحاثهم وعددهم يتراوح بين المائتين وألمائتين والخمسين اضطر هؤلاء مرة أخرى إلى الدفاع عن مستقبلهم العلمي والمهني. واضطروا في ظرف وجيز وفي فترة امتحانات دورة ماي إلى جمع خمس وستين إمضاء (ولولا تلك الظروف لكان العدد أكثر بكثير)وتوجهوا بمراسلة في موضوع التماس تجديد التمديد ممضاة من قبل الخمس والستين (65) أستاذا إلى سلطة الاشراف بتاريخ 20 جوان 2008 آملين من السيد الوزير وهو الجامعي الحقوقي مؤزارة طلبهم وتأييدهم متوقعين منه التفهم والمرونة وتغليب المصلحة العلمية، كما ضمنوا هذه المراسلة مناشدة إلى سيادة رئيس الدولة في الغرض ملتمسين من سيادته تجديد التمديد لهم مرة ثانية إن تعذر رفع هذا الاجل نهائيا.
مساع حضارية ومسؤولة للجامعيين المعنيين.... دون جدوى
ولكن أمام صمت سلطة الاشراف، واقتراب موعد 6 سبتمبر2008، حاول هؤلاء الجامعيون الاتصال بها، لكن دون جدوى. وظفروا بعد تدخلات بموعد مع أحد مستشاري السيد الوزير،فتفضل مشكورا باستقبالهم والاستماع إليهم ووعد بالتبليغ.
وأمام استمرار صمت الوزارة، اضطر هؤلاء إلى الاتصال بعدد من كبار المسؤولين في الدولة طلبا لتأييدهم ومؤازرتهم لدى سيادة الرئيس ثقة في تمشي سيادة رئيس الدولة والحكومة الداعم للمعرفة والبحث العلمي.
ثم اضطروا أخيرا إلى الكتابة في الصحف للتعريف بقضيتهم والدفاع عنها أمام رأي عام قد لا تكون بين يديه المعطيات الكافية ولابلاغ صوتهم إلى سيادة رئيس الدولة آملين منه التدخل لحسم الموضوع
مبررات مقنعة لمطلب تجديد التمديد
وقد حرص الجامعيون في كل ما كتبوا ونشروا على بيان أسباب عدم إتمامهم أطروحاتهم لدكتوراه الدولة وكذلك على مبررات إصرارهم على إتمامها. ودللوا على وجاهة طلبهم بقطع النظر عن الجوانب القانونية:
إن أبحاث هؤلاء بلغت بعد تضحيات سنوات العمر المريرة مراحل منقدمة، ولكن لم تكتمل وهي في حاجة إلى مدة كافية للجميع لاستكمالها، كي لا يحرموا من ثمرة التضحيات المبذولة علما أن هؤلاء قد مروا ضمن نظام البحث المعتمد سابقا بمرحلة شهادة الكفاءة للبحث ودكتوراه المرحلة الثالة وما شابه من البحوث التي تطلبت بدورها تضحيات جسيمة
إن من أسباب تأخر هؤلاء في تقديم أعمالهم حرصهم على الجودة، وهذا خيار العلم مطلقا ومن الخيارات المبدئية للدولة التونسية. وكل ضغط بتحديد أفق زمني لا يؤدي إلا إلى الاضرار بهذا المبدإ على حساب المعرفة والبحث العلمي والمؤسسة الجامعية إما بإجبار الباحثين على التخلي عن أبحاثهم أو بدفعهم إلى تقديم أعمال هزيلة.
إن مطلب تجديد التمديد الملتمس لن تكون له انعكاسات مالية ولن يكلف ميزانية الدولة أعباء مالية علما أن عددا كبيرا من هؤلاء المترشحين اقتربوا من سن التقاعد(...)
إنه من غير المعقول أن يقضى على هؤلاء الجامعيين بالبقاء في درجة الاستاذ المساعد بعد كل هذه التضحيات وهم يرون طلبتهم الذين وجدوا أنفسهم بسبب تحول حاصل في الانظمة البحثية في نظام الدكتورا الجديدة فأتموا مناقشة أطروحاتهم ونالوا الدرجة وارتقوا في المهنة (...)
المنشور الجديد..
ومع حلول أجل 6 سبتمبر 2008 اتصلت بعض المؤسسات الجامعية بفاكس من الادارة لعامة للتعليم العالي ينص على "أنه عملا بالفصل 25 مكرر من الامر عدد1665 لسنة2003المؤرخ في 4 وت 2003 المتعلق بالتمديد في آجال إعداد دكتوراه الدولة تقرر:
اعتبار دكتوراه الدولة لاغيه بدءا من 6 سبتمبر 2008
إيقاف البت في دراسة الملفات المعروضة على لجان الدكتوراه للمناقشة
ايقاف إجراءات إيداع رسائل دكتوراه الدولة
اعلام المترشحين بهذا الاجراء
ويظهر أن مؤسسات أخرى تلقت المعلومة عبر فاكس آخر شبيه بالاول ينص على "أنه لم يعد بالامكان إيداع أو مناقشة أطروحات دكتوراه الدولة بداية من هذا التاريخ(6 سبتمبر2008)" (...)
إن حالة الاحباط التي يعيشها هؤلاء الجامعيون منذ عدة أشهر ومشاعر الخوف على مستقبلهم العلمي والمهني بلغت أقصاها. وتبقى مع ذلك آمالهم قائمة في أن يتدخل سيادة رئيس الدولة راعي العلم وحامي الجامعيين بسديد نظره ليصحح مسار تاريخ دكتوراه الدولة في تونس وينقذ جزءا من ثروتنا المعرفية الوطنية برفع أجل إعداد الاطروحات نهائيا وجعله مفتوحا غير مقيد بأجل، وإن تعذر ذلك فعلى الاقل بتجديد التمديد الذي منحهم إياه سابقا بسنوات أخرى تكفي الجميع لانهاء أبحاثهم على الوجه العلمي الصحيح.
9 امضاءات
هوامش
(1) ظهرت هذه المعاني المختلفة منذ النصوص الاولى المنظمة لدكتوراه الدولة في فرنسا بعد تأسيس نابليون للجامعة الامبراطورية في 1806وخاصة نصوص مرسوم 17 جويلية 1840، وبصفة أخص ما جاء في نص الامر الصادر قي 18 جويلية 1903 وانظر مثلا
http//fr.wikipedia.org/wiki/Doctorat_(France)histoire du doctorat_ en_ France
http://www.univ-paris1.fr/IMG/pdf/Communication_Angel-Samson.pdf.
(2) Décret N 84 -573 du 5 juillet 1984 relatif aux diplômes nationaux de l?enseignement supérieur (le ministère français de l?éducation nationale)
(3) Arrêté précédent du 5 juillet 1984, Titre IV, Dispositions finales, Art. 19
(4)http://www.paris-sorbonne.fr/fr/article.php3?id_article=6312
(5)http://www.fssac.ac.ma/doctorat
(6) http://www.middle-east-online.com/Id=65077
(7) http://www.algerie-dz.com/article9148.html
(8) http://membres.lycos.fr/maaziz/encadrement.html
(9) Arrêté du 14 mai 2008, Dispositions transitoires, Art.13. Université Cheikh Anta Diop, Dakar, Sénégal.
http://www.ucad.sn/communauté/ecoles/conditions.doc
(10) http://www.refer.mg/edu/minesup/antanana/rectorat/etudes.htm
(11) أمر عدد 1662لسنة 2003 يتعلق بإتمام الامر عدد 1823 لسنة 1993 المتعلق بتحديد شروط الحصول على الشهادات الوطنية لدراسات الدكتوراه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.