تونس الصباح: جولة في بعض اداراتنا ومؤسساتنا العمومية صيفا تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان عديد الادارات تدخل في شبه عطلة بمجرد دخول الصيف وبالتحديد بمجرد بداية العمل بالحصة الواحدة في اول شهر جويلية ولغاية موفى شهر اوت. فالزائر لعدد من اداراتنا هذه الايام يلاحظ المكاتب الشاغرة والكراسي الفارغة والابواب المغلقة اما النوافذ والشبابيك المخصصة لاستقبال الحرفاء فجلها مغلق وان كانت مفتوحة فالعون المفروض ان يكون وراءها غير موجود. واسباب هذا تعود لعديد المعطيات اهمها العطل الصيفية وحرارة الطقس والغيابات المعلنة وغير المعلنة والتراخيص الاستثنائية المؤقتة المصرح بها وغير المصرح بها. الى جانب طبعا تواجد العون وعدم رغبته في العمل وتقاعسه ونفوره من الملفات والمواطنين القاصدين ادارته لقضاء شؤونهم وذلك اما للاسباب المذكورة سابقا او بسبب تراكم الملفات امامه وكثرة الضغط عليه بعد غياب نصف الفريق العامل معه. العطل الصيفية الظاهرة هذا العام انطلقت باكرا وبالتحديد منذ شهر جوان حيث اشتدت درجة الحرارة وارتفعت لتبلغ ارقاما قياسية ورغم ذلك وجد الموظفون والاداريون انفسهم مجبرين على عدم استغلال المكيفات للتبريد تطبيقا لمنشور صادر عن الوزارة الاولى يقضي بعدم تشغيل المكيفات الا بداية من شهر جويلية وهو ما حدا باغلب الموظفين وخاصة المديرين والمسؤولين الى ترك مكاتبهم بعد دقائق من الالتحاق بها وبالتالي تعطلت المصالح الادارية ومصالح المواطن وانطلق الركود الاداري الصيفي باكرا هذه المرة.. وهو ما جعل الوزارة الاولى تتراجع نوعا ما عن منشورها الاول وتسمح بتشغيل المكيفات في الادارات ولو في اوقات معينة. وبداية من شهر جويلية بدأ اغلب الموظفين والاداريين يعدون لعطلتهم السنوية وخرج العديد منهم في هذه العطلة وهو ما عطل بعض المصالح خاصة بالنسبة لبعض المؤسسات الخدماتية ولاحظنا في بعض الادارات غياب المعوضين لمن خرجوا في عطلة بحيث تترك عديد الملفات على قائمة الانتظار صاحبها مدة شهر ليعود بعد ذلك صاحبها بعد ايام الخلاعة والبحر والسهريات الى جو العمل.. ومن المؤكد ان اغلب هؤلاء يواصلون راحتهم خاصة ان اغلبهم يعود الى مكتبه عن غير اقتناع ومازالت في ذهنه ايام الراحة والاستجمام. الحصة الواحدة زيادة على ذلك فان اغلب الموظفين لا يقدمون نفس المردود خلال حصة العمل الواحدة مقارنة بالحصتين.. فخلال الحصة الواحدة يبدأ الموظف تقريبا في التفكير في الخروج من ادارته بمجرد وصول عقارب الساعة الحادية عشرة.. ويبدأ يفكر في المغادرة وفي الطريق وفي الازدحام المروري لذلك تجده يحاول الخروج باكرا بترخيص او بدونه من مكان عمله حتى يتجنب الازدحام.. ولكن فاته ان الكثير فكر مثله لذلك يتواصل الازدحام في طرقات العاصمة من الصباح الى الثالثة ظهرا يوميا. كما ان فترة العمل الصباحية قصيرة ولا يمكن للموظف ان يطلع على كل الملفات او ان يلبي جميع الرغبات ويقضي اغلب المصالح لذلك يرجئ العمل الى الغد وهكذا تتكدس الملفات وتتأخر مصالح المواطنين. «المواطن الاداري» والتأخير عبارة عن حلقة.. فالمواطن يتحول الى اداري داخل مؤسسته يلتقي بقية المواطنين ويحاول تلبية حاجاتهم ويكون مواطنا خارج ادارته له مصالح ويقف في الطوابير وامام نوافذ ومكاتب بقية الموظفين. وبتأخر هذا المواطن ليكون قد تسبب في تعطيل غيره من المواطنين الذين ينتظرون بدورهم قضاء حاجتهم من قبل هذا «المواطن الاداري» وبالتالي فان التأخير مشترك فالموظف الذي يتأخر على مكتبه يتسبب في تأخير عشرات الموظفين والمئات من اصحاب المصالح الذين يتسببون بدورهم في تأخير غيرهم وهكذا دواليك. السهر.. المهرجانات والاعراس زيادة على ذلك فان الصيف يبقى فصل السهر والسمر والاعراس والمهرجانات وهو ما يؤثر على القدرات الذهنية والعملية لاغلب المواطنين الموظف منهم وغير الموظف. وتأثيرات السهر والسمر تظهر بشكل واضح على اغلب الموظفين اذا ما قابلتهم صباحا في مكاتبهم ان وصلوها بالتأكيد في الاوقات المحددة.. فاثار النوم تجدها لازالت بادية على الوجوه وعدم الرغبة في الحديث او العمل تظهر على تصرفات وحركات الموظف وهو ما يتسبب في تعطيل المصالح وركود الملفات. الحلول وتبقى هذه السلبيات التي ترافق كل صيف الادارة من المظاهر الشاذة التي تحفظ ولا يقاس عليها ولكن تأثيرها واضح على السير العادي للعمل وللوظيفة العمومية.. فالحصة الواحدة لازمة ومؤكدة وكذلك لا مفر من تمتع الموظف بعطلته السنوية صيفا ولكن بعد التنسيق مع زملائه حتى لا يتعطل العمل.. والسهر والسمر والمهرجانات والاعراس عادة من عادات التونسي لا يجب مطالبته بالتخلي عنها ولكن التخفيف منها مطلوب. كذلك من الضروري تخصيص حصص دوام في كل مؤسسة او ادارة بحيث يتمكن المواطن من قضاء حاجته الادارية بعد الظهر دون ان يضطر لترك عمله. وهكذا يتواصل السير العادي للادارة كامل اليوم وتقضي جل المصالح في ظروف تقريبا عادية خاصة وان فصل الصيف يقترن كذلك بعودة مهاجرينا بالخارج وما تتطلبه هذه العودة من توافد على الادارات واستخراج الوثائق وغيرها.