ممثل المنظمة الشغيلة:نحن لا نرفض تكييف وقت العمل لكن نريده أن يضمن شروط العمل اللاّئق ممثل منظمة الأعراف:المؤسّسات لن تتخلّى عن عمالها مهما كانت نجاعة الآلات وأهميتها تونس-الصباح "تكييف وقت العمل" ذلك هو عنوان ورشة العمل المنتظمة أمس واليوم بالعاصمة ببادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ومنظمة العمل الدولية.. وهي ورشة تقنية بالأساس لكن محتواها مثير للانتباه نظرا لأنها تبحث مسألة تشغل بال أصحاب المؤسسات والعمال والحكومة على حد سواء.. ولهذا السبب حضرها ممثلون عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج إلى جانب خبراء بمنظمة العمل الدولية.. وحاولت الورشة الإجابة على جملة من الأسئلة تتعلق بمعنى تكييف وقت العمل.. فهل المقصود به تغيير توقيت العمل أو مكانه أو القائمين عليه أو المكلفين بانجازه؟؟ وما معنى إتباع المرونة في وقت العمل وما هي أهمية ذلك؟ وما هي العوائق التي يمكن أن تحول دون تكييف وقت العمل؟ الخبير كلود لوازال الذي لديه الكثير من المعارف حول الموضوع يؤكد على أن تكييف وقت العمل لن يكون على حساب حقوق العمال.. فالعمال على حد تعبيره لهم حقوق اكتسبوها ولا رجعة فيها وبين أن تنظيم الورشة يعد مناسبة لكي يعبر ثلة من هؤلاء عن آرائهم حول تكييف وقت العمل وتصوراتهم للنماذج الممكن إتباعها.. نظام معقد في حديث معه فسر لنا خبير منظمة العمل الدولية السيد جون ماسنجر أنه سيسعى قدر الإمكان إلى تبسيط المفاهيم وتقديم تجارب الدول الأوربية التي اتبعت طرق تكييف العمل وتعريف المشاركين في الورشة بإيجابيات هذه الطريقة وسلبياتها.. ولاحظ أن من بين الطرق المعتمدة في تكييف وقت العمل هو إتباع الساعات الإضافية أو العمل عن بعد وغيرها من الطرق. وقال "نحن هنا في تونس لكي نساعد وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل على فهم واستيعاب مفاهيم تكييف وقت العمل لأن هذا النظام متشعب وعلى غاية من التعقيد ويتطلب الكثير من الجهد لفهمه". ومن جهته تحدث السيد الصادق بالحاج حسين مدير مكتب منظمة العمل الدولية لدول المغرب العربي بالجزائر عن تطور التكنولوجيات الحديثة وتأثيرها على المؤسسة الاقتصادية وبين أن مسألة توقيت العمل كانت من المسائل التي أولتها منظمة العمل الدولية اهتماما كبيرا منذ سنوات وذلك من خلال عديد الاتفاقيات..كما أنها حظيت بثلاث دراسات من قبل إلى جانب الإصدارات المتعلقة بهذا الموضوع..ولاحظ أن وقت العمل متغير ومرتبط بتطور وسائل العمل والتكنولوجيات الحديثة وبين أن هذه التحولات أبرزت طرق عمل جديدة وساهمت في تكييف وقت العمل. ولاحظ أن العمال من حقهم التحاور وإبداء الرأي حول مسألة تكييف وقت العمل..وذكر أن المفاوضات الاجتماعية لها دور كبير في تحديد وقت العمل مبينا أن إتباع المرونة يمكن أن يحد من الغيابات المهنية.. وشدد على أن تكييف وقت العمل يجب أن تراعى فيه مصلحة صاحب العمل والعامل على حد سواء. وفي نفس الإطار يقول السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج أن تكييف وقت العمل يعتبر من الآليات الحديثة المعتمدة من قبل عديد البلدان ولاسيما معظم بلدان الاتحاد الأوربي وهي تهدف إلى ادخال مرونة في التصرف في الموارد البشرية في إطار يوفق بين تلبية الحاجيات المتغيرة للمؤسسة وضمان حقوق العمال والمحافظة على مواطن الشغل.. ويتمثل تكييف وقت العمل بصفة عامة في تعديل هذا الوقت باعتماد فترة مرجعية لا تتجاوز السنة تتوازن فيها الفترات التي يكون فيها حجم العمل بالمؤسسة كثيفا والفترات التي يكون فيها حجم العمل متوسطا أو ضعيفا. ويهدف اعتماد هذه الآلية على حد قوله إلى تعديل حجم العمل حسب متطلبات العمل وحسب الطلبيات المتغيرة للسوق وهو ما من شأنه أن يسمح بتفادي اللجوء إلى البطالة الفنية وكذلك إلى غلق المؤسسة وتسريح العمال كما تمكّن المؤسسة من التكيف مع تغيّر نشاطها الظرفي أو الموسمي والمتوقع وغير المتوقع والتخطيط لمواردها البشرية على مستوى الانتداب والتكوين والتأهيل استجابة لمتطلبات متوقعة هذا بالإضافة إلى تيسير الحراك المهني والجغرافي لليد العاملة ويتم تجسيم هذا التكيف في إطار قانوني أو تعاقدي يمكن أن يكون عاما أو قطاعيا أو يخص المؤسسة الواحدة فقط يحدد صيغه ويضع الشروط التي تبرره والضمانات اللازمة للعمال بما يحقق لهم وقت عمل لائق ويمكّنهم من التوفيق بين واجباتهم المهنية ومتطلبات حياتهم الاجتماعية. مخاوف متضاربة من بين المشاركين في الورشة نجد السيدان حسين العباسي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن التشريع والنزاعات ومحمد بن سدرين نائب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. ولم يخف كلاهما مخاوفه من المستقبل.. الأول عبر عن هواجس العمال والثاني عن هواجس رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات.. ويقول السيد حسين العباسي في تصريح ل "الصباح" إن اتحاد الشغل لا يرفض تكييف العمل لكنه يريده أن يضمن الشغل اللائق للعامل.. فالعمل اللائق يمثل في جوهره احتراما لكرامة الإنسان وهو مرتبط أساسا بالتشغيل المنتج النابع من سياسة اقتصادية شاملة وهو ما يفترض حماية عالم التشغيل كما أنه يكتسب باعتماد أساليب عمل خلاقة ومبدعة من خلال اعتماد التدريب والتكوين المهني بما يحافظ على الكفاءات ويحيط بها..ويرتبط العمل اللائق على حد تعبيره شديد الارتباط بتوفير الدخل المناسب وهو ما يفترض حماية الدخل القار ويضمن الحماية ضد الطرد التعسفي ويؤمّن الاستقرار في العمل بما يفترض حماية التشغيل وهو يضمن المساواة بين الجنسين ويؤمن صحة العمال وحياة عائلاتهم.. وإذا توفرت هذه الشروط فيا حبذا.. وشدد على أن العمل اللائق يقتضي تشريعات ضامنة له.. ويتطلب تكثيف الحوار داخل المؤسسة في جميع الحالات سواء في حالات الازدهار أو الأزمات.. وفسر أن الحوار يكاد يكون مفقودا داخل جل المؤسسات التي ترفض تأسيس نقابات وتعتبرها جسما غريبا. وكان محدثنا قد قدم مداخلة خلال الورشة قال فيها إن الحديث عن نمو اقتصادي في ظل غياب آليات الحوار الجماعي يعدّ ظربا من الخيال وبين أن الاتحاد العام التونسي للشغل على يقين في ظل الهجمة الشرسة لليبرالية بأن المؤسسة والأجراء هم اليوم في سفينة واحدة يواجهون نفس التحدي وهو تحسين القدرة التنافسية لكن هذا لا يمكن أن يتحقق من خلال مراجعة أو تأويل بعض النصوص التشريعية الضامنة لحقوق ومصلحة المؤسسة دون المصلحة الاجتماعية. ولاحظ أن مراجعة مجلة الشغل فتحت المجال لأصحاب العمل لتأويل بعض النصوص المتعلقة بمدة العمل في اتجاه إفراغها من مضامينها والتصرف من جانب واحد في ساعات العمل تحت غطاء طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب مزيدا من المرونة وهو ما تضمنه مشروع الأعراف الخاص بسنوية العمل في قطاع النسيج والملابس. ومن جهته بين السيد بن سدرين أن مسألة تكييف العمل هي حديث الساعة ويعزى هذا الأمر للتغيرات التي شهدها سوق الشغل حيث اشتدت المنافسة وساهم ذلك في ارتفاع نسبة البطالة ليس في تونس فحسب بل في كامل بلدان العالم ولاحظ أن تونس تشهد نهضة اقتصادية ملحوظة ولكن هذا يجب أن لا يحول دون التفكير في تطوير أساليب العمل. وبين أن التشريعات المتعلقة بالشغل يجب أن تواكب المرونة المتبعة في العمل.. وشدد على أن المؤسسات لن تتخلى على عمالها مهما كانت نجاعة الآلات وأهميتها..وذكر أن مشهد المؤسسة تغيّر كليا ويجب أن تواكبه طرق العمل لكسب الرهانات ومواجهة تحديات المنافسة ويعمل اتحاد الصناعة والتجارة على حد تعبيره على حث المؤسسات الاقتصادية على انتداب أصحاب الشهادات قصد الحد من نسبة البطالة وتحسين نسبة التأطير داخل المؤسسة..