تونس الصباح: عجيب أمر الفضائية «تونس 7» فهي تبدو احيانا ومن خلال جانب من برمجتها اليومية وكأنها تدعو المتفرّج الى ان ينفضّ من حولها وان يتحوّل عنها الى غيرها من القنوات التلفزيونية الاخرى.. هذا في الوقت الذي كان يفترض ان يحرص فيه القائمون عليها على حسن انتقاء المادة البرامجية وتوزيعها على مدار ساعات البث توزيعا ذكيا ومحكما يراعي من ناحية طبيعة المادة البرامجية ذاتها، كما يراعي من ناحية أخرى طبيعة الحيز الزمني الذي تبث فيه.. مراعاة لواقع المنافسة الشرسة على استقطاب المشاهد في زمن البارابول والفضائيات المختصة منها والشاملة. نقول هذا الكلام بناء على ما اقترحته علينا الفضائية «تونس 7» في سهرة أمس الاول (الاربعاء) اذ مباشرة بعد انتهاء النشرة الرئيسية للأنباء وتحت عنوان «سهرة من مهرجان» كان الموعد مع تسجيل حي لحفل غنائي احتضنه ذات صائفة المسرح الاثري الروماني في اطار مهرجان قرطاج الدولي الصيفي.. الحفل شارك فيه مجموعة من المطربين التونسيين من أمثال ألفة بن رمضان وحسن الدهماني وتواصل على مدى نحو ساعتين كاملتين.. غنّى فيه هذا الثنائي وغيره ما طاب لهم من الاغاني التونسية والشرقية.. طبعا، كان يمكن لهذه الفقرة الغنائية ان تكون «في محلها» ومقبولة لو أنها جاءت في شكل مراوحة قصيرة يراد منها الفصل الذكي والمريح بين برنامجين مختلفين في الشكل والمضمون.. ولكنها لم تكن كذلك بالمرة.. وجاءت في شكل فقرة برامجية قائمة بذاتها طويلة ومملة (دامت قرابة الساعتين!) نقدر انها أجبرت العديد من متتبعي الفضائية «تونس 7» على أن يتحولوا عنها الى قنوات تلفزيونية اخرى وذلك لسببتين على الأقل: الاول: يخص الشكل، فأن يجد المتفرج نفسه في عز فصل الشتاء، يتابع ومن غير دواع منطقية تسجيلا لحفل غنائي تم تسجيله في عز الصيف وفي الهواء الطلق وسط اجواء صيفية صاخبة فان شعورا بالغربة في الزمان والمكان سيتملّك بالضرورة هذا المشاهد ويجعله يشعر بانه ازاء «مادة» برامجية تلفزيونية مسقطة وغير منتقاة المقصود بها ملء الفراغ بالدرجة الاولى لذلك هو سيتجاهلها ولا يتفاعل معها. أما السبب الثاني فهو يخص مضمون المادة ذاتها.. فما كان يردّده ليلتها الفنانون المشاركون في الحفل لم يكن روائع فنية باصوات اصحابها من عمالقة الفن الشرقي والاغنية التونسية.. بل كان ترديدا مصطنعا وضعيفا فنيا لا يرقى بأي حال من الأحوال الى مستوى الأداء الذي بامكانه ان يأسر المتفرج ويمتعه وهنا نشير تحديدا الى مشاركة الفنانة ألفة بن رمضان. ثم، وعلى اعتبار انه لم يكن هناك بد ليلتها من تقديم فقرة غنائية قد تطول أو تقصر.. فلماذا لم يقع مثلا تقديم مجموعة كليبات متنوعة فرجوية وممتعة بدل تقديم تسجيل جاف لحفل غنائي مطوّل ومُمل بكل المقاييس؟! الأغرب في الامر أنه وعلى اثر الانتهاء من بث وقائع هذا الحفل الغنائي التونسي المسجل صيفا والممل وقع بث وفي ساعة متأخرة نسبيا حلقة جديدة من منوعة «مدن النجوم» لوليد التليلي التي تعد مادة برامجية تلفزيونية ممتازة بكل المقاييس وتتوفر على نسبة كبيرة من الافادة والامتاع والمؤانسة.. مما جعل المسألة تبدو وكأنها سوء تقدير بالكامل وعدم وعي بقيمة «الاشياء» وبدرجة اهميتها ومدى قدرتها على استقطاب المشاهد.. فعلى أي اساس تقع برمجة تسجيل حفل غنائي مطوَّل (بفتح الواو) وممل في عز السهرة في حين يقع تأخير بث حلقة جديدة من منوعة «مدن النجوم» الثقافية والفنية والفرجوية الى «الهزيع» الاخير من نفس السهرة (سهرة يوم الاربعاء الماضي)؟! قليلا من الجدية رجاء أيها القائمون على شأن البرمجة في الفضائية «تونس 7»!