تونس الصباح: مازالت النسبة الهامة من زيت الزيتون التونسي تسوق في العالم بشكل لا يرتقي إلى القيمة التي هو عليها، كما أنه يبقى أيضا مجهول الهوية على إعتبار أنه لا يحمل هويته التونسية تحت علامة بارزة وخاصة به. ويمثل دعم تصدير زيت الزيتون التونسي معلبا تحت علامة تونسية صرفة أبرز التحديات التي يواجهها قطاع زيت الزيتون خلال المرحلة القادمة بهدف تمكين تونس من الاستفادة من قيمة مضافة عالية لمنتوج تحتل في تصديره المرتبة الرابعة عالميا. فماذا عن آلية تعليب زيت الزيتون التي انطلقت منذ سنتين تقريبا وعن قدراتها في عملية التعليب؟ وهل بإمكانها تحقيق الاهداف المرجوة في تعليب كميات هامة من زيت الزيتون المصدر خلال فترة قريبة؟ وماذا عن القيمة المضافة التي يحققها زيت الزيتون المعلب إذا ما تم تصديره على هذا النحو بدل تصديره سائبا أو "صبة" كما هو معمول به لحد الان؟ 1,2% من زيت الزيتون التونسي يصدر معلبا جاء في مجلة "الخضراء" الصادرة عن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لمحة هامة عن واقع زيت الزيتون التونسي في الاسواق العالمية. حيث يظل تسويق هذا المنتوج البيولوجي الذي يمثل وجها بارزا من أوجه تونس وحضاراتها المتعاقبة غير معلب، أي سائبا ويتعارف على ذلك شعبيا ب "صبة"، كما أنه يبقى أيضا دون هوية مع غياب علامة تميزه في الاسواق التونسية. وهذا الواقع الذي يصدر عليه ينقص بشكل هام من قيمته، كما أنه يجعل منه مجهول الهوية رغم قيمته في صادراتنا إلى أنحاء عديدة من العالم. وتفيد الارقام الواردة بخصوص تصديره أن 1 فاصل 2 بالمائة فقط من زيت الزيتون التونسي يروج معلبا في ما تروج البقية "سائبة" أو "صبة"، كما أنه تسوق تحت علامات أجنبية، وذلك على الرغم من الاجراءات المتتالية التي تم اتخاذها لفائدة القطاع، ومن أبرزها بعث مجلس وطني لتعليب زيت الزيتون، واتخاذ جملة من الاجراءات في سبيل دعم المستثمرين في هذا المجال في مراحل التعليب والتسويق والبحث عن أسواق للتصدير. الاستراتيجية الوطنية للنهوض بزيت الزيتون وللوقوف على الاستراتيجية الوطنية وتقدمها في مجال زيت الزيتون المعلب، انتظمت في تونس مؤخرا ندوة حول موضوع الجودة وآليات النهوض بزيت الزيتون ببادرة من المركز الفني للصناعات الغذائية وبالتعاون مع القطب التنموي ببنزرت والمركز الفني للتعبئة والتغليف ومعهد الزيتونة. ويشار من ناحية أخرى إلى أن هناك 20 مؤسسة تنشط في مجال تعبئة زيت الزيتون، وهي تتميز بصغر حجمها، مما يجعلها تواجه صعوبات كبيرة في اقتحام الاسواق الخارجية التي تسيطر عليها مجموعات كبرى اسبانية ويونانية وايطالية، ويبدو أنه بناء على هذا الواقع فإن على الشركات التونسية أن تبادر بإنشاء مجمعات وتكتلات تمكنها من التزويد الخارجي بأقل التكاليف والترويج لعلامة مشتركة في الاسواق التصديرية؟ ولزيت الزيتون المكانة الاقتصادية والاجتماعية الهامة عبر النشاط في مجاله، ويساهم بنسبة 6 فاصل 4 بالمائة من قيمة إنتاج قطاع الصناعات الغذائية، وبنسبة 43 بالمائة من قيمة الصادرات الغذائية، إلى جانب 8 بالمائة من قيمة الاستثمارات الجملية في القطاع. كما أن نسبة الزيوت الرفيعة منه قد بلغت معدل 63 بالمائة من الزيوت المنتجة. حول صندوق زيت الزيتون المعلب تم الانطلاق الفعلي في هذا الجانب بداية من سنة 2007، وذلك بتفعيل آليات صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب. كما شهد القطاع بعث قناة صلبة من المصنعين. وواصل صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب تمويل العمليات ذات المصلحة العامة الرامية إلى مزيد التعريف بالمنتوج التونسي وبرامج الاشهار والتسويق للمؤسسات الخاصة. وقد تميزت هذه السنة بتطور نسق تدخل هذا الصندوق، حيث تمت المصادقة على مبلغ بقيمة 905 آلاف دينار لانجاز عمليات اشهارية وترويجية، كما تمت مبادرات بخصوص تسجيل زيت الزيتون التونسي ووضعه عند الترويج تحت علامة خاصة. وبقدر ما تمثل هذه المبادرات خطوات هامة على درب حماية الانتاج التونسي والتعريف بمصدره وتروجه بشكل يتماشى وقيمته، فإن الخطوات في مجال التعليب تبقى بطيئة لحد الان، وذلك مقارنة بقيمة الانتاج، كما أن الانصهار في الاسواق العالمية عبر علامة تونسية من المسائل الهامة والاساسية التي يتوقف عليها الارتقاء بقيمة الصادرات التونسية من زيت الزيتون.