عرفت علاقتك باتحاد الكتّاب محطات عديدة بين مدّ وجزر؟ - ان علاقتي بالاتحاد بدأت قبل ميلاده بأشهر قليلة أي عندما كان مجرد فكرة في أذهان بعض الكتّاب وقد عشت ارهاصات ميلاده من الداخل وتم اقصائي ذات مرة بسبب مشاكستي لاول مرشح لرئاسة الاتحاد انذاك.. وأقدمت في
الدورة الثانية او الثالثة على الترشح للهيئة المديرة ونجحت بالتوازي في الأصوات مع الاستاذ رياض المزوقي ولانه يكبرني سنا فقد كان الأجدر باحتلال المرتبة العاشرة في قائمة الهيئة المنتخبة.. وحتى عندما هاجرت الى باريس تواصلت علاقتي بالاتحاد عبر الرسائل والمكالمات الهاتفية مع محمد العروسي المطوي والميداني بن صالح رحمهما الله ثم توطدت مجددا بعد ان عدت الى ارض الوطن وعملت في الحقل الاعلامي اذ توليت تغطية مختلف أنشطته وحاورت ضيوفه الأجانب وشاركت في بعثاته كصحفي وكشاعر لذلك وجدت ترحيبا كبيرا من لدن الأعضاء عندما تقدمت ضمن قائمة العروسي المطوي لانتخابات اوائل الثمانينات وتواصل نشاطي ضمن هيئاته المديرة المتعاقبة على مدى سنوات وحتى عندما لم أكن في احدى الهيئات السابقة بما في ذلك الهيئة الحالية فانني لم انقطع عن زيارة الاتحاد والمشاركة في بعض الأنشطة لأنني أعتقد أن ذلك واجب تجاه المنتظمة يحتمه ايماني بأن العمل الجمعياتي لا يقتصر على أعضاء الهيئة المديرة وحدهم بل يجب على جميع الأعضاء تسجيل حضورهم الفاعل في المركز او في الفروع داخل الجمهورية وبذلك فقط نضمن نشاطا دؤوبا ومتنوعا لهذه المنظمة الوطنية التي تبقى ملاذنا ومنارتنا المضيئة العالية خلال مؤتمر 2005 تم اقصاؤك.. ورغم ذلك نجدك اكثر اصرارا اليوم على الترشح في المؤتمر القادم؟ تعرف انت شخصيا كما يعرف الكثيرون انه كان بامكاني ان أكون ضمن عنصر الهيئة المنتخبة لو انني بذلت جهدا بسيطا، واتحدى من يقول انني اتصلت به يوم المؤتمر وطلبت منه ان يرشحني ومع ذلك فزت ضمن ثلاثي الاحتياط الذين كان اثنان منهم مرشحين ضمن القائمة الفائزة وانني احمد الله على هذه النتيجة. اما عن ترشحي هذه المرة فقد جاء بعد اتصالات كثيرة مع العديد من الأصدقاء في تونس الكبرى وداخل الجمهورية يؤمنون بتجربتي ويقدرون تضحياتي لاني اقدمت في كثير المرات على خلاص وفاتير الاخرين احيانا عن قناعة واحيانا اخرى عن طيبة قد تبلغ حد الغباء وقد تصارعت مرارا بطريقتي الخاصة مع المرحوم الميداني بن صالح لاثنيه عن بعض المواقف المتطرفة وافلحت في ذلك وحتى عملية الطرد التي يتحدث عنها البعض امكن لي اقناعة بالعدول عنها نهائيا ومن أغرب ما حدث في الأثناء انه في اجتماع الهيئة المديرة الذي كان من المقرر ان يتم التنصيص فيه عن قرار التراجع تم ضرب الكاتب العام من قبل أحد الأعضاء وقد كان حادثا مؤلما جدا اذ فاجأنا الكاتب العام بالدماء تنزف غزيرة من انفه ولوح ليلتها بالاستقالة من الهيئة المديرة نهائيا هل تتوقع مفاجات في المؤتمر القادم؟ اعتقد انه سيكون من أفضل المؤتمرات السابقة لأسباب كثيرة اهمها ان الوعي الانتخابي لدى غالبية الأعضاء قد تشكل بالقدر المطلوب وهؤلاء يميزون بين الغث والسمين ويعرفون من هو الأقدر على خدمة المنظمة وتقديم الاضافة الممكنة وعلى حسن الاصغاء لمشاغل الاعضاء ومن يتمتع بمصداقية وليس له طموح غير اسناد عمل الجماعة للتموقع بندية وشموخ ضمن مكونات المجتمع المدني. هناك حديث عن «اجماع» حول قائمة لها حظوظ وافرة للفوز بكامل مقاعد المكتب القادم.. ما هو تعليقك؟ ثبت بالتجربة ان العمل ضمن قائمة متجانسة يؤمن افضل النتائج وخاصة في الدورة المقبلة اذ تدل المؤشرات على أن القائمة التي تعنيها ستتمكن فعلا من تجاوز معوقات القائمات السابقة مثل الحكم الفردي واستعمال ما اصطلح على تسميته «اللهبيات» (1) وكذلك تشكل الهيئة الحالية في اغلبيتها من اعضاء يقيمون بعيدا عن العاصمة وهذا سبب رئيس من اسباب ضعف ادائها لذلك انا متفائل جدا بان القائمة المرشحة للفوز ستكون فعلا قائمة المستقبل. (1) «اللهبيات» عبارة كانت متداولة بشكل كبير في عهد الراحل الميداني بن صالح الهادي التليلي «بديلي هيئة منتخبة وإدارة قارة» ** لو سألتك لماذا ترشحت.. ما جوابك؟ إنني أملك اقتراحا عمليا للارتقاء بأداء اتحاد الكتّاب، هذا البديل ينطلق من محاولة الحفر في سؤال ما الذي ينقص الاتحاد حتّى يتحول إلى ذات جمعياتية ومنظماتية مهيبة الجانب يكون فيها لكل كاتب الدور الذي يقتضيه الواجب والتاريخ.. هذه المحاولة حملتني إلى محاولة قراءة الجسد التنظيمي والتوقف على العقل الاداري المسيّر وهو ما ترجمته في وثيقة مرجعية أطلقت عليها «اتحاد الكتّاب التونسيين بدائل ووسائل» ويمكن اختزال هذه الوثيقة التي لا تتجاوز الثلاثين صفحة في نقاط من أبرزها: الشكل التسييري المعمول به والذي لا يتلاءم ومقتضيات العصر ويعد السبب الرئيسي في انزياح الاتحاد عن مساره رغم اجتهاد الهيئة المديرة نظرا لكون الهيئة المنتخبة المسيرة للاتحاد والتي تقوم على شؤونه متركبة من كتّاب ومبدعين والحال أنّ التسيير مهمة ادارية وان كان جانب التصورات في اتحاد الكتّاب مسألة لا غنى عنها. وحتّى يصبح أداء اتحاد الكتّاب أفضل لابد من الانتقال من التسيير الاحادي الطرف الى تسيير مزدوج الطرف الاول منتخب من الكتّاب اما الطرف الثاني فهو اداري حرفي على غرار سائر الاتحادات والمنظمات والهيئات والجمعيات.. ** كيف هي علاقتك بالاتحاد وهيئته المديرة الحالية والسابقة؟ احترم جهد واجتهاد الهيئات السابقة اني اعتبر اي كاتب مهما كانت ميولاته يستحق التحية في عصر عزّت فيه الرغبة في القراءة والكتابة. وأرى في من سبقوا شموعا مضيئة وأعني هنا محمد العروسي المطوي والميداني بن صالح وصلاح الدين بوجاه مناضلين يستحقون التحية على ما بذلوه من جهود. ولكن اختلافي ليس مع اشخاص وانما مع عقلية تسيير أرى لها بديلا يضمن سمو المبدع وترفعه عن كل ما يشوبه ويحفظ له وقتا يكفي للابداع والكتابة. ** وما هي مقترحاتك لتحقيق ذلك؟ هذا متوفر في الوثيقة السابقة الذكر دون أنّ تكلف الاتحاد شيئا بل توفر مداخيل اضافية وشبه قارة لهذا الهيكل ويشمل ذلك النشاط والمجلة والمؤتمر والعمل الاداري ويضمن للاتحاد أنّ يعوّل على ذاته ويمكن من تشغيل عدد من المبدعين ويؤسس تحالفا بناء مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث دون أنّ يكون عالة عليها ** هناك اشكالية من المتوقع أنّ تشهد نقاشا «ساخنا» في المؤتمر واعني بذلك دعوة الكثير من الأعضاء الى ضرورة أنّ تكون تركيبة المكتب القادم مؤلفة من اعضاء مستقرين في تونس الكبرى؟ لا اعتقد أنّ هذا الرأي سيناقش في المؤتمر القادم اننا نعيش عصر تطور وسائل الاتصال وبالتالي يمكن للهيئة المديرة للاتحاد التواصل متى أرادت دون عناء سفر وتكاليف اقامة خاصة اذا كانت للاتحاد تركيبة ادارية متجانسة وثابتة وعصرية. سامي السنوسي «تحيين القانون الأساسي والنظام الداخلي للاتحاد ضرورة ملحّة» لماذا ترشّحْتَ خاصّةً وقد عبّرتَ ضِمْنيّا عن عدم رغبتك في ذلك؟ صراحةً، لم يكن واردا في ذهني الترشّحَ هذه المرّة لأسبابٍ مختلفة أهمّها يأسي مِنْ حالة اتّحاد الكُتّاب الغارقة في لُبْسِ القوانين وتَعارُضِها، ولُبس العلاقة بين أصحاب القرار والمنخرطين. في الأخير، اخترتُ الترشّحَ معتبرا المؤتمرَ القادم الفرصة الأخيرة لِينهض الإتحاد مِنْ سباته ويُصبحَ فِعْلاً، رافدًا مهمّا مِنْ روافد المجتمع المدني، مُساهما في تأسيس ثقافة تونسيّة قائمة على الحوار واحترام الاختلاف في الرأي والخضوع لسلطة وعلويّة القانون. وبقطع النظر عن صعودي إلى عضويّة الهيئة مِنْ عدمه، حان الوقت لِيصعدَ الشبابُ في هذا الإتحاد الهرم إلى دفّة التسيير لِضخّ دماء جديدة فيه وأفكارٍ أخرى ذات مصداقية تجمع بين التنظير والمُمَارسة، قائمة على الوسطيّة، خاضعة للقوانين المُنَظِّمَة داخل الإتحاد (ولا أقصد هنا القوانين الحاليّة) دون "شَخْصَنَتِهَا" ودون المَسّ مِن أعراض الذين نختلف معهم. في هذا الإطار، يتنزّل ترشّحي الفرديّ والمُستقلّ. الهدف الرئيسي والأوّل الذي أطمح إلى تحقيقه خِدمةً للمُنخرطين، هو تَحْيِين القانون الأساسي والنظام الداخلي خاصّةً، بِما يقطع الطريق أمام كلّ التجاوزات الممكنة سواء من طرف الهيئة المديرة أو من المنخرطين. وفكرتي في الشأن،هي دعوة المُؤْتَمِرين في الجلسة العامّة وهي أعلى سلطة في الإتّحاد وقبل المرور إلى العمليّة الانتخابيّة، إلى إلزام المترشّحين الذين سيصعدون إلى الهيئة بالدعوة إلى جلسة عامّة استثنائية في ظرف سنة من تسلّمهم مهامّهم، لعرض مشروعهم لتنقيح قوانين الإتحاد والتنصيص على ذلك صراحة في اللائحة العامّة للمُؤتمر.فتوضيح العلاقة بين الهيئة التّسييرية والمنخرطين هي المسألة العاجلة التي بدونها لن يستفيق الإتحاد من سباته.ومن المفارقات الغريبة/القريبة والسّريالية داخله أنّ كل هيئة يقع انتخابها من المفترض حصولها على ثقة الأغلبيّة وصعودها دليل على ذلك، لكن بعد أيام قليلة من المؤتمر تتوتّر علاقتها مع المنخرطين. اعتقد أنّ المشكلة تكمن أساسا في غموض العلاقة القانونية بين كل الأطراف. إذا توضّحت هذه العلاقة، وبصراحة أكثر،إذا ألزمت اللائحة العامة المترشّحين بما ذكرتُ سابقا، سنغادر نهائيا أزمة 2003 المتواصلة إلى اليوم. وعندها سيصبح صعودي إلى الهيئة أو عدمه، مسألة ثانويّة فخدمة الإتحاد في هذه الحالة ستصبح واجبا مُحَبَّبًا سواء كنتُ في موقع القرار أو ضمن القواعد.هذا هو مشروعي الأساسي الذي اعتبره الباب الوحيد الذي يؤدّي إلى مصالحة حقيقية وذات مصداقيّة. مع ذلك، مازلتُ أحلم ببعض التفاصيل البسيطة رغم أنّ بعض الأصدقاء يرونها غارقة في المثاليّة: أن تلتزم الهيئة المقبلة بفسح المجال للمنخرطين في حالات السفر إلى الخارج فلا يسافر منها إلاّ عضو واحد لتمثيلها قانونيا. أن يلتزم أعضاؤها بالتنازل عن مستحقّات الندوات والأمسيات والمؤتمرات للاتحاد وخاصة لأصحاب الحالات الاجتماعيّة الصعبة...أن تلتئم كلّ الاجتماعات داخل المقر والفروع لا في المطاعم والنزل... أن تطالب بتمثيل كامل للاتحاد داخل المجلس الأعلى للثقافة وكل اللجان القطاعيّة ذات الصّلة... أن يصبح العمل الإداري اليومي شفّافا، كتعليق أسماء المنخرطين الجدد في مكان واضح من المقر مع ذكر الأسباب القانونية لذلك فالانتماء للاتحاد شرف وليس مِنَ المَنّ الانتخابي. لماذا أكّدتَ ترشّحك بصفة فرديّة ورفضت الانضمام إلى قائمتيْن على الأقل رغم أهمية الأصوات التي من الممكن أن تُضاف إليك؟ هل أنت خارج اللعبة الانتخابية وغير معني بالنتائج؟ أوّلا، أغلب المترشحين هم من أصدقائي وأساتذتي الأجلاّء واحترمهم جيدا، واختلافي معهم لا يفسد للودّ قضيّة. فمنهم من كان معي في عريضة ال 102 في أزمة 2003، ومنهم من كان داخل الهيئة آنذاك. ثانيا، اللعبة الانتخابية ليست عيبا ولا جرما، فمن حق كل مترشّح الدفاع عن حظوظه والقيام بتحالفات في نطاق ما يسمح به القانون .أعرف جيدا أنّ عدم انضمامي لأيّ قائمة سيضعف من حظوظي، ما المشكلة؟. تاريخ الاتحاد أثبت أنّ كل قائمة تنجح في الصعود ولكنها لا تحقق شيئا للكتّاب وتنتهي إلى انقسام داخلها. السبب هو أنّها غير متجانسة وتَشَكُّلها كان لغايات قصيرة المدى لا تتجاوز أروقة المؤتمر الانتخابي. لكلّ ذلك، أنا خارج اللعبة الانتخابية ولست معنيا بالنتائج، والصعود إلى الهيئة لا يمثّل لي هَوَسًا كغالبيتهم. عرفت علاقتك بالاتحاد مطبّات وتوتّرات سابقة بدأت بعريضة ال 102 التي ارسلت إلى الاتحاد قانونيا باسمك الشخصي، ثمّ مرت إلى المحاكم لتنتهي بعودتك في المؤتمر الفارط مع المستقيلين والمطرودين. ما الفرق بين تلك المرحلة والحالية؟ الجلسة العامة هي التي أعادتنا وهي أعلى سلطة داخل الاتحاد ولم يترشح أحد منّا لنثبت أنّ اختلافنا قانوني بحت.ترسّبات تلك المرحلة، للأسف، ما زالت قائمة والهيئة الحالية وإن لم تكن طرفا آنذاك فإنّها بخمودها أبعدتنا وأعجبها الوضع فحافظت عليه، متنصِّلةً من برنامجها الانتخابي الذي صعدت به إلى دفّة التسيير. أتمنى على الأقل، أن تكون طرفا محايدا بين كل المترشحين خاصة وأنّ بعض الأعضاء جددوا ترشحهم. ومن غير المعقول أن تكون حكما وطرفا في نفس الوقت. شخصيا، رفضتْ الهيئة مدّي بقائمة المنخرطين وهو حقّ تكفله قوانين الاتحاد وسأعتبر هذا الرفض اجتهادا منها حتى لا أمرّ إلى تأويل آخر.. ماذا تنتظر من المؤتمر القادم وكيف ترون آفاق الاتحاد بعده؟ مازلتُ مصرّا على أنّ انتظاراتنا مرتبطة بالمسألة القانونية، لو أصبحت واضحة ستكون الانطلاقة الحقيقية للاتحاد بقطع النظر عن أسماء الصاعدين إلى دفة التسيير. عندها فقط ستنتهي العلاقة المتوترة دائما بين الهيئة والمنخرطين. فالأولى ستتمكن من القيام بمهامها كاملة بكل ما تملكه من سلطة تسييرية بحكم القانون دون أن تتجاوز ما أُعطِي لها من صلاحيات وهو ما يعطيها شرعية أمام المنخرطين، لينخرط الجميع في العمل، كلّ من موقعه، من أجل تحقيق الأهداف المرسومة أهمّها إعادة الإشعاع للاتحاد ليأخذ مكانه الطبيعي ضمن منظومة المجتمع المدني. أمّا إذا بقي الغموض يلف القوانين المُنَظِّمَة للنشاط داخله، فلا يمكن انتظار أيّ شيء.و في الأخير، أتمنى أن تدور فعاليات المؤتمر في كنف الاحترام والتشبع بروح الكاتب القائمة على الوسطية وحق الاختلاف وحرية الرأي في إطار الخضوع للقوانين.