تونس - الصباح: تجلس في مقهى في فضاء عائلي ليس سياحيا ولا مطلا على البحر ولا يقدم لك الفضاء أية امتيازات أو إضافات... غير أن التعريفة المعتمدة لا تخلو من كل أصناف الإضافات غير المقنعة وغير المبررة - طبعا في نظرك - لأن صاحب الفضاء يمطرك بوابل من التبريرات حول الترفيع في الأسعار... تبدو له وجيهة ومنطقية. هذا السيناريو ليس بالجديد لكن الجديد في الأمر وأن حمى الترفيع في الأسعار طالت حتى الفضاءات التي كانت بالأمس تعد شعبية بين قوسين بمعنى أنها لا تقع مثلا في مناطق سياحية أو في فضاءات راقية على غرار فضاء البحيرة أو النصر وهي أماكن كانت تتميز ولا تزال باعتماد تعريفات خاصة وأحيانا خاصة جدا يوظف فيها الآداء على القيمة المضافة ونسبة خاصة بالمكان الذي تجلس فيه ونسبة أخرى للتنشيط الموجود في المقهى... الخ رفقا بجيب المواطن واليوم انتقلت بعض هذه المظاهر الى المقاهي والفضاءات الترفيهية الأخرى وعلى سبيل المثال نذكر أحد الفضاءات العائلية الواقعة على مستوى أحياء المروج والتي أخذت أسعارها منحا تصاعديا بشكل لافت حتى في المشروبات الساخنة العادية والتي من المفروض أن لا تتجاوز أسعارها سقفا معينا، «فالديراكت» مثلا يصل سعرها إلى 2دينار!! وأكثر أحيانا، وهو ما لا يقبله العقل بالنظر الى مكونات هذا المشروب وكلفة تحضيره التي لا تتعدى قليلا من الحليب (الممزوج بالماء في أغلب الأحيان؟؟) والقهوة... لكن صاحب الفضاء أو المقهي يبرر السعر الذي يعتمده مرة لأنها ليست «ديراكت» عادية بل هي ايطالية وأحيانا تركية أو ربما شامية أو صينية وهلما جرا من التسميات المختلفة والمتنوعة رغم أن المكونات نفسها والطعم واحد. تبريرات جديدة أصبحن نسمعها اليوم حول هذه الأسعار غير العادية من قبيل ارتفاع أسعار الحليب مرات متتالية في الآونة الأخيرة وآخر التبريرات وليس أخيرا الظروف الاقتصادية والأزمة المالية العالمية...؟؟ ومهما اختلفت التبريرات في نظر أصحاب الفضاءات الترفيهية والمقاهي يبقى جيب المواطن المتضرر الأساسي. دور المراقبة في مرات عديدة وجد المرء نفسه من مناصري الرأي القائل بأن ردع التجاوزات والمخالفات المتعلقة بالترفيع في الأسعار هو بالأساس دور المواطن للاحجام عن التردد على الأماكن التي لا تحترم التعريفات والأسعار المعقولة حتى لا نقول المضبوطة، غير أن انتشار ظاهرة عدم الالتزام بالأسعار المضبوطة والتفنن في توظيف معاليم اضافية وحاجة المواطن الى الترفيه عن نفسه ولو بالجلوس بعض الوقت في مكان عام لاحتساء قهوة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء والعائلة وهو أضعف الإيمان عند الحديث عن الحق في الترفيه لأن المواطن التونسي ليس قادرا اليوم على برمجة رحلة سياحية عائلية أو قضاء عطلة نهاية أسبوع في فندق - فهنا أيضا يكتوي بنار الأسعار -. أمام كل ما ذكرنا قد تسقط نظرية الدفاع الذاتي ضد الغش والترفيع في الأسعار وتحل محلها دعوة المراقبة الاقتصادية للعب دور أكبر في التصدي لموجة الترفيع في الأسعار في المقاهي والفضاءات الترفيهية على الأقل في بعض المشروبات التي يقع تحديد هامش الربح فيها.