عبر الهاتف اختلط صوتها بصوت القصف الاسرائيلي المستمر على غزة منذ عشرة ايام حاولنا الاتصال بها لاحقا فبكت بحرقة وهي تردد ان ما تتناقله مختلف الفضائيات عما يحدث في غزة لا يكاد يقارن بالواقع الميداني وبحالة الرعب والخوف التي فرضتها الحرب الثانية على غزة وهي الحرب النفسية ليلى العياري الهدمي تونسية تقيم في غزة منذ سنة 2000 وهي ام لاربعة اطفال: لانا البالغة من العمر سبعة عشر عاما وهبة طفلة الثلاثة عشر عاما ومحمد طفل في العاشرة من العمر اما رابعهم فهو في تونس. تقول ليلى ان في غزة نحو عشر عائلات تونسية كانت على اتصال ببعضها البعض قبل الحرب، اما الان فان مجالات الاتصال لم تعد ممكنة الا مع خمس من هذه العائلات بسبب تعقيدات الوضع والمخاطر التي يمكن ان تحصل في حالة المجازفة بالخروج.. وتضيف بانه لا مجال الان للتفكير بالمغادرة ولا مجال للاتصال او التنسيق مع هيئات الصليب الاحمر.. وتقول ليلى "لا يمكنني ان اغامر او اخرج لوحدي واذا لم يكن هناك تنسيق دولي فلا مجال للخروج" وتضيف انا تونسية ابا عن جد واعاني من الغدة الدرقية وكنت طلبت قبل الحرب امرا بالمغادرة من اجل العلاج...». تقول ليلى ان ما يحدث في غزة مجزرة بكل معاني الكلمة وان ما تنقله الفضائيات لا يعكس حقيقة ما يحدث على الارض.. وتضيف نحن وعائلاتنا واطفالنا محطمون نفسانيا وننتظر ان تفتح امامنا المعابر للخروج الى مكان امن فالقصف المستمر ليلا ونهارا والرعب الساكن في نفوس الاطفال والحرب المفتوحة ضد المدنيين العزل، تجعلنا في وضع لا نحسد عليه.. قبل ان تضيف بان السفارة التونسية على اتصال دائم بالجالية التونسية ولكنها اليوم توجه عبر منبر "الصباح" رسالة الى السلطات التونسية بان هناك في غزةتونسيون تحت القصف. وتضيف انها لا تزال تذكر انه عندما وقع اجتياح الكويت كانت الجالية التونسية الجالية العربية الوحيدة التي امكن لها المغادرة بكرامة انذاك وكنت افخر ولا ازال بان تونس لم تتخل عنا واليوم اقول انا ام تونسية وام فلسطينية في ذات الوقت واخشى على اطفالي ولا اريد ان اكون عبئا اضافيا على الفلسطينيين الذين فتحوا لنا قلوبهم، تكفيهم اليوم اعباؤهم ولا ادري إذا عندما تنفذ المؤونة التي نعيش عليها هل يتعين علي ان اضيف باعبائي على الفلسطينيين؟.. وقبل ان تفسح المجال لهبة لتحدثنا بصوت البراءة عما تشعر به في تلك اللحظات قالت ليلى "اتمنى ان يصل صوتي الى من يهمهم الامر وان نتمكن من المغادرة كما غادرت من قبل جاليات تحمل الجنسية الكندية والامريكية والروسية وغيرها". بدورها قالت لانا بلهجة فلسطينية "عايشين بخوف ورعب وما فيش عنا اكل وانا انتظر السفير لياخذنا" وهو ما وعدنا به لانا وما قمنا به لاحقا.. وفي اتصال مع السفير التونسي السيد احمد الحباسي قال ان كل الجالية التونسية بخير وان عدد المرسمين لدى القنصلية يبلغ 330 بين نساء واطفال وشباب واشار السفير بقوله الى ان السفارة التونسية وطبقا لتوصيات رئيس الدولة على اتصال دائم مع الجالية التونسية في فلسطين وانه تم وضع خط مباشر على مدار الساعة للتدخل عند الضرورة وفي أي وقت.. وقال السيد احمد الحباسي ان الوضع خطير ولكن السفارة على اتم استعداد للتدخل في الحالات الخطيرة واوضح انه تم حتى الان التدخل لاخراج مواطنة تونسية ونقلها الى موقع اخر بسبب حالتها النفسية المتردية حيث ساعد الاجوار على نقلها الى مكان اكثر هدوءا واشار السيد احمد الحباسي الى ان الناس يعيشون اوقاتا عصيبة وان الاطفال يعيشون حالة من الرعب والخوف وان القصف شديد وانه ليس من السهل حتى على الصليب الاحمر الدخول الى غزة اما عن امكانية اجلاء الجالية التونسية فقال السيد احمد الحباسي ان الامر ليس سهلا فالحدود مغلقة ولم يغادر احد من الجاليات الجزائرية او المصرية او المغربية غزة وان الروس خرجوا مع بداية القصف قبل استفحال الاوضاع.