من المفارقات أن يجد مجلس الأمن الدولي تعلات «مقنعة» لتأجيل التصويت على مشروع قرار عربي يهدف إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة خصوصا أن أعضاء المجلس اجتمعوا في نفس الوقت الذي كانت فيه إسرائيل توجه صواريخها وقذائفها المدفعية بطريقة عشوائية نحو مباني الفلسطينيين وفي نفس اليوم الذي شهد من الفظاعة والبشاعة ما كان يفترض أن يؤدي إلى تحمل المجلس مسؤوليته. وقد اتضح أن أعضاء فاعلين في المجلس يهمهم كثيرا تواصل العدوان الإسرائيلي على أمل تحقيق جيش الاحتلال مكاسب على الميدان تتمثل بالأساس في ضرب البنية العكسرية لحركة «حماس» وغيرها من التنظيمات الفلسطينية الناشطة في القطاع ولا شك أن الذاكرة تعود بنا إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان في صائفة 2006 عندما حاولت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بكل قواهما افشال أية محاولة لتحقيق وقف إطلاق النار ووقف المجازر الإسرائيلية. وفي انتظار «تكرّم» مجلس الأمن بالمصادقة على مشروع قرار لوقف إطلاق النار تبرز المبادرة المصرية الفرنسية (أو المصرية التي وافقت عليها فرنسا!) التي يرجى منها التوصل إلى جملة من الحلول على مراحل بداية بهدنة مؤقتة ووصولا إلى مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية برعاية مصرية. ولعل سؤالا يطرح نفسه بخصوص تلك المبادرة وتحديدا احتمال احداثها تشويشا على عمل مجلس الأمن ربما يعطي ذريعة للمجلس لكي يؤجل المصادقة على مشروع القرار العربي ويمكن إسرائيل من مواصلة عدوانها وهو ما ترغب فيه ومن ورائها الادارة الأمريكية حتى إن الاجتماع المصغّر للحكومة الإسرائيلية أمس قرر مواصلة العمليات العسكرية وتوسيعها بما يعطي انطباعا عن وجود طبخة ما سيكون الفلسطينيون في غزة أكبر المتضررين منها. لقد أفرغت الولاياتالمتحدة بضغوطها في مجلس الأمن الشرعية الدولية من جميع مدلولاتها كما أن تساؤلات تطرح بالحاح حول دور روسيا والصين وهما عضوان دائمان في إعادة الاعتبار لهذا الهيكل الأممي. فكيف يمكن توقع أن يجد الشعب الفلسطيني انصافا من مجلس اعتاد على رفض إدانة إسرائيل مهما كانت فظاعة جرائمها في حق جيرانها؟.. وهل ستحدث المبادرة المصرية الفرنسية معجزة في سياق تعاظمت فيه مشاعر الكراهية بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ يتعين الانتظار... والانتظار بالتأكيد ليس في صالح فلسطينيي غزة الذين تواصل الآلة العسكرية الإسرائيلية استهدافهم على مرأى ومسمع من العالم.