انتصر منطق القوة مرة أخرى على قوة المنطق.. وسيطر قرار العسكريين على تحركات الديبلوماسيين والسياسيين.. رغم مرور حوالي اسبوعين كاملين على بدء العدوان الاسرائيلي الشرس على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في عطل اعياد راس السنة.. وتتواصل المعاناة الانسانية في غزة في ابشع صورها.. بسبب سقوط حوالي ألف شهيد وآلاف الجرحى.. جروح بعضهم خطرة جدا.. ويرجح أن يصاب قسم منهم باعاقات مزمنة.. خاصة أنهم لا يزالون محرومين من فرص العلاج اللائق.. وفيما يحرم الاطباء العرب والاجانب وطواقم المساعدات الطبية الدولية من دخول غزة لدعم مستشفياتها وطاقمها الطبي المنهك.. في الاثناء اثبتت الاممالمتحدة مرة أخرى أنها اسيرة ضغوطات سلطات الاحتلال الاسرائيلي وحليفاتها في واشنطن وبعض العواصم المتواطئة معها في صمت في أوروبا وآسيا.. مثل الصين واليابان.. وبالرغم من محاولات عدد من الدول العربية والاسلامية والافريقية والامريكية اللاتينية وقف المذبحة وقع تعطيل مشروع القرار الاممي الداعي الى وقف اطلاق النار.. الذي كان يفترض ان يصدره مجلس الامن بسبب اللاءات الاسرائيلية والامريكية.. لقد استخدمت واشنطن "الفيتو" (حق النقض) من قبل 82 مرة، تعبيرا عن تحالفها اللامشروط مع سلطات الاحتلال الاسرائيلية.. وافشلت مشاريع قرارات سلام اخرى بالجملة.. فيما خاضت حربها ضد العراق في 2003 رغم اعتراضات الاممالمتحدة وتلويح الرئيس الفرنسي انذاك جاك شيراك باستخدام بلاده حق النقض لمنع اصدار قرار يشرع الحرب.. ان ما يجري في مقر الاممالمتحدة منذ مدة رغم جهود الامين العام بان كيمون السلمية يشرع لقانون الغاب.. وللفوضى والتسيب ومزيد من العنف.. ان الخاسر الاكبر من الضوء الاخضر العلني الذي تقدمه الادارة الامريكية للمذبحة الاسرائيلية في غزة.. والعدوان على المدنيين والعاملين في المؤسسات والمدراس الخيرية الاممية والمستشفيات وسيارات الاسعاف والمدارس والجوامع والجامعات.. هم المؤمنون بقيم التسامح والحوار والاعتدال.. لقد منعت اسرائيل المراسلين الغربيين والاسرائيليين من الدخول الى قطاع غزة قبل العدوان بمدة طويلة حتى لا يكون هناك شهود على الجريمة.. لكن الفضائيات العربية والمراسلين العرب نجحوا في ان ينقلوا الى العالم جانبا من صور المذبحة.. التي جاءت بعد أكثر من 60 عاما من الاحتلال وعشرة اعوام من الحصار الجائر وعامين من التجويع والتصعيد في اشكال القمع.. لكن الصور التي تنقل الى العالم عن تلك الاحداث مأساوية ومفزعة.. ولن تساعد أبدا انصار السلام والتعايش الحقيقيين.. انها اخطار اكبر بكثير من العدوان على ملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة..