تتواصل في عاصمة الكويت الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية التي تبدا يوم الاثنين بمشاركة الرئيس زين العابدين بن علي ووفد تونسي كبير والغالبية الساحقة من القادة العرب وعدد من أبرز أعضادهم.. هذه القمة كان مقررا أن تكون اقتصادية اساسا.. لكن الاوضاع الماساوية التي يمر بها الاشقاء الفلسطينيون في قطاع غزة المحتل فرضت على المؤتمر أجندا جديدة وملفات سياسية بالجملة ضمن القضايا التي تشملها محادثات المسؤولين الاول عن الدول العربية.. خلال الجلسات الرسمية للقمة وخلال المحادثات الثنائية والثلاثية التي سوف تنظم على هامشها. وبالرغم من حرص ديبلوماسية عدة دول عربية بينها تونس على تقديم المصلحة العليا للوطن العربي ومشاغل شعوبه الملحة وعلى رأسها انهاء الاحتلال الاسرائيلي ومقاومة الفقر والبطالة ومضاعفات الازمة الاقتصادية العالمية.. فقد برز قبل القمة تنافس غريب بين من يعقد القمّة قبل الآخر أو عوضا عن الآخر.. وهو سباق أوشك أن يغطي اعلاميا وسياسيا بسبب أولويات بعض العواصم العربية على العدوان الاسرائيلي الشرس في غزة.. والمذبحة التي يتعرض اليها الشعب الفلسطيني الاعزل أمام مراى من كبار صناع القرار في العالم.. إن القادة العرب والوزراء الذين يشاركون في الاجتماعات التحضيرية مطالبون بان يكونوا في حجم التحديات الاقليمية والدولية والمستجدات الراهنة.. وأن يستبقوا استلام الرئيس الامريكي الجديد أوباما مهامه عبر خطوات مهمة تفهم الادارة الامريكية القادمة جدية المطالب السياسية العربية والحاحها.. وعلى راسها تطبيق قرارات الشرعية الدولية فيما يخص انهاء احتلال اسرائيل لفلسطين وبقية الاراضي العربية المحتلة في 1967 وبينها الجولان السوري.. ان بعض المبادرات الديبلوماسية الصادرة من هنا وهناك تعطي انطباعا بانه لا تزال توجد عواصم عربية تفكر اساسا في توظيف القمم العربية ضمن اجندا محلية وللدعاية لمبادراتها.. وليس لانهاء معاناة الشعب الفلسطيني ومعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تنخر الوطن العربي وغالبية مجتمعاته.. وخاصة منها في البلدان غير النفطية.. ان الصراعات حول مكان القمة ورئاستها ومستوى المشاركة فيها مؤشرات تنذر مجددا بتعميق الشرخ داخل الصف العربي.. رغم اقتناع الجميع بمخاطر الانقسام وسلبياته وبانه اذا كان الانقسام الفلسطيني الداخلي خدم اجندا سلطات الاحتلال وتسبب في ايصال الشعب الفلسطيني إلى ما هو عليه الان من معاناة.. فإنّ الانقسام العربي سوف يحول دون أيّ دور عربي حقيقي فاعل ومسؤول يساعد على وقف مذبحة غزّة وانهاء الحصار الجائر وعلى تحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية ل300 مليون مواطن عربي.. كما تبين أن الدعوة الى قمّة استباقية قبل يومين فقط من عقد قمّة مقرّرة منذ عام لم يكن يستند إلى أي منطق مفهوم.. وقد رفضت تونس منطق المزايدات والسباق بين الاحداث مفضلة التمسك بقرارها المستقل وبمساندتها المبدئيّة للقضايا العادلة وفي مقدمتها قضيّة فلسطين.. وبقرارها المبدئي القديم بالمشاركة في قمة الكويت.. بعد أن تعذر عقد قمة طارئة خاصة بفلسطين مباشرة بعد بدء العدوان في 27 ديسمبر الماضي.. أي منذ 3 اسابيع كاملة.. ومهما كانت خلافات الامس القريب بين الاشقاء.. فان من مصلحة الجميع تفادي خيار المزايدات.. وتراكم "المبادرات التاريخية" والمرور الى الفعل.. من حيث تقديم الدعم المادي والسياسي اللازمين الى الشعب الفلسطيني.. وتكريس انتماء ال22 دولة عربية الى امة واحدة من خلال اقرار خطوات اقتصادية جدية تكرس تقاطع المصالح.. وتؤدي الى فتح الحدود وتحرير حقيقي لتنقلات المسافرين والسلع والبضائع.. على غرار ما حصل في الاتحاد الاوروبي.. الذي تستخدم شعوبه أكثر من 15 لغة.. وينتمون الى اديان ومذاهب وجذور عرقية مختلفة جدا.. كما ينبغي أن تسفر قمة الكويت عن تكريس وحدة الجبهة الفلسطينية عبر وفاق قد يكون من الضروري ان تسبقه مبادرات ثنائية وجماعية لتحقيق مصالحة بين بعض العواصم العربية المعنية مباشرة بالصراع العربي الاسرائيلي والفلسطيني الاسرائيلي.