تونس - الصباح على الرغم من مرور أكثر من عام على إعلان رئيس الدولة، عن قرار مراجعة أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب المتعلقة بالمجموعات البرلمانية، عبر النزول بعدد المقاعد المشترطة لتكوين مجموعة برلمانية من 10 إلى 5 بالمائة، فإن النظام الداخلي لمجلس النواب لم يطرأ عليه أي تغيير إلى حدّ الآن، على اعتبار أن اللجنة التي يفترض أن تضطلع بهذه المهمة، لم تجتمع ولم تنظر في هذا الموضوع، بما أطلق العنان للتساؤلات والتأويلات صلب بعض نواب البرلمان، خصوصا من بين المعارضة البرلمانية، التي عوّل بعضها على هذا التعديل لتشكيل مجموعة برلمانية من شأنها إدخال حراك على عمل النواب وعلى أداء المجلس بشكل عام.. وينص القانون الداخلي الحالي للبرلمان، على أن بوسع النواب من المنتمين إلى نفس الحزب، تشكيل مجموعة برلمانية داخل المؤسسة التشريعية، إذا ما توفرت على عشرة بالمائة من أعضاء المجلس.. ووفقا للتركيبة الحالية للأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن التجمع الدستوري الديمقراطي هو الحزب الوحيد الذي بوسعه تشكيل مجموعة نيابية إذا ما رغب في ذلك، باعتبار توفره على الأغلبية في مجلس النواب، حيث يحتل 80 بالمائة من المقاعد (152 مقعدا من مجموع 189 مقعدا)، فيما لا تتعدى نسبة تمثيل بقية الأحزاب المعارضة مجتمعة في البرلمان، 37 مقعدا.. حزبان معنيان من جهة أخرى، ينص النظام الداخلي على أن تشكيل المجموعات البرلمانية، يرخص فيه »للمنتمين الى نفس الحزب السياسي«، وهو ما يعني أن الأحزاب المعارضة، غير مؤهلة - بموجب هذا النظام الداخلي - لكي تكون لها مجموعات برلمانية.. إذ لا يتعدى أكبر حضور في المجلس النيابي، الأربعة عشر مقعدا، وهي مجموع مقاعد حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، لكن هذه النسبة لا تصل إلى معدل 10 بالمائة المنصوص عليها في النظام الداخلي (الفصل 28).. وبموجب القرار الرئاسي، فإن حزبين معارضين فقط من الأحزاب الممثلة في البرلمان لهما الحق في تشكيل مجموعة برلمانية، وهما حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، التي تملك 14 مقعدا، وحزب الوحدة الشعبية الذي يتوفر على 11 مقعدا.. وبعملية حسابية بسيطة، يمكن القول إن شرط الخمسة بالمائة الذي سيدخل على النظام الداخلي لمجلس النواب، يوفر للحزب، أي حزب، على 9.45 من النواب، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المجلس، يتوفر على 189 مقعدا، بحيث تكون نسبة 9.45 في المائة، هي الخمسة بالمائة الجديدة المزمع اعتمادها لتشكيل المجموعات البرلمانية.. وهو ما يجعل الحزبين المذكورين معنيين دون غيرهما من الأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، بهذا التعديل الجديد.. استفهامات .. وتوقعات.. وفي الواقع، فإن نص النظام الداخلي لمجلس النواب، لا يتضمن أي تفصيل بخصوص المهام الموكولة إلى هذه المجموعات البرلمانية.. فهو لا يتيح لها اقتراح مشاريع قوانين، أو تقديم اعتراض على مشاريع نصوص تقدمها الحكومة، كما لا يقدم فكرة عما إذا كان بوسع رؤساء المجموعات على سبيل المثال عضوية مكتب مجلس النواب، أم أن الأمر يقتصر على مجرد تشكيل المجموعة (الكتلة) البرلمانية فحسب.. ولذلك فإن تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، يبقى المهمة المستعجلة قبل الانتخابات المقبلة، حتى يتسنى لمجلس النواب أن يكسب بعض التقاليد من عمل هذه المجموعات البرلمانية، فيختتم السنة البرلمانية الراهنة بحراك يبدو المجلس في أمسّ الحاجة إليه، عسى أن يقضي على "الحسابات الانتخابية" لبعض النواب ممن لم يعد له حضور فاعل في المجلس منذ فترة بعيدة.. يذكر في هذا السياق، أن الفصول المضمنة في النظام الداخلي (الباب الخامس تحديدا)، تتحدث عن جملة من الترتيبات ذات الصبغة التنظيمية، بينها كيفية تكوين المجموعة وتوقيت الإعلان عنها صلب مجلس النواب، فيما تنص هذه الفصول على شروط الانخراط في المجموعة والموانع التي تحول دون التواجد في أكثر من مجموعة بالنسبة للنائب الواحد، إلى جانب شروط عقد الاجتماعات وغيرها من المسائل الفنية البارزة في هذا المجال.. فهل يسارع مجلس النواب إلى القيام بالإجراءات اللازمة للبدء في تعديل النظام الداخلي، أم يستمر التغاضي عن هذا الموضوع إلى ما بعد الانتخابات القادمة بما يجعله معطلا لنحو عامين كاملين تقريبا؟