إلى أين وصل برنامج تأهيل مسالك توزيع المنتوجات الفلاحية؟ تونس الصباح: ظاهرة أصبحت تبعث على الانشغال إذ أنها أضحت تثير غيظ جل تجار المنتوجات الفلاحية المشتغلين في إطار المسالك المنظمة وهي تتمثل في تنامي عدد الباعة العرضيين الذين ينتصبون بصفة فوضوية ويروجون شتى أنواع المنتوجات الفلاحية.. فكثيرا ما يرابط هؤلاء على مقربة من أسواق الخضر والغلال أو أمام متاجر بيع هذه المنتوجات ويعرضون بضائعهم بأسعار أقل من تلك التي يتعامل بها تجار المسالك المنظمة فيجلبون اهتمام الحرفاء ويستقطبون المتسوقين.. ولئن يساهم هؤلاء الباعة في التقليص من كلفة قفة المستهلك فإنهم يعتبرون كابوسا بالنسبة للتجار الحقيقيين.. وللحد من ظاهرة الانتصاب الفوضوي لباعة المنتوجات الفلاحية وما يخلفه من آثار سلبية على باعة التجارة المنظمة علمنا أن وزارة التجارة أولت مسألة تأهيل مسالك توزيع المنتوجات الفلاحية أهمية كبيرة.. وفي هذا الصدد كان السيد رضا التويتي وزير التجارة والصناعات التقليدية قد تحدث خلال الأسبوع الماضي في لقائه الدوري بممثلي وسائل الإعلام عن وجود برنامج متكامل لتأهيل هذه المسالك بهدف الحد من الانتصاب الفوضوي ولاحظ أن تجار السوق المنظمة في العديد من الأحياء يعانون من الكساد وذلك لأن المواطن التونسي يبحث عن السلع الأقل سعرا.. ولكنه لاحظ في المقابل تطور القطاع المنظم وتطور حصته وبين أنه لا يوجد تراجع لهذا القطاع بسبب ظاهرة الانتصاب الفوضوي وأكد سعي الوزارة لمواصلة تطوير التجارة الصغرى واستقطاب التجار الصغار للحد من تلك الظاهرة.. ويرمي برنامج تأهيل مسالك توزيع المنتوجات الفلاحية بالخصوص إلى تطوير الخدمات المسداة بمسالك التوزيع لتمكين هذه المرافق من الاستجابة إلى متطلبات السوق وتحسين القدرة التنافسية لقطاع الإنتاج وتعزيز حماية المستهلك وتدعيم قدرته الشرائية من خلال الضغط على تكاليف التوزيع وبالتالي الضغط على الأسعار. وتم وضع هذا البرنامج في شكل برنامج وطني يغطي الأربع منظومات المعنية ( الخضر والغلال واللحوم الحمراء ومنتوجات الصيد البحري ومنتوجات الدواجن) ينفذ على فترة المخططين 11 و12 للتنمية وفق تمش تدريجي يركز على الأولويات ويأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الجهات والموارد المتاحة. ويشمل هذا البرنامج كامل النسيج التجاري لمنتوجات الفلاحة والصيد البحري المتكون من حوالي 1130 وحدة ترجع بالنظر بالخصوص للجماعات المحلية وما يناهز 1.000 وسيط من وكلاء بيع وتجار جملة وأكثر من 31.000 نقطة بيع بالتفصيل. أما مكوناته الأساسية فهي تخص تأهيل البنية الأساسية والتجهيزات وتطوير أساليب التسيير والتصرف وتدعيم شفافية المعاملات بالأسواق إضافة إلى تثمين جودة المنتوجات من خلال تعميم اللف والتصنيف والاسترسال طبقا للمواصفات بما يضمن مزيد اندماج هذه المنتوجات في السوق العالمية وتنمية الصادرات. دراسات يتضمن القسط الأول من البرنامج الوطني لتأهيل مسالك توزيع منتوجات الفلاحة والصيد البحري لفترة المخطط 11 للتنمية 8 مكونات أساسية بكلفة جملية تناهز 183.1م.د تمول بالتناصف بين القطاع العام والخاص. وقد سجلت سنتي 2007 و2008 تعبئة جزء هام من الموارد المالية اللازمة إذ بلغت التعهدات ما قيمته 134.7م.د، أي بنسبة 74% من تقديرات المخطط 11 للتنمية من ضمنها توفير خط اعتماد بشروط ميسرة لفائدة البلديات في إطار التعاون الثنائي مع فرنسا بقيمة 28 مليون أورو (50م.د) لتمويل 144 مشروعا لفائدة 119 بلدية موزعة على كافة الجهات من أسواق جملة وأسواق تفصيل وأسواق دواب ومسالخ. كما سجلت سنة 2008 الشروع في الدراسات التنفيذية لإحداث القسط الأول من القاعدة التجارية ومركب اللحوم الجديد بتونس الكبرى والمقدرة تكلفتها الجملية بما يناهز 44 مليون دينار. وتبين معطيات الوزارة المتعلقة بهذا البرنامج أنه خلال سنتي 2007 و2008 تم تنفيذ استثمارات بقيمة 38.7م.د مع بعث 27 مؤسسة صناعية في اللحوم الحمراء والبيضاء وخلق حوالي 900 موطن شغل، وقد دخل البعض من هذه المؤسسات حيز الاستغلال. ينتظر أن تشهد السنة الجارية تعبئة الموارد المالية المتبقية وارتفاع نسق التأهيل بشروع البلديات في تنفيذ المشاريع الراجعة لها بالنظر والتي تمثل لوحدها 30% من أهداف المخطط 11 للتنمية. وفي مجالات تأهيل تجارة التوزيع والنقل المبرد للمنتوجات الفلاحية والمواد الغذائية، تم في إطار تنفيذ اتفاقية التمويل مع البنك التونسي للتضامن تمويل 1.792 مشروعا بكلفة جملية تناهز 14.4م.د مكنت من خلق 2.556 موطن شغل موزعة على مشاريع تأهيل تجارة توزيع المنتوجات الفلاحية والمواد الغذائية (2490 موطن شغل) والنقل المبرد للمنتوجات الفلاحية (66 موطن شغل). أهداف تضمن البرنامج الوطني لتأهيل مسالك توزيع منتوجات الفلاحة والصيد البحري إصلاحات جوهرية تتمثل بالخصوص في التفتح على أنماط التوزيع العصرية عبر المسالك المختصرة وتطوير نظام الأداءات والمعاليم المعتمدة داخل الأسواق في اتجاه توحيدها والتخفيض منها وتعصير طرق استخلاصها وتوزيعها وذلك إلى جانب مراجعة سياسة الأسعار وهوامش الربح وإيجاد صيغ لتحفيز المهنة بما يمكنها من مواكبة التطورات التي يشهدها القطاع. ولئن حددت روزنامة تحقيق هذه الأهداف النوعية في أفق 2016، فقد شرعت وزارة التجارة والصناعات التقليدية في تحديث التشريعات من خلال إعداد مشاريع لتنقيح قانون تجارة التوزيع وقانون مسالك التوزيع ووضع المخططات المديرية للمساحات الكبرى والمتوسطة ولأسواق الدواب والمسالخ وإصدار نصوص ترتيبية تكميلية في مجالات تنظيم قطاع الدواجن ومحيط حماية أسواق الجملة وفترات عمل أسواق الإنتاج وطرق التسيير والتصرف في الأسواق البلدية. كما شرعت الوزارة في تنفيذ برنامج دعم مؤسساتي مصاحب لبرنامج التأهيل يشمل عدة محاور من أبرزها وضع برامج تحسيسية وتكوينية للأطراف المتدخلة وإرساء منظومة الجودة والتصنيف لمنتوجات الفلاحة والصيد البحري في شكل شبكة إعلامية ومعلوماتية تربط مسالك التوزيع بالجملة بالإدارات الجهوية للتجارة وبالإدارات المركزية.