قد يكون الاوروفيزيون او سباق الاغاني الاوروبية اسهل طريق الى المشاهد الاوروبي ولكنه بالتاكيد اقصر طريق ايضا لتلميع صورة اسرائيل وازالة ما علق بايدي مسؤوليها السياسيين والعسكريين من اثاردماء ضحاياهم الفلسطينيين خلال العدوان على غزة... ومع ان اسرائيل التي نشات في قلب منطقة الشرق الاوسط ليست بلدا اوروبيا فقد ادرك الممسكون بخيوط اللعبة الاعلامية داخل اسرائيل وخارجها مبكرا اهمية هذا الحدث ولم يترددوا في استغلاله في كل المنابر خاصة بعد ان قرروا ان يكون لاسرائيل مشاركة يهودية واخرى عربية في المسابقة تقفان جنبا الى جنب لتقديم اغنية للسلام تحمل بين كلماتها الوجه الاخرالذي تريد اسرائيل تسويقه للعالم عن التعايش السلمي والتلاقح الثقافي بين اليهود وبين عرب اسرائيل... لقد كان بالامكان ان يكون للحدث وقعه خارج السياق الحالي بكل متناقضاته وبكل الوقائع الخطيرة التي فرضتها اسرائيل على الارض الواقع وكان بالامكان ايضا ان يشكل نداء السلام المشترك بين الفنانة المقدسية ميرا عوض وبين الاسرايئلية نيني وربما كان بالامكان ان يحظى بدعم واسع من المواطنين العرب الاسرائيلين. الا ان الحقيقة ان في الاهداف والنوايا والمخططات الخفية لما وراء الحدث ما يؤكد حرصا اسرائيليا لاقتلاع ورقة توت اخيرة لدرء سوءاتها المتكررة والمضي قدما في محاولات الابتزاز والتلاعب بالراي العام الدولي واللجوء في كل مرة الى ورقة معاداة السامية لابقاء الهولوكوست قائما في الضميرالاوروبي لا سيما بعد كل تلك الحملات والاصوات التي اطلقتها منظمات انسانية وحقوقية دولية تطالب بازاحة "الحصانة" عن اسرائيل ومحاكمة قادتها على مختلف انواع الانتهاكات التي خططوا لها ونفذوها... والحقيقة انه بين الة الحرب والدمار الاسرائيلية الممولة والمصنعة في الغرب وبين الة الدعاية النافذة للاحتلال اكثر من سر دفين قد لا يقدر على فك الغازه ولا فك الترابط والتناسق الغريب بينهما امهر صناع ومسوقي محترفي برامج الدعاية الاعلامية التي اتقن فنونها الاسرائيليون بل ونجحوا في السيطرة على دوالبيها في مختلف عواصم القرارفي العالم لتكون سلاحهم الى عقول وقلوب الغرب في الوقت الذي تتجه فيه اسلحتهم المدمرة الى اجساد ورؤوس ضحاياهم الفلسطينيين في تحد صارخ ومقيت لكل الشرائع والقوانين الدولية والاتفاقيات الانساية... بل ولعل في تعمد اسرائيل ولاول مرة اختيار ان يكون لها ممثلة عربية واخرى اسرائيلية في المسابقة الغنائية الاوروبية اوروفيزيون التي تنتظم قريبا في موسكو ما يمكن ان يعكس الكثير عن قدرة الاسرائيليين في استمالة ورقة الدعاية الاعلامية والوصول بالطريقة التي تريدها وترضاها الى الراي العام الدولي ولا سيما في الاوساط الغربية وهو اختيار يحمل في طياته اكثر من رسالة تسعى اسرائيل الى ترويجها في مثل هذا الوقت للتخلص من اثار جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها في القطاع المنكوب على مدى اثنتي وعشرين يوما قبل ان تعلن انطلاق المرحلة الثانية لتلك الحرب وهي الحرب الاعلامية التي تستمر بالتوازي مع الحرب العسكرية لقوات الاحتلال الاسرائيلي بكل ما تعنيه من حملات مضادة ومن تشويه وتزييف ومصادرة للحقائق ولكن ايضا بكل ما يمكن ان تعنيه محاولات لدرء الاتهامات وتحويل اصابع الاتهام عن المعتدي بما يقلب كل الموازين بين الضحية والجلاد وهو يرتدي ثوب المستضعف المظلوم وقد حول جرائمه المرتكبة ضد الابرياء من نساء واطفال وعزل الى حصن يتخفى خلفه . فليس سرا بالمرة ان الاعلان الاسرائيلي عن هذه المشاركة جاء بعد يوم فقط على انطلاق الحملة العسكرية الشرسة على قطاع غزة وفي نفس الوقت الذي كان العالم يتابع في صمت رهيب اثار العدوان الهمجي على غزة بالتزامن مع كل تلك المحاولات ا المستميتة لتهويد القدس ومصادرة الاراضي وتوسيع المستعمرات ودفع فلسطينيي الداخل الى التهجير القسري والابعاد عن بيوتهم وهي جرائم لا يمكن باي حال من الاحوال ان تنفيها اوتلغيها نداءات السلام المقنعة في مسابقة الاوروفيزيون الغنائية ولكنها جرائم ستستمروستجد لها وللاسف في غياب اعلام عربي فاعل وقادرعلى ملء تلك الفراغات الكثيرة والخروج من اطاره الضيق المحكوم بالقيود والتابوهات والاغلال التي تقف دون وصوله وتاثيره على عقول وقلوب الراي العام الدولي...