بين مواقف القيادة الإسرائيلية الجديدة الرافضة لمبدإ قيام دولة فلسطينية.. ومواقف الإدارة الأمريكية المؤيّدة لذلك يتجلّى تباين كبير قد يمهّد لمجابهة بين زعيم الليكود ناتنياهو وحكومته المتطرّفة من جهة وإدارة الرئيس باراك أوباما من جهة أخرى. ففي مسعى لقطع الطريق أمام ناتنياهو ومنعه من تجاوز الإدارة الأمريكية وتجنيد أعضاء في الكونغرس لتعزيز مواقفه الرافضة بحل الدولتين بادر فريق من البيت الأبيض في تحرك غير مسبوق، بإعداد تقرير وتسليمه لأعضاء الكونغرس من أجل الاستعداد لخلافات مرتقبة مع الحكومة الإسرائيلية بخصوص العملية السياسية في منطقة الشرق الأوسط. ومن الملامح الكبرى لهذا التقرير السياسي دعوة الحكومة إسرائيل إلى احترام جميع التزامات الحكومات السابقة وعلى رأسها قبول مبدإ الدولة الفلسطينية وتجميد الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية وتقديم الدّعم المالي والاقتصادي للسلطة الوطنية الفلسطينية بالإضافة إلى الالتزام ببنود خارطة الطريق ومؤتمر أنابوليس. وهذه المجابهة المحتملة التي تستعد لها الإدارة الأمريكية مع حكومة ناتنياهو المتطرّفة غذّتها تصريحات عدد من الوزراء الإسرائيليين خلال الأيام القليلة الماضية أبرزها ما أعلنه وزير خارجيتها ليبرمان من رفض لأي شكل من أشكال الالتزام السياسي لبنود اتفاق أنابوليس غير الملزم حسب زعمه، مؤكدا في هذا السياق أنّ إسرائيل ليست الولاية الثانية والخمسين للولايات المتحدةالأمريكية مما يوحي بأنّ لهجة التصعيد التي اختارتها هذه الحكومة قد تعجّل بحصول هذه المجابهة. إنّ الإدارة الأمريكية التي تعهّدت بالإسراع في إيجاد الحلول الكفيلة للقضية الفلسطينية قد تجد نفسها مجبرة على مسايرة سياسة التطرّف الإسرائيلية.. ولكن إلى حين لأنّ العلاقات القائمة بين البلدين والمصالح الاستراتيجية التي تربطهما إضافة إلى النفوذ الصهيوني المتغلغل في المؤسسة الأمريكية قد تكبح إرادة أوباما في فرض حل الدولتين وهو أمر واقع تراهن عليه إسرائيل وتسعى منذ تشكيل الحكومة الحالية إلى إحكام توظيفه سياسيا وإعلاميا. وهذه الحقائق تحيل إلى موقف آخر وهو موقف السلطة الوطنية الفلسطينية الطرف الرئيسي في هذا التحرّك السياسي والتي رفضت على لسان الرئيس محمود عبّاس أي لقاء أو حوار مع ناتنياهو قبل أن توضح الحكومة الإسرائيلية مواقفها من الحل الأمريكي المطروح ومن التزامات الحكومات السابقة وقبل أن توقف جميع أشكال الاستيطان في الأراضي المحتلة. وهذا تحرّك ينضاف إلى الضغوط الأمريكية والدولية لوضع حدّ لمعاناة الشعب الفلسطيني.