تونس - الصّباح: من الميزات الأساسية للخدمات عن بعد عبر المنظومة الإلكترونية، المساهمة بشكل كبير في تيسير بعض المعاملات وقضاء الشؤون بعيدا عن الاكتظاظ والوقوف لساعات أمام شبابيك المصالح الادارية أو التجارية واضاعة الجهد والوقت... وفي بلادنا انطلقت المجهودات للدفع باتجاه التعامل بالمنظومة الإلكترونية، منذ وقت لا بأس به، سعت خلاله مصالح عديدة لتطوير مجال الخدمات عن بعد وتوسيع دائرة التجارة الالكترونية واتخذت اجراءات ومبادرات من قبيل توفير مواقع وخدمات على الخط لعل أبرزها خدمة خلاص الفواتير وبعض المعاليم الأخرى على الخط... غير أن الإقبال على مثل هذه الخدمات يظل للأسف محدودا الأمر الذي يفوت فرص الاستفادة من القيمة المضافة التي توفرها التكنولوجيات الحديثة والخدمات عن بعد. خدمات على الخط تشير آخر الاحصائيات المتوفرة لدينا أن عدد المواقع التي توفر خدمات على الخط والبيع بالتفصيل لبعض المنتوجات تقدر حاليا بحوالي 420 موقعا ونذكر من أهم الخدمات التي توفرها هذه المواقع، خدمات الديوان الوطني للبريد لاستخلاص الفواتير عن بعد من ذلك فاتورة الماء والكهرباء وخلاص الاداءات عبرمنظومة التصريح الجبائي عن بعد وبيع اشتراكات النقل المدرسية والجامعية على الخط لفائدة التلاميذ والطلبة بالاضافة الى حجز وبيع تذاكر السفر عبر المنظومة «أماديوس» وصولا الى بيع منتوجات الصناعات التقليدية والسياحة (موقع سوق الحرفيات)...إلخ. مع ذلك فإن اقبال المواطن على تيسير شؤونه والحصول على بعض الخدمات المتوفرة عن بعد لم يصل بعد الى المستوى المطلوب ويظل الكثيرون - حتى أولائك الذين تتوفر لهم فرص وامكانيات الحصول على الخدمات عن بعد - يتوجهون الى شبابيك المصالح الادارية والتجارية للتعامل المباشر عوض التعامل عن بعد. الثقافة الرقمية يفسر البعض أسباب نقص الاقبال على الخدمات عن بعد الى الحاجة الى مزيد تدعيم البنية التحتية للاتصالات ومزيد تطوير منظومات الدفع الالكتروني ومزيد توسيع دائرة تمكين المواطن من الآليات التي تتيح له التعامل الالكتروني في حالة توفرت لديه الرغبة في ذلك، وكل هذه الأسباب وجيهة، غير أن النقص المسجل في انتشار الثقافة الرقمية يبقى من الأسباب الوجيهة أيضا وهو ما يتطلب التوجه أكثرا نحو مزيد ترسيخ الثقافة الرقمية في مختلف أبعادها بما فيها ثقافة التعامل عن بعد وتوظيف التكنولوجيات الحديثة في تيسير فضاء الشؤون ما دام ذلك متاحا وبأقل مجهود وتكاليف أحيانا. يتجلى غياب الثقافة الرقمية وتوظيف التكنولوجيات في بعض الأمثلة على غرار استعمال البطاقات البنكية لدى التونسي والتي تظل مقتصرة على سحب الأموال فقط، حيث تشير الاحصائيات الصادرة عن «نقديات تونس» أن 83% من أصحاب البطاقات البنكية يستعملون البطاقة لسحب الاموال في المقابل لا تتجاوز نسبة الذين يستعملون البطاقات البنكية في دفع الأموال 17% حيث يظل التونسي يفضل هنا أيضا الدفع نقدا وعدم الاستفادة من فوائد التكنولوجية الحديثة لأن الثقافة الرقمية والتعامل عن بعد لا تزال غير متبلورة بالشكل المطلوب في ذهن التونسي وتتطلب المزيد من التحسيس والجهد.