جعل السجل التجاري قاعدة لبيانات محيّنة باستمرار تكليف معهد المواصفات بمسؤولية مسك السجل التجاري المركزي تونس - الأسبوعي: علمت الأسبوعي أن مشروع القانون المتعلّق بمراجعة قانون السجل التجاري قد أصبح شبه جاهز وستتم إحالته قريبا على السلطة التشريعية لمناقشته والمصادقة عليه، ويهدف هذا المشروع إلى تطوير منظومة السجل التجاري وملاءمتها مع التطور الذي شهدته القوانين ذات الصبغة الإقتصادية خاصة منها مجلة الشركات التجارية وقانون حفز المبادرة الاقتصادية والقانون المتعلق بتأسيس الشركات عن بعد. كما يندرج المشروع في إطار ملاءمة قانون السجل التجاري مع محيطه الاقتصادي بجعله قاعدة بيانات للمؤسسات تكون محينة باستمرار واستعمال وسائل التكنولوجيات الحديثة وتشريك جهات إدارية أخرى في هذه المنظومة. وقد كان إصدار القانون المتعلق بالسجل التجاري في 2 ماي 1995 من أبرز الإنجازات التشريعية باعتباره يمنح الهياكل المشرفة على السجل التجاري دورا محوريا في حث التجار، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات، على التّرسيم بالسجل وتحيين المعلومات المدرجة به مما أدى إلى إقبال عدد هام من التجار والمؤسسات على التّرسيم بالسجل. تفعيل المنظومة وتبسيط الإجراءات ويهدف المشروع إلى تأكيد دور غرف التجارة والصناعة في منظومة السجل التجاري من خلال منح الخيار للخاضع للتسجيل في تقديم المطالب والعقود والوثائق المرافقة لها وإيداعها بالملف الملحق بالسجل التجاري إما مباشرة أو عن طريق غرف التجارة والصناعة بوصفها مكلفة بمساندة المؤسسات والتجار والإحاطة بهم، وتمسك فهرسا في قائمة الأشخاص التابعين لدوائرها الترابية المرسمين بالسجل التجاري وفقا للقانون المنظم لغرف التجارة والصناعة. كما تضمّن المشروع تأكيد دور المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية كمسؤول وطني عن السجل التجاري المركزي وتدعيم موارده لإحكام دوره في منظومة السجل التجاري بما يسهم في تنمية القدرة التنافسية ويدعم شفافية المعاملات الاقتصادية، وذلك من خلال إحداث شهادة الأولوية في الإسم التجاري والتي تمنح لطالبها إبقاء الإسم التجاري على ذمته لمدة معينة ريثما يقع استكمال إجراءات تأسيس أو بعث المشروع والترسيم بالسجل التجاري، وتساهم هذه الشهادة في وضع حدّ لحالات تشابه الأسماء التجارية في نفس الأنشطة وما قد ينشأ عن ذلك من إمكانية وقوع الغير في الخطإ بسبب تشابه الأسماء التجارية. وقد اعتمدت عديد الدول هذه الآلية من بينها مصر والمغرب ودول الخليج والبرتغال وبلجيكا. وفي إطار الإعداد لوضع السجل التجاري على الخط، تضمّن المشروع التنصيص على إمكانية اعتماد كل الوسائل التي تترك أثرا كتابيا من بينها الإرساليات الإلكترونية المحصّنة الموثوق بها مع اعتماد نظام «الإعلام بالبلوغ الإلكتروني» accusé de réception électronique، وهي طريقة يمكن اعتمادها عند وضع منظومة السجل التجاري على الخط، كما تمكّن من استخلاص المعاليم المستوجبة قانونا بوسائل الدفع الإلكتروني. دعم الضمانات القضائية يعتبر تشريك أهم الأطراف المتدخلة في منظومة السجل التجاري على غرار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومكاتب المراقبة الجبائية ومراقبي الحسابات من أبرز مظاهر التجديد التي جاء بها المشروع بهدف توفير معلومات محيّنة وصحيحة حول التجار والمؤسسات وتفعيل أحكام الفصول 54 و56 و57 و58 من القانون بخصوص تنفيذ القرارات التي يصدرها قاضي السجل التجاري في إلزام الخاضعين للتسجيل بتحيين سجلاتهم. وتقتضي الإجراءات المعمول بها في ظلّ القانون الحالي إمكانية الطعن بالاعتراض على قرارات قاضي السجل التجاري لدى المحكمة الابتدائية باعتبار الاعتراض الوسيلة الوحيدة المتاحة حاليا في حين اختلف عمل المحاكم حول مدى إمكانية الطعن بالاستئناف في هذه الأحكام من عدمه وتراوح بين القبول والرفض لذا أقرّ المشروع إمكانية الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بموجب الاعتراض لديها على القرارات الصادرة عن قاضي السجل التجاري وهو ما يدعم الضمانات القضائية ويحفظ حقوق المتقاضين عموما والمتعاملين مع السجل التجاري على وجه الخصوص. وأبقى المشروع من جهة أخرى على مبدإ السرّية وحماية المعطيات الشخصية المتعلقة بالشخص الذي تعرّض إلى صعوبات اقتصادية أدت إلى تفليسه أو إلى تمتعه بإجراءات التسوية القضائية. غير أنه راعى إمكانية وجود صور تكون فيها لشخص معين مصلحة واضحة وشرعية في الإطلاع على أحد هذه الأحكام أو بعضها، كما هو الشأن بالنسبة للدائن الذي لم يبلغه العلم بإجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس ولم يتمكن من التصريح بدينه في الإبّان، حيث تكون لهذا الشخص مصلحة جدية في السعي إلى استخلاص دينه حتى بعد إحالة المؤسسة طبق ما نص عليه القانون المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية. لذلك أقرّ المشروع أنه يجوز لرئيس المحكمة الإبتدائية المختصّة أن يأذن بإطلاع الطالب على الأحكام المعنية بشرط إثبات وجود مصلحة شرعية في ذلك. وتحقيقا لسرعة الإجراءات تم تقليص الأجل المقرر لإعلام الخاضع للتسجيل أو أصحاب الرهون بالقرارات التي تهمهم، وتعديل طريقة الإعلام بحيث يجوز أن يتم هذا الإعلام بكل وسيلة تترك أثرا كتابيا بما في ذلك الوسائل الإلكترونية الموثوق بها. وحرص المشروع من جهة أخرى على تدعيم الضمانات المخولة للدائن المرتهن على الأصل التجاري وتلافي الفراغ التشريعي الحالي في المجال وذلك بإقرار واجب إعلام الدائن المرتهن بالإجراءات المتعلقة بنقل الأصل التجاري المرهون وذلك للحيلولة دون تلاشي ضماناته القانونية. ملاءمة مع محيطه التشريعي يذكر إنّ من دواعي تنقيح أحكام القانون المنظم للسجل التجاري بقاؤه مستعملا لعدة مصطلحات قانونية لم تعد مستعملة في القانون التجاري بصفة عامة ومجلة الشركات التجارية على وجه الخصوص. لذلك تم توحيد المفاهيم والمصطلحات تحقيقا للانسجام بين جميع الأحكام القانونية في المادة التجارية من ذلك إخضاع الشركاء المقارضين بالعمل في شركات المقارضة البسيطة وشركات المقارضة بالأسهم إلى نفس الأحكام التي يخضع لها الشركاء في شركات المفاوضة حسب الفصول 67 و390 و391 من مجلة الشركات التجارية، وكذلك حذف عبارة «الشركات ذات المسؤولية المحدودة» من بعض الفصول التي تتحدث عن شركات الأسهم ضرورة أنها غير ملزمة بواجب التصريح بالاكتتاب والدفع وتقديم قائمة في أسماء المكتتبين، لأن هذا الالتزام يقتصر على الشركات خفية الاسم وشركات المقارضة بالأسهم، وأيضا تحيين قائمة الأوراق المالية وحق التصويت المضاعف لمالكي بعض الأسهم التي تخولهم ذلك الحق وكذلك تاريخ قفل الموازنة السنوية وفقا للتشريع المتعلق بنظام المحاسبة للمؤسسات. كما أقرّ المشروع إمكانية الترسيم أو التنقيح التكميلي أو التشطيب بصفة وجوبية عند امتناع الخاضع للتسجيل من الإذعان إليها بصفة تلقائية. ويهدف المشروع أيضا إلى ملاءمة القانون المتعلق بالسجل التجاري مع القانون المتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين فيما يخصّ التنصيصات الوجوبية لمطلب التسجيل ومع مجلة الالتزامات والعقود في ما يتعلق بالحجج غير الرسمية والقيمة القانونية للنسخ المشهود بمطابقتها للأصل، وكذلك مع القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد وذلك بحذف الإشارة إلى وجوبية التنصيص بالعقود المودعة على «إسم وعنوان محررّ الكتب» باعتبار أن هذه المسألة تنظمها نصوص خاصة تتمثل بالأساس في الفصل 377 مكرر من مجلة الحقوق العينية والفصل 3 من مجلة الشركات التجارية والفصل 189 مكرر من المجلة التجارية. ولتحقيق التناسق بين أحكام قانون السجل التجاري مع أحكام الفصل 50 من المجلة الجزائية من حيث تقدير العقاب المستوجب وخاصة في ما يتعلق بالعود أقرّ المشروع أنه لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار دون أن يمنع ذلك من تطبيق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية تفاديا لكل لبس قد ينجر عن الإحالة من نص إلى آخر بما يتنافى مع مبدإ التأويل الضيق للنص الجزائي. هذا وكان مناخ الاستثمار شهد خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة أدت إلى عولمة الاقتصاد وانفتاح الأسواق وتطور الاقتصاد اللامادي بشكل أفضى إلى بروز الحاجة إلى الولوج إلى مصادر المعلومات بشكل أكثر يسرا فكان من أهم لبنات النجاح الاقتصادي في العالم المعاصر توفير معلومة صحيحة ومحيّنة للمتعاملين الاقتصاديين لتسهيل اتخاذ القرار المناسب في التعامل. للتعليق على هذا الموضوع: