تونس الصباح: تتجاوز مستويات الضجيج والتلوث السمعي في مناطق مختلفة من تونس الكبرى، النسب العادية التي يقرها الخبراء واهل الاختصاص في مجال البيئة والتلوث، بحوالي 15%. هذا ما بينته دراسة اجرتها مؤخرا الوكالة الوطنية لحماية المحيط بالتعاون مع الوكالة الالمانية للتعاون الفني. وبحلول موسم الصيف وموسم الافراح والمسرات تزداد وطأة الضوضاء والضجيج وما يتسبب فيه من ازعاج لراحة الفرد. لاسيما وان الخصوصية التونسية لاحتفالاتنا العائلية بمختلف المناسبات «المزود فوق السطح» تزيد الطين بلة الامر الذي يدفع البلديات مع حلول موسم الاعراس لتجنيد فرق لمراقبة مدى الالتزام بتوقيت احترام الجار. زد على ذلك مختلف التظاهرات الاحتفالية والتنشيطية التي تميز فصل الصيف وما يرافقها من كثافة في حركة المرور واستعمال المنبهات بموجب ودون موجب.. الخ، كلها عوامل تجعل السمة الاساسية لمحيط عيشنا خاصة في المدن الكبرى وضواحيها، تنوع كثافة مصادر الضجيج والتلوث السمعي. اللامبالاة تجدر الاشارة كذلك الى ان درجة الاهتمام بموضوع التلوث السمعي وآثاره السلبية على الصحة، وعلى التوازن النفسي والعصبي للمواطن من قبل الاطراف المتسببة فيه، تبدو ضعيفة ان لم نقل غائبة في الكثير من الاحيان. ونستند هنا الى ما خلصت اليه دراسة الوكالة الوطنية لحماية المحيط التي اجرت حملة قيس لدرجات الضجيج في مناطق مختلفة من تونس الكبرى وخاصة تلك القريبة من مصادر الضوضاء على غرار المناطق الصناعية والمناطق السكنية القريبة من السكك الحديدية وسكك شبكة المترو وقرب الطرقات السريعة التي تكثر فيها حركة السيارات وتتسم بالاكتظاظ، وبينت ان الجهات المتسببة في الضجيج والضوضاء لا تعير اهمية للموضوع فهي لا تتخذ الاجراءات اللازمة للحد من التلوث السمعي كما لا تشعر مصادر الضجيج بحجم المخاطر الصحية التي تسببها لاسيما وان تحديد حجم هذه المخاطر مازال بدوره يواجه صعوبات من حيث الوصول الى تحديد دقيق ومعلن عن حجم ودرجات هذه المخاطر الصحية.. غياب التنسيق تحدثت الدراسة ايضا عن غياب التنسيق بين الاطراف المعنية بمراقبة التلوث السمعي والحد من اثره على الراحة والصحة ومحيط عيش التونسي بشكل عام.. كما اثبتت الدراسة كذلك ان الوسائل الحمائية التي يلجأ اليها عادة متساكنو المناطق القريبة من مصادر الضجيج للتقليص من حدته على غرار تركيز العازل الصوتي في المنازل قد لا يقوم بتحقيق الحماية المطلوبة من الضجيج الخارجي وضجيج الاجوار.. توصيات يمتد كذلك تجاهل موضوع التلوث السمعي الى مراحل اعداد الامثلة العمرانية خاصة عند تحديد مواقع المنشآت مصدر الضجيج وقد تمت الاشارة الى هذا الموضوع ضمن التوصيات المنبثقة عن نتائج الدراسة بالدعوة مستقبلا الى الاخذ بعين الاعتبار لعامل التلوث السمعي عند اعداد امثلة التهيئة العمرانية.. تمت الدعوة ايضا الى تنظيم حملات لقيس الضجيج ورسم خارطة صوتية للمدن الكبرى والعمل على انجاز الدراسات الوبائية من اجل تدقيق اخطار الضجيج على الصحة والعمل على احداث هيكل مختص في المراقبة والوقاية..