مع حلول كل صيف تبدأ الافراح والليالي الملاح والسهرات حتى الصباح فالصيف شهر الاعراس وتكوين العائلات الجديدة وسط الزغاريد وقرع الطبول.. فيه يجمع الشمل اذ يعود المغتربون الى مسقط الرأس وتكثر الزيارات العائلية والتقارب لذلك تشرع العائلات منذ مطلع جويلية في تسخين الجو والاستعداد لزواج البنين والبنات واعلان الفرح وتهيئة عش الزوجية بما يلزم من توضيب وتأثيث بكل الضروريات فالعرس لا يأتي الا مرة واحدة ولابد من اعطائه ما يلزم من تضحيات وقبل العرس بايام تبدأ بعض الصبايا في القيام «بالبروفات» اللازمة لتوديع زميلتهن الى دار زوجها كما يصبح بيت الفرح يعج بالزائرين لتقديم بعض الاعانات ودعم صاحب الفرح كل حسب استطاعته. وقبل اسبوع تقريبا لا ينتظر الا الاعلان الرسمي عن بدء المراسم لكن العادة جرت ان يقع استدعاء الجميع.. الاهل والاقارب والاصدقاء لحضور الحفل فمن مظاهر نجاح الحفل وجود الجميع دون غيابات لذلك يجتهد صاحب العرس في عدم نسيان أي كان خشية التعرض للوم. ماذا عن العادة؟ في السابق لم تكن هناك حسابات ضيقة اذ يكفي الاعلان عن الفرح في بعض القرى والارياف حتى يخرج رجل يعرف «بالبراح» يطوف كل الاماكن كالاسواق والتجمعات ليعلن يوم العرس ويستدعي الجميع بالاعتماد على صوت جهوري وبعض الكلمات التي يتفاعل معها الجميع قائلين: «ربي يهني» وفي اماكن اخرى يكون الاستدعاء شفويا بالتنقل من منزل الى اخر والامر يتطلب بعض الايام دون اهمال احد والنتيجة تكون باهرة اذ يحضر الجميع في الموعد حاملين الهدايا والاموال ولتقديم يد المساعدة. استدعاءات بالوجوه بعض الاعراس لا يستدعي اصحابها الجميع بل يختارون من يريدون فقط.. إذ يستدعون اقرب المقربين وبعض الاعيان ويغيبون البقية حفلات هؤلاء شبيهة ببعض الاعراس الاوروبية الصاخبة، يحضرها عدد من المطربين.. وعلى اثرها تحمل احدى السيارات العروسين الى احد الفنادق الضخمة لقضاء شهر العسل. استدعاءات ب «الآس آم آس» الاستدعاء للاعراس تطور بعد ظهور طرق اخرى عصرية، حيث اصبح يتم عن طريق مطبوعة مزدانة فيها اسم العائلتين المتصاهرتين وبعض العبارات المنمقة وتوزع على الاهل والجيران وخاصة الزملاء وفيها تحديد للمواعيد بدقة، فيوم كذا للوطية.. ويوم كذا للدخلة. هذه البطاقات اصبحت ضرورية تقريبا في كل الاعراس لكن مع تطور الوقت والتقدم التقني اصبح بعض اصحاب الاعراس يستدعون الاصدقاء والزملاء عن طريق «الآس آم آس» حيث يتم اعداد نص جميل يقع انتقاؤه باتقان ويعممونه على الجميع وهذا التقدم التكنولوجي قضى على بعض العلاقات البشرية والكلام والاتصال اصبح عن بعد والغريب ان بعض الاصدقاء الذين يصلهم الاستدعاء عبر هواتفهم يجيبون بنفس الطريقة قائلين «ربي يهني» ودائما بواسطة «الآس آم آس». بين الامس واليوم تغيرت الاعراس بين الامس واليوم والاستدعاءات كذلك.. لقد ذهبت الحميمية لتحل محلها العلاقات الجافة والباردة وهذه البرودة تسللت حتى الى العلاقات الزوجية والدليل ان عدد الزيجات التي لا تعمر كثيرا في ارتفاع اذ بمجرد ذهاب الصيف وحلول الشتاء تدب الخلافات ويقع الالتجاء الى المحاكم والحل الوحيد هو ابغض الحلال عند الله.. وهو الطلاق.