سعر الاستحمام لا يجب أن يقلّ عن ال 10 دنانير لنحقّق الربحيّة حمامات المنازه والمنارات سرقوا حرفاءنا كلّ حمام يسددّ ما لا يقلّ عن 52 ألف دينار للمحروقات التسخين بالطاقة الشمسية ممكن بشرط! تونس - الأسبوعي: عندما كنت أستعد لمحاورة رئيس الغرفة الوطنية للحمامات بحثت في نقائص القطاع التي تبدأ من السطل ولا تنتهي عند «الفوطة»..ولكن رئيس الغرفة زبير بن سعيد دعاني بكل لطف للخوض في أصل المشكلة التي أدت الى ذلك تراجع أداء القطاع على مستويات الصيانة والعناية بالمحلات وتدني مستوى الخدمات المسداة بالحمامات وتحدث بإطناب شديد عن مشاغل المهنيين التي اختلفت بين ارتفاع المصاريف والتغطية الاجتماعية والمنافسة الجديدة من لدن حمامات المنازه والمنارات والجباية والكلفة المرتفعة لاستعمال الطاقة وعدم مطابقة التسعيرة للواقع * سي زبير هل نبدأ الحوار بالحديث عن التجهيزات التي لا يتم تعهدها بالصيانة والتنظيف ومختلف الاشكاليات الصحية أم بالفوطة التي عادت للاستعمال في معظم المحلات بعد طول غياب؟ - عجز أصحاب المحلات وتراجع المداخيل بصفة كبيرة هما السببان الرئيسيان وراء تراجع جودة الخدمات والتجهيزات والأثاث وغياب الصيانة.. سبب ثالث لا يقل من حيث الأهمية عما سبق ذكره وهو تراجع التونسي عن الاستحمام في الحمامات التقليدية والذي وصل في بعض الأحيان الى حدود 50% كمعدل عام بكامل جهات الجمهورية. * ذلك أمر مفهوم طالما أن الخدمات المقدمة بالمحلات تدنت كثيرا؟ - ذلك راجع أولا لتدني الخدمات بتلك المحلات وثانيا لظهور موضة جديدة تتمثل في بروز صنف جديد من الحمامات العصرية والحديثة في المنازه والمنارات والأماكن الراقية التي لا يقل مقابل ارتيادها عن 30 دينارا أحيانا. * وما سبب كل هذا الغلاء؟ - ربما لأن أصحابها ابتكروا بعض الخدمات وأساليب إسدائها.. وهي إبتكارات تساير ركب الموضة وكل واحد حرّ في رزقه. * وهل أن الموضة هي السبب الوحيد الذي يقف خلف هذا العزوف؟ - الموضة هي السبب الرئيسي للعزوف حيث يرغب الناس في الخدمات المسداة بالحمامات الجديدة.. رغم أن بعض خلايا المخ لا تنشط إلا في ظل حرارة الحمام العربي.. فضلا عن الميزات الصحية العديدة التي حرم منها التونسي. * وما هي تلك الميزات؟ - الحمام هو طبيب الأبكم كما يقال.. ورغم ذلك فقد ابتعد عنه التوانسة اليوم نتيجة عدم تحسيسهم بحجم منافعه.. ولو أعطتنا التلفزة التونسية مساحة لتعريف الناس بفوائد الحمامات لأعدنا للمحلات جمهورها مثلما كان وحتى أكثر. * ألم يحن الوقت بعد لتأهيل المحلات التي أصابها التهرّم والشيخوخة؟ - التأهيل يتطلب «برشة فلوس» نحن لم نطلب منهم ذلك وطالبنا فقط بتخفيف الحمل عنا فأبوا فما بالك بالحديث عن ملف التأهيل.. أقول هذا رغم علمي بأن عملية التأهيل ستشمل فعلا الحمامات التقليدية. * ما المقصود بتخفيف الحمل؟ - بعد 12 سنة من المفاوضات وقع الحسم في مسألة اعتبار الطيّاب أجيرا لدى صاحب المحل في اتجاه اعتباره عاملا مستقلا.. ورغم رفع هذه المظلمة من قبل رئيس الجمهورية على أصحاب المحلات بالأمر عدد 3018 الصادر في نوفمبر 2002 ..فإننا لا نزال نعاني من مخلفاتها.. لأن المشكلة أنه بالرغم من حسم هذا الأمر الذي عانت منه الحمامات على مدى 30 سنة.. فإن رواسبه ومخلفاته لا تزال تنخر جسم القطاع.. بحكم أن مصالح الضمان الإجتماعي تعمد الى إجراء عمليات مراجعة وتدقيق واسعة عندما يتبين لها ضرورة ذلك Redressement pour insuffissance salariale ويترتب على ذلك خطايا هامة.. رغم أن الأصل والسبب وراء كل ذلك تم الفصل فيهما لفائدة المهنيين أصحاب الحمامات. * هل طالبتم بالعفو بصورة رسمية عن طريق الغرفة الوطنية أم أن كل واحد تقدم أصالة عن نفسه؟ - لقد طالبت الغرفة بتمتيع أصحاب الحمامات بالعفو فيما يخص الملفات العالقة التي تعتبر من رواسب ومخلفات قانون 1967 ولكن إدارة الضمان الاجتماعي لم تستجب لذلك رغم تفهم رئيسها المدير العام في البداية لما عرضت عليه الفكرة.. علما وأن أكثر من ثلثي هذه الملفات مبنية على فراغ.. حيث أن خطايا التأخير انجرّت عن أصل دين نختلف حوله كليا مع الإدارة وحسم رئيس الدولة أمره لصالحنا.. ومع ذلك لا تزال مصالح الضمان الاجتماعي تلاحق أصحاب الحمامات للمطالبة بأداء تلك المستحقات الناجمة عن اعتماد قانون أقل ما يقال عنه أنه غير منصف.. وأنا اليوم أناشد إدارة الضمان الاجتماعي مجددا بالفصل في تلك الملفات بصفة نهائية لإزالة هذا الغم الجاثم على صدور المهنيين. * ألم تستفيدوا من إجراءات العفو المتكررة في مسألة التغطية الاجتماعية؟ - قدمنا مقترحا لتمتيع أصحاب الحمامات بالعفو ريثما تتشكل لجنة وطنية للنظر في جميع الملفات على مستوى الجهات بناء على فلسفة العفو ذاتها. * وبالنسبة لمصالح الجباية لا مشكلة لكم معها طالما أنكم خاضعون لنظام التصريح الجزافي؟ - نحن نطالب مجددا بتعميم نظام التصريح الجزافي.. لأنه ومع وجود بعض التنقيحات تساوى المصدّر والمورّد ورجل الأعمال الذي لا تقل مداخيله عن عشرات المليارات مع أصحاب الحمامات في طريقة التصريح ..وأريد أن أتساءل في مثل هذه الوضعية ما معنى الأداء على القيمة المضافة (TVA) عند الاستحمام في حمام عربي.. وما فائدة حرمان معظم الحمامات من نظام التصريح الجبائي الجزافي فهل معنى ذلك أن صاحب الحمام سيتسلح بكراس للمحاسبة وخبيرا في الجباية لتسيير شؤون الحمام. * وما المانع؟ - نحن لا نرفض القيام بواجبنا الجبائي ولكن لابد أن يكون ذلك في إطار نظام التصريح الجزافي ومن حقنا أن نطالب الدولة بذلك مثلما لم نطلب منها أية منحة خاصة للمساعدة على استعمال الغاز والمازوط.. هناك اليوم حمامات أثرية يزيد عمرها عن 300 سنة وأصبحت معالم تاريخية ثم تأتي وزارة المالية وتفرض على من يديرها تطبيق مقتضيات قانون الاداء على القيمة المضافة.. ما هذا؟ نحن ندعو وزير المالية للتفاوض حول تبسيط الإجراءات.. لانه لا يعقل أن يكون الدخول للحمام خاضعا للأداء على القيمة المضافة (TVA) وليس التفاوض معنا فقط بل مع جميع المهنيين والحرفيين في المهن والحرف الصغرى والمختلفة وخاصة منها الحرف ذات الطابع التقليدي.. لأنه كم من مهنة خسرناها أو نحن بصدد خسرانها بحكم ارتفاع عناصر التكلفة وعدم مجابهة التطور الحاصل على مستوى النفقات.. وعلى سبيل المثال نكاد نجد اليوم حماما تقليديا مغلقا بكل حومة تقريبا والحال أن الحمامات كانت تمثل صورة من صور الحضارة وتترجم مدى تمدن الشعوب في العهود السابقة.. ولذلك بات لزاما اليوم على الإدارة أن ترفع يدها نهائيا عن الحرف الصغرى والمهن التقليدية مقابل إفرادها بأنظمة قانونية خصوصية . * ألهذا الحد ساءت أحوال الحمامات؟ - لقد تغيرت الظروف كليا فتدني المداخيل ينضاف لها إجبار أصحاب الحمامات على القيام بواجب التغطية الاجتماعية على الطيابة ثم تعويض استعمال الفواضل في عملية التسخين بالمازوط أفرز نقلة نوعية نحو الأسوأ بالنسبة لأصحاب الحمامات. * ولكن الوضع المادي والاجتماعي لأصحاب الحمامات ليس بهذا القدر من السوء الذي تحدثت عنه؟ - الحمام العربي كان يقوم سابقا بوظيفة اجتماعية لأن صاحبه كان يستعمل الفواضل لتسخين «الفرناق» والماء كان يتم توفيره بطريقة تقليدية (الأحمرة) والكهرباء لم يكن يحتاجها إلا للإضاءة فقط.. أما اليوم فقد ارتفعت المصاريف بنسبة 100%... وكان من الممكن المطالبة بزيادة في مقابل الخدمات كذلك بنسبة 100% ولكن ذلك غير ممكن في الوقت الحالي.. وبذلك بقيت التسعيرة على حالها وغير مطابقة للواقع باعتبار حجم المصاريف والتغطية الاجتماعية والأداءات. * ما هو المقابل الذي ترون أنه مجز مقابل الاستحمام في الحمامات التقليدية؟ - عشرة دنانير * ولماذا لم تعتمدوه طالما أن التسعيرة حرّة منذ 2003؟ - تفهما منا لتراجع المقدرة الشرائية للتونسي.. * إذن لابد من العمل على مراجعة عناصر التكلفة؟ - 40% من المصاريف تبتلعها المحروقات التي صعدت أسعارها في فترة سابقة بشكل صاروخي.. وحتى لما انخفضت في الأسواق العالمية صاحب ذلك تخفيض ضئيل جدا محليا.. ولذلك يعيش الحمام أزمة لم يسبق له أن عاشها فقد كان سابقا يعيل صاحبه وعملته.. واليوم نجد صاحب الحمام يحمل على كتفيه مسؤولية بقاء الحمام مفتوحا في وقت ننادي فيه بدعم وتشجيع المهن والحرف الصغرى. * ولكن الحمام يعمل في الأصل بالحطب فما الذي دفعكم الى المازوط؟ - لقد تم الاتفاق بين لجنة حفظ الصحة والغرفة الوطنية عند إعداد كراس الشروط المنظم للقطاع على منع استعمال الفواضل حماية للهواء من التلوث.. لأن بعض أصحاب المحلات كانوا يستعملون كل شيء في عملية تسخين الحمام ما عدا الحطب بما في ذلك فواضل الإطارات المطاطية ولهذا منع استعمال الفواضل بتلك الطريقة وإلزام المهنيين باستعمال المازوط والغاز وتم غلق عدة محلات ريثما تمتثل لتلك الشروط.. وفي غمرة السباق لتغطية المصاريف المرتفعة وخاصة كلفة المحروقات غفل أصحاب المحلات على عملية التأهيل نظرا لكثرة الضغوطات المادية. * ألم يكن من المكن لكم كغرفة وطنية أن تقوموا بالتشجيع على استعمال الطاقات البديلة وخاصة منها الطاقة الشمسية؟ - مصاريف الغاز تبلغ في العام قرابة 12 ألف دينار أما مصاريف استهلاك المازوط فهي لا تقل عن 40 ألف دينار سنويا.. وقد يكون بإمكان الطاقة الشمسية التقليص من ثقل الفاتورة الطاقية.. ولكن التجهيزات بالطاقة الشمسية التجارية تفوق 80 ألف دينار.. لذلك تظل أمرا صعب المنال رغم وجود منحة تحفيز ب20% للإقبال عليها ونقترح تمكين المهنيين من قروض ميسرة للتزود بها والمحافظة على الطاقة تيسيرا على أصحاب الحمامات حتى لا يضطروا للجوء الى بعض الحلول الاخرى. * مثل ماذا؟ - بعض الحمامات تستعمل الفاز (البترول الازرق) في وقت يمنع فيه استعماله تبعا لمنشور صادر عن الوزارة الاولى.. وبعض الحمامات في جهة قفصة لا تقل عن 80 حماما أغلق بعضها من قبل لجنة حفظ الصحة لأنهم يجلبون «المرجين» المجفف من محطات ديوان التطهير ويستعملونه بما سبب تلويثا للهواء لما يطلقه من دخان في بداية الاشتعال.. بالرغم من أنه لدينا وجهة نظر مغايرة في هذا الخصوص تقوم على إمكانية التزوّد بنظام «فلترة» على أسطح المداخن لحماية الهواء والمحيط من التلوث عند انبعاث الأدخنة.. وقد أمر والي الجهة بفتح تلك الحمامات مجددا في انتظار دراسة وضعياتها لاحقا. * وفي الختام - ما يبذل من مجهودات لاستحثاث نسق خلق مواطن الشغل أمر محمود ولكن لابد أن يقابله مجهود مضاعف للمحافظة على موارد الرزق الموجودة بالفعل. للتعليق على هذا الموضوع: