مهما يكن مآل الانتفاضة التي يشهدها الشارع الإيراني منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية بها، فإن مؤسسة الحكم في ايران تبقى في يد مرشد الثورة علي خامنئي وذراعه التنفيذي الرئيس محمود أحمدي نجاد وهو الثنائي الايراني في مواجهة الثنائي الاسرائيلي الذي يمثله الوزير الأول ناتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان.. ما يجمع الثنائيين، الايراني والاسرائيلي هو التصلب في المواقف والتصريحات النارية الاستفزازية وتوظيف كل طرف لعنف الطرف الآخر وتصلبه لتغذية طموحاته ودعم تموقعه كقوة أساسية في المنطقة. وفي هذا الإطار يسعى الثنائي الاسرائيلي ما وسعه لاستغلال الوضع الايراني وما يصدر عنه لإبعاد «شبح» السلام مع الفلسطينيين وجيرانه العرب، في حين يسعى الثنائي الايراني لاستغلال التصلب الاسرائيلي وعنهجيته وعدائيته لدعم جبهته الداخلية من ناحية، وتعزيز نفوذه داخل المنطقة العربية من ناحية ثانية. في مقابل هذا الوضع يبقى الموقف العربي عموما متأرجحا بين الثنائيين الايراني والاسرائيلي ازاء ما يعتبر تهديدا لأمن المنطقة العربية، ذلك أنه رغم ما تشكله اسرائيل كقوة عسكرية هائلة وما تتمتع به من عطف وتأييد من الغرب وأمريكا أساسا، واعتمادها آلة اعلامية ودعائية نافذة وقوية، فإن تهديدها لأمن المنطقة العربية يعتبره المعنيون بالأمر أقل مما يمثله نفوذ ايران الفاعل في المنطقة باعتبار ما لهذه الأخيرة من امتدادات شعبية وايديولوجية واسعة ومؤثرة في المنطقة، حيث تتحرك ايران تحت غطاء اسلامي وتنصهر في اطار مقاومة الاحتلال الاسرائيلي على غرار «حزب الله» في لبنان وغيره في فلسطين وخارج فلسطين. ويجد التخوف العربي من النفوذ الايراني في المنطقة العربية ما يدعمه تاريخيا عندما استخدمت تركيا الراية الاسلامية لبسط نفوذها على العالم العربي على امتداد قرون تحت عباءة «الخلافة الاسلامية». لهذه الاعتبارات ولغيرها نجد الموقف العربي يتسم ببعض الغموض ان لم نقل التأرجح في التعامل مع ما يمثله الثنائي الاسرائيلي من تهديد عسكري على المنطقة وما يمثله الثنائي الايراني من خطر ايديولوجي وعسكري عليها. كما أن ما تدفع اليه شركات النفط العالمية بايجاد تقارب بين الولاياتالمتحدةالامريكيةوايران يخدم مصالحها قد يقلص فجوة الخلاف بين اسرائيل وايران بما يزيد من مخاوف العرب ويجعل مواقفهم أكثر غموضا في هذا الشأن.