قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة رسمية لموسكو سعى من خلالها إلى إعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية بين البلدين التي تدهورت إلى أسوإ مستوياتها في عهد سلفه بوش مراهنا، فيما يبدو، على نظيره الروسي ديميتري ميدفيديف لإعادة الحرارة للعلاقات الروسية الأمريكية. هذا وقد أثارت تصريحات سابقة لأوباما بخصوص رجل الكرملين القوي فلاديمير بوتين (الوزير الأول الحالي) عندما وصفه ب«رجل الحرب الباردة» معتبرا أنه «يعتمد أسلوبا قديما في إدارة أوضاع جديدة» الكثير من الجدل وردود أفعال مختلفة ليس من شأنها تيسير المهمة التي أراد أوباما بلوغها من وراء زيارته لموسكو. إذ يرى بعض المحللين الروس أن أوباما يضع من خلال تصريحاته هذه الرئيس السابق في حرج رغم تصريحات لاحقة مخففة من حدتها، وأن الديبلوماسية الأمريكية تعتمد «لعبة محفوفة بالمخاطر وغير معروفة النتائج عندما تعمد السعي لتقسيم الثنائي الحاكم في روسيا». وسعيا من قبل الطرفين، الروسي والأمريكي لتحاشي فشل هذه الزيارة فقد اتفقا على بعث «لجنة رئاسية مشتركة» والتخفيض الجزئي للترسانة النووية في كلا البلدين في حين لم تطرح القضايا الجوهرية التي تهم أمن كل طرف منهما بما يبقي الوضع على حاله لاسيما فيما يتعلق بتوسعة الحلف الأطلسي ليضم جمهوريات سوفياتية سابقة وخطط الولاياتالمتحدة لنشر نظام صاروخي في أوروبا إضافة لطلب الشركات الأمريكية الكبرى المستثمرة في روسيا الملح لاحترام «سيادة القانون» بها وموضوع البرنامج النووي الإيراني الذي يبقى هاجس البيت الأبيض الأول. ومن جهتهم فقد بدا الروس أقل ديبلوماسية من نظرائهم الأمريكان عند سحب الوزير الأول في شهر جوان الماضي بصفة مفاجئة طلب انضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية باعتبار أن مثل هذا الانضمام من شأنه حرمان روسيا من عقد بعض الاتفاقيات التجارية مع عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة الأمر الذي اعتبرته إدارة أوباما تحذيرا مفاده حرص روسيا على الابقاء والتشبث الفاعل بمنطقة نفوذها التقليدية بما يعني حسب عدد من الخبراء في المجال دخول العلاقات الروسية - الأمريكية مرحلة حرجة لم يتوفق «سحر» أوباما المعهود في تحركاته خارج الولاياتالمتحدة في تجاوزها. فالانطلاقة الحقيقية للعلاقات الروسية - الأمريكية التي تحول من أجلها أوباما إلى موسكو تحتاج إلى أكثر من «السحر» وقوة الآلة الدعائية الأمريكية الهائلة، إنها تستوجب مباحثات جادة ومعمقة وتنازلات فعلية من قبل الجانبين وثقة متبادلة حقيقية بينهما وهو ما لم يتوفر حسب العديد من الملاحظين خلال هذه الزيارة التي علق عليها الجانبان الكثير من الآمال.