تونس الصباح: «الحليب الذي نشربه، لا فائدة ترجى منه.. بل انه مجلبة لأمراض عصيّة العلاج اهمها سرطان البروستات والمبيض والسمنة والسكري لدى الاطفال وذلك اضافة الى هشاشة العظام واوجاع المعدة..»، هذا بعض ما ذكره الباحث تيرّي سوكار الكاتب المتخصص في الصحة والتغذية في كتابه الذي نشر بفرنسا وأثار زوبعة كبيرة في اوساط المستهلكين في هذا البلد. وأبرز المؤلف في كتابه الذي ورد تحت عنوان «الحليب: أكاذيب وبروباقندا» باللغة الفرنسية سلبيات الحليب والاشارة الى ان هناك «لوبي» وراء انتشار استهلاك هذه المادة فهو الذي جعل منه على مدى العقود السبعة الماضية مادة غذائية اساسية لا تكاد تخلو منها مادة ظنا انه ضرورة لا بد منها لحماية صحة العظام.. ولعل ما يثير الفضول هو أن مقدمة الكتاب جاءت بقلم الأستاذ هنري جوايو المتخصص في السرطان بجامعة الطب بمونبيليي.. وهو يعتبر ان الكتاب «سابق لعصره.. ولا يمكن ان يكون الا مفيدات للصحة العمومية». وأحدث الكتاب الذي ابرز ان الحليب مادة عديمة الفائدة ردود فعل متباينة.. فهناك من يؤيد مؤلفه.. وهناك من يعارضه وهناك من يحذر منه وهناك من يستغرب من اقواله وهناك من يشكّك في أنه اعتمد كما اشار هو الى مصادر علمية وتجارب دقيقة. ولعل المبحر في شبكة الانترنات والمتأمل في الصفحات المخصصة لتقديم كتاب «الحليب أكاذيب.. وبروباقندا» يتساءل في قرارة نغسه «أحقا لا توجد فوائد في استهلاك الحليب.. وهل حان الوقت للتخلي نهائيا عن استهلاك هذه المادة التي اثقل سعرها كاهل التونسي؟». توضيحات متخصصين في التغذية هذا السؤال حملناه الى مختصين في التغذية وهما الدكتور الطيب دغري استاذ في التغذية بكلية الطب والأستاذ عبد المجيد عبيد المختص في التغذية بالمعهد الوطني للتغذية والتقنيات الغذائية بتونس.. فكانت هذه الايضاحات. قال الدكتور دغري متحدثا عن مؤلف كتاب «الحليب: أكاذيب وبروباقندا» انه هو الذي وراءه لوبي يحرّكه بهدف الاشهار.. وبين إنه سبق وأن ظهر كتاب مماثل حول الحمية الغذائية وتبين ان وراءه لوبي غايته الاشهار.. ولاحظ ان مؤلف الكتاب حينما يكتب مثل هذه الأشياء فانه سيجلب اهتمام الرأي العام وسيصبح مشهورا.. وبالتالي فان اي كتاب يؤلفه فيما بعد سيجد اقبالا جماهيريا كبيرا وهو ما تبحث عنه دور النشر. وفنّد الدكتور ما ذهب اليه مؤلف الكتاب من ابراز مضار الحليب قائلا: «يعد الحليب غذاء ضروريا للانسان وهو أول غذاء يتناوله الانسان وحتى الحيوان ودونه لا يمكن له ان يعيش.. كما ان الطفل لا ينمو الا بشرب الحليب.. اذ انه يحتوي على الكالسيوم وعلى أفضل الزلاليات والفيتامينات». وأكد الدكتور دغري على أن المعلومات الواردة في الكتاب لا أساس لها من الصحة.. واستدرك قائلا: «اننا نتحدث عن مضار الحليب اذا كانت هذه المادة معرضة للجراثيم او اذا احتوت على رواسب الأدوية البيطرية والانتيبيوتيك والمبيدات والأسمدة الكيمياوية بكميات تتجاوز القدر المسموح به». وفي نفس الصدد أبرز الأستاذ عبد المجيد عبيد منافع الألبان وبين انه ورد ذكرها في القرآن الكريم وتوجد آيات قرآنية بينت منافع الألبان.. كما ان الرسول عليه السلام كان يتغذى من الألبان.. وذكر المختص في التغذية ان استهلاك الحليب كمادة طبيعية عرف منذ القديم.. وهو يستهلك كحليب وكلبن وكرايب.. وتتكوّن الالبان من مواد نافعة لجسم الانسان.. فهي تحتوي على الزلاليات والسكريات والدهنيات وعلى معادن عديدة اهمها الكالسيوم والاملاح والفيتامينات أهمها فيتامين أ وفيتامين دي وفيتامين (E).. ولعل ما يمتاز به الحليب هو احتواؤه على هذه العناصر بكميات معتدلة ونسب متوازنة فعلى سبيل المثال فان نسبة الدهنيات فيه قدرها 3 فاصل 5 بالمائة والسكريات 5 بالمائة والزلاليات 5،3 بالمائة.. وتختلف هذه النسب على مشتقات الحليب فالاجبان مثلا تحتوي على نسبة تتراوح من 20 الى 45 بالمائة من الدهنيات وتصل هذه النسبة الى 85 بالمائة بالنسبة للزبدة فهي من الدهنيات الحيوانية المشبعة ويجب ترشيد استهلاكها. ولاحظ الاستاذ عبيد ان هذه المواد المستخرجة من الحليب اذا تم استهلاك كميات كبيرة منها، هي التي تؤدي بمرور الزمن الى الاصابة بامراض السمنة وتصلب الشرايين والسرطانات وقد ابرزت عديد البحوث العلمية ذلك ودعت الى الاعتدال في استهلاكها.