الحمامات - الصباح: بعد أن أطل الموسم السياحي شحيحا مخيبا للآمال في بدايته مما أدخل الشك في أهل المهنة ظهرت بوادر التحسن في النصف الثاني من شهر جويلية قبل أن يشهد الموسم ذروته منذ مطلع شهر أوت الحالي، ولئن سجل توافد عدد هام من السياح الأجانب من الأسواق التقليدية مثل فرنسا وايطاليا وألمانيا وبعض دول أوروبا الشرقية، فضلا عن السوق الجزائرية والليبية فان السائح التونسي كان حضوره متميزا وساهم بقسط كبير في انقاذ الموسم السياحي مستفيدا من التشجيعات والحوافز التي وفرتها الدولة ضمن مختلف الآليات والبرامج لتحفيز التونسي على زيارة المواقع السياحية وترسيخ الثقافة السياحية في قضاء العطل والتمتع بالوقت الحر ومن هذه الآليات التي دخلت حديثا في طور الاستغلال الشيك السياحي الذي دفع بالأجراء خاصة الى التفكير في الاستفادة من هذه الالية للتمتع بفرصة قضاء عطلة الصيف بالنزل التونسية التي بدأت تتجاوب مع متطلبات السياحة الداخلية وهذا مؤشر ايجابي لا بد أن يتدعم أكثر لمزيد استقطاب السائح التونسي بأسعار مدروسة وخدمات تتماشى والطموحات المطلوبة لأنه حان الوقت ليتمتع التونسيون بخدمات المنشآت السياحية في كامل ربوع الوطن والتي تطورت كثيرا في السنوات الأخيرة من خلال احداث عدد من المناطق السياحية من أبرزها المحطة السياحية المندمجة ياسمين الحمامات فضلا عن تأهيل الوحدات السياحية القديمة ضمن برنامج التأهيل السياحي الذي ينتهي في موفى سنة 2009 وقد انخرطت فيه جميع النزل تقريبا من أجل الارتقاء بجودة الخدمات السياحية عنوان المرحلة القادمة في ظل منافسة عالمية شرسة.
هل تغير سلوك السائح التونسي؟
لئن يعتبر انخراط التونسي في المنظومة السياحية بالتردد على النزل لقضاء عطلته مكسبا ايجابيا للسياحة التونسية وابراز لرفاه اجتماعي وارتقاء حضاري، يبقى الخلل في العقلية والسلوك.
فحضور السائح التونسي في النزل يمثل «ازعاجا» في بعض الحالات لعدم الالتزام بالانضباط في الأماكن العامة والنقص الواضح في احترام الآخر «وان ظلت حالات استثنائية «فأمر عادي» بالنسبة لسائح تونسي أن تراه ثملا يتكلم بصوت عال الى حد الازعاج واقلاق راحة الاخرين غير مكترث بما يدور حوله، فهذا السلوك في تزايد من موسم الى آخر وقد اصبحت عديد العائلات التي اختارت قضاء عطلتها بنزل الحمامات تتبرأ من هذا السلوك اللاحضاري والذي يعد من المظاهر السلبية للسياحة الداخلية.
فعلى السائح التونسي أن يرتقي بمستواه السلوكي والحضاري الى ارفع الدرجات من العفة والكرامة خاصة ليكون في مستوى الثقة التي وضعتها فيه الدولة بجميع هياكلها عندما دافعت عنه ليكون على قدم المساواة مع السائح الاجنبي، ونتذكر كم اخذ هذا الموضوع من اهتمام مداولات مجلس النواب في السنوات الاخيرة وهو ما أثمر مكاسب تحسب لفائدة السائح التونسي من جميع الطبقات والفئات الاجتماعية الذي فتحت امامه ابواب النزل في وقت كانت حكرا على السائح الاجنبي وبعض ميسوري الحال من التونسيين واتذكر حادثة طريفة وقعت لسائح تونسي في فترة الثمانينات من القرن الماضي اراد قضاء ليلة رأس السنة بأحد نزل الحمامات فمنع في الأول ولكن عندما استظهر بجواز سفر أجنبي تغيرت المعاملة وأصبح مبجلا مكرما! واذا ما أخذنا هذه الحادثة في تلك الفترة وما اصبح يتمتع به التونسي اليوم هناك فرق كبير لا بد على التونسي ان يعي به جيدا ويكون شريكا فاعلا في دفع مسيرة السياحة التونسية والارتقاء بها الى الدرجة التي يبذلها السائح الاوروبي في بلده.
تأهيل المسالك السياحية
تمثل المسالك السياحية قيمة مضافة للمنتوج السياحي لما توفره من مواقع اثرية ومناظر طبيعية خلابة جبلية وغابية يتمتع بها السائح الاجنبي والتونسي على حد السواء ولئن كثرت وسائل الترفيه السياحي من نوع الركوب على ظهور الإبل والخيول والعربات السياحية والدراجات النارية ذات 4 عجلات توفرها مراكز التنشيط السياحي المنتشرة بالجهة فان تركيزها على مسلك الفوارة أكثر من غيره نظرا لتواجد طريق مهيأة ساهمت في تنشيط الحركة السياحية وقد تعززت باحداث مراكز للتنشيط السياحي ببني وائل غير بعيد عن غابة الفوارة التي تستقطب حوالي 50 ألف سائح سنويا... وعلى غرار الفوارة يبقى مسلك سيدي الجديدي هاما خاصة يوم السوق الاسبوعية التي تستقطب السائح الاجنبي للاطلاع على مظاهر الحياة البدوية التقليدية وكذلك مسلك الأطرش - المزيرعة حيث المناظر الطبيعية الخلابة والمواقع الاثرية التي لم تنل حظها بعد من الحفريات للكشف عن تلك الكنوز وتقديمها في شكل أنيق لدعم المنتوج السياحي.
لذا، لا بد ان تحظى المسالك السياحية بمزيد من العناية ضمن برنامج العناية بالمحيط السياحي وهنا نشير الى انه حان الوقت ليوسع صندوق حماية المناطق السياحية المحدث منذ سنة 1993 من مجال تدخلاته ليشمل المناطق الريفية والقرى التي يعبر منها السائح بتهيئة المسالك وتوفير كل ما يرتقي بالمحيط السياحي.