اتّصلنا من الأستاذ حسني الباجي، برد حول المقال المنشور ب«الصباح» في عددها الصادر ليوم أمس بعنوان «اتهامات الباجي لمهرجان قرطاج باطلة قانونيا»، يتمسّك فيه بشرعية اتهاماته. ويرد فيها على آراء الحقوقيين الذين استجوبتهم «الصباح» في ما يتعلق بقضيته المرفوعة ضد مدير مهرجان قرطاج. وفي ما يلي نص رد الأستاذ حسني الباجي: ردّا على ما جاء بالمقال المعنون «اتهامات الباجي لمهرجان قرطاج باطلة قانونيا» بجريدتكم الغرّاء بتاريخ 06/08/2009 نودّ إبداء بعض الملاحيظ أرجو من جنابكم التفضّل بنشرها: «أقول، ورفعا للغشاوة وإبرازا لمجمل القواعد القانونية: حيث جاء بردّ الأستاذ غانم أن مهرجان قرطاج يعدّ حدثا وطنيا لا يمكن إدانته وأن التحيل يستشف من قرائن تثبت إخلال إدارة المهرجان بالتزاماتها. وحيث لا مناص من التذكير بأنه مهما علا شأن مهرجان قرطاج فإنه لا يعلو، على كرامة المواطن وحرمته الجسدية والأدبية. أما التحيّل فأهم ركن فيه طبق الفصل 291 من المجلة الجزائية يظلّ الإيهام بمشروع وفي حالتنا هذه فإن إدارة المهرجان أوهمتني شخصيا بوجود حفل فلما التحقت بمكان العرض لم أشاهد الحفل ولا من أحياه بل وقع نظري على مناظر مخجلة لا تكيّف إلاّ في خانة ما أسمّيه مجازا بالتحيّل الثقافي». وجوابا على الأستاذة غميش فإنه أوّلا أودّ التذكير بأن المضرّة الجسيمة هي مناط الفصل 83 من مجلة الالتزامات والعقود، ولا المجلة الجزائية، ثانيا إن إثبات الضرر يتم بجميع وسائل الإثبات بما فيها من واقعة الحال معاينة عدل التنفيذ الذي دوّن بمحضره (يصلكم صحبة هذا نسخة من محضر المعاينة) حرفيا انني أحمل تذكرتي الحفل «إلاّ أنّه لم يتمكّن من الدخول ولم يجد مكانا شاغرا». وقد عاينت جمعا غفيرا من المتفرّجين جالسين على الحجارة وجمع آخر واقفين ومن المكان الذي كنت واقفا به مع الطالب لم أشاهد الركح ولا الموجودين عليه من كثرة اكتظاظ المكان وحالة الفوضى التي تعمّه ولم يتمكّن الطالب وزوجته من مشاهدة العرض إلى غاية انتهائه على الساعة منتصف الليل». وإن كان ما ورد بمحضر المعاينة المشار إليه أعلاه وبالعينات التلفزية التي أتت على الفوضى الواقعة بالحفل لا يعتبر ضررا جسيما فمن نافلة القول التذكير بمفهوم الضرر طبق المجلة المدنية والتي تعرّفه ب«الفصل 83» من تسبب في مضرّة غيره خطأ سواء كانت المضرّة حسيّة أو معنويّة فهو مسؤول بخطاه إذا ثبت أنه هو السبب الوحيد الموجب للمضرّة مباشرة وكل شرط يخالف ذلك لا عمل عليه، والخطأ هو ترك ما وجب فعله، أو فعل ما وجب تركه بغير قصد الضرر». أما الحديث عن ارتباط القضية الاستعجالية بالقضية المدنية فأذكر لعله ينفع الذكر بأن القضاء الاستعجالي مسبوغ بمعاينة التأكّد بينما القضاء المدني يبت في أصل النزاع بين طرفين وترتيبا على ذلك فلا علاقة البتة بين رفض القاضي الاستعجالي لمطلب رفض الدعوى المدنية عند النظر فيها من طرف قضاء الأصل كون الحصول على أحكام استعجالية بالرفض أو القبول ولو كانت نهائية لا يلزم قاضي الموضوع (L'autorité de la chose jugée) وماالقول بخلاف ذلك إنّما غلط في القانون. وحيث ردّا على الأستاذ جاب الله فأودّ التذكير بأنه منطقا المعاينة لا تتم خارج مسرح الحدث إنّما داخله فكيف لمأمور عمومي أن يعاين واقعة عدم حصول على مكان شاغر لا جلوسا ولا وقوفا من خارج أسوار المسرح؟ أمّا القول بأنه دخول المسرح من قبل المتفرج كان لوحده لإثبات أن الجهة المنظمة أوفت بالتزاماتها فهذا قول مردود عليه قانونا كون صعود الإنسان الطائرة أو الحافلة أو القطار لا يعني أن الشركة المنظمة للسفرة قد أوفت بالتزاماتها تجاهه بل يتوجب عليها أن توف له الاستقبال الحسن وحسن المعاملة والراحة اللازمة وأن يصل إلى وجهته المقصودة سالما وآمنا. وحيث أنّ حضور حفل قرطاج في تلكم الليلة كان أمرا مستحيلا فكيف يدفع المواطن مالا ليشاهد حفلا فتراه يُهان ويعامل بطريقة فجّة فضلا على الحيف والعسف إذ أنّه لا يُساوى بغيره ممّن اقتطعوا نفس التذاكر وتنعّموا بمشاهدة الحفل بينما يبقى هو يتحسّر ويلعن الأقدار. أما بخصوص شكايتي الجزائية فإن مناط مأخذي على مدير المهرجان أنه آفل. أما ضدّ من سأوجه في قيامي المدني والاستعجالي فالأمر بديهي ويقيني ولا يهم الرأي العام، لكن من باب التزيد فخصمي في هذه القضايا لن يكون الا المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة الثقافة والمحافظة على التراث. وفي الأخير أقول أن مقصدي الأوحد هو تكريس ثقافة المسؤولية والمحاسبة والمؤاخذة إذا ثبت الخطأ والقطع مع عقلية الاعتذار لخير البلاد والعباد. وأخيرا وليس آخرا أرجو مع جزيل امتناني أن تعمّ الفائدة من يرى أنه هنالك مصلحة فضلى في حماية والدفاع عن المستهلك الثقافي». الأستاذ حسني الباجي