وزارة الفلاحة.. وضعية السدود الموسم الجاري كانت أفضل من السنة السابقة    زغوان: تقدّم موسم جني الزيتون بنسبة 40 بالمائة    البنك المركزي التونسي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره العماني    ظهور ضباب محلي آخر الليل    عاجل/ الصيدليات تؤكّد تمسّكها بتعليق صرف الأدوية بهذه الصيغة لمنظوري ال"كنام"    عاجل/ حجز 100 كلغ "زطلة" في ميناء حلق الوادي    انطلاق الورشة الإقليمية للدول العربية حول "معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي الإعاقات الأخرى"    توزر: زيادة منتظرة في نسبة الحجوزات بنزل الجهة خلال عطلة نهاية السنة الإداريّة    عاجل/ بالأرقام: سدود الشمال تتدعّم بكميات هامة خلال الاسبوع المنقضي    صدور كتاب جديد للباحث الصادق المحمودي يستشرف "علاقة الفقه بالنوازل الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي"    الزواج يتأخر في تونس والطلاق يرتفع: 16 ألف حالة سنة 2024    المنتخب التونسي لكرة القدم يشرع في تحضيراته لامم افريقيا يوم 12 ديسمبر    حالة فوضى إثر تعطّل إنطلاق اختبارات الأسبوع المغلق في هذا المعهد..#خبر_عاجل    يدهس خاله حتى الموت بسبب الميراث    الإفراج عن طالب الطب محمد جهاد المجدوب    تسمم جماعي لركاب طائرة متوجهة من شنغهاي إلى موسكو    كأس العرب قطر 2025: منتخبا الإمارات و الكويت يتطلعان للفوز وانتظار هدية التأهل    ليبيا: فندق للقطط بخدمات فاخرة (صور)    مباركة البراهمي ل «الشروق»: أجندا إسقاط الدولة لن تمرّ    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو إلى المشاركة في حماية المناخ    كفاش تعرف الى عندك نقص في فيتامين B 12 ؟    حذاري: كان تعمل الحاجات هذه تهلك دُهن ''الكرهبة''    قدّاش من كرهبة تستوردها تونس في العام؟    شمال إفريقيا: 2024 عام قياسي في الحرارة... وهذه الدولة تسجّل أعلى درجة    عاجل: عدد السكان يزيد بسرعة... هذه المدن العربية تسجل أكثر عدد    هام/ مؤسسة التلفزة التونسية تنتدب..    عاجل: كانك تُسكن في الإمارات رُّد بالك تعمل ''المخالفة'' هذه...تكلفك 5 ملايين درهم    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 6 شبان فلسطينيين بالضفة الغربية..#خبر_عاجل    شوف شنوة ال 5 حاجات تقولهم المرأة والراجل يفهمها بالعكس    المنتدى الابداعي... المسرح الفن الموسيقى والعلاج "يوم 13 ديسمبر 2025 بالمعهد الفرنسي بتونس العاصمة    نائب بالبرلمان : ''تونس لازم تحرك قوانين الصرف واستعمال الدرون''    تحذير: قاطو رأس العام حاضر منذ 4 أشهر...يتزين ويتباع آخر لحظة    استغل هاتف الوزارة للاتصال بخطيبته: السجن وخطية لموظف بوزارة..    الدكتور رضا عريف للتوانسة: هذه أعراض النزلة الموسمية...والحالات هذه لازمها طبيب    الرابطة الثانية: تعيينات منافسات الجولة الثالثة عشرة    كأس العرب: المنتخب المصري يلتقي نظيره الأردني بحثا عن التأهل لربع النهائي    كأس العرب قطر 2025: المنتخب الجزائري يسعى لحسم تأهله لربع النهائي في مواجهة العراق    Ooredoo تونس تتعاون مع Oredata وGoogle Cloud للمساهمة في تطوير تجربة الحرفاء والتسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي    تونس تحتضن قمة الاستثمار والابتكار يومي 28 و29 جانفي المقبل    خلال سنة 2025: الديوانة التونسية تحجز 14 كلغ من الذهب    حماية مدنية : 382 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    بطولة اسبانيا : خسارة صادمة لريال مدريد على أرضه من سيلتا فيغو    اليوم.. قمة عربية ساخنة بين المغرب والسعودية في الجولة الثالثة من كأس العرب    فيلم 'سماء بلا أرض' يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    التسامح وبلوى التفسّخ    العربي سناقرية: "بعد ما فعله منتخب فلسطين لا يجب أن نشجع سوى منتخب تونس"    عاجل: سامي الطرابلسي يُحمل مسؤولية الخروج للكاف    عاجل/ هذه الدولة تلغي إعفاء الفلسطينيين من تأشيرة الدخول..وهذا هو السبب..    مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة    ماسك يصعّد هجومه ضد الاتحاد الأوروبي.. ويشبهه ب"النازية"    الرواية في عصر الثرثرة.. مسيرة الأمين السعيدي نموذجا    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    بالفيديو: تخريب ورشة أطفال بمرسى السعادة وسرقتها يثير غضب الأهالي وصدمتهم    المغرب.. "أغاني فيروز" تكلف صاحب مقهى غرامة مالية    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام الدولي يتحول من الأحادية... إلى التعددية القطبية
تحليل إخباري: الارهاب والأزمة الاقتصادية العالمية
نشر في الصباح يوم 08 - 08 - 2009

لا ينكر إثنان أن العلاقات الدولية اليوم بدأت في اتخاذ اتجاهات جديدة بدأت تنعكس على النظام الدولي ككل.
فالعالم يشهد الآن اضطرابات وصراعات أكثر من تلك التي كانت أيام الحرب الباردة.
ومن هذا المنطلق فإن إلقاء نظرة على الخريطة الجيو-سياسية اليوم كفيلة بأن تجعلنا نلاحظ أن العالم يشهد صراعات كبيرة يمكن أن نختصرها في:
أولا: منطقة وسط آسيا وخاصة الصراع الباكستاني- الهندي على منطقة كشمير وتطور خطر هذا الصراع بعد اكتساب الهند بعد باكستان السلاح النووي.
هذا بالإضافة إلى الصراع بين قوات التحالف ضد مسلحي "طالبان" و"القاعدة".
ثانيا: منطقة آسيا الغربية حيث يزداد الوضع سخونة بين الكوريتين مع تلويح آخر معاقل الشيوعية كوريا الشمالية بالضرب بيد من حديد في حال مواصلة "االشقيقة الجنوبية" الليبرالية وحليفتها اليابانية لسياسة فرض الحصار السياسي والإقتصادي والعسكري عليها بالإشتراك مع الولايات المتحدة.
ثالثا: أكثر المناطق صراعا وهي منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من الاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 1948 وهو عنصر اختلال جيوسياسي ذو بعد استراتيجي، وانفجار "قنبلة" العراق بعد الغزوالأمريكي لبلاد الرافدين حيث كان من نتائج الغزو المباشر تأجيج الصراع بين الأقليات الموجودة في العراق، إلى جانب الصراع الطائفي اللبناني .
رابعا :صراع جديد في منطقة القوقاز بين الروس والجورجيين وهو صراع ذو صبغة سياسة جاء لينضاف إلى الصراع الدائر في الشيشان، بين الجماعات المسلحة الإستقلالية الشيشانية والقوات الروسية.
خامسا: صراع طائفي في القرن الإفريقي، بدءا بالسودان الذي يشهد صراعين في نفس الوقت صراع شمالي- جنوبي وصراع شمالي- غربي في دارفور وهو في مجمله صراع سياسي يليه الصراع الدائر في الصومال بين أثيوبيا التي اجتاحت الأراضي الصومالية وقوات "الجماعات المسلحة" المحلية فالصراع الأثيوبي الأرتري.
«الإرهاب» عامل تغيير نفسي في العلاقة بين الدول
كل هذه الصراعات بالإضافة إلى الصراعات الأخرى الموجودة في أرجاء المعمورة توحي بتطورات خطيرة أكبر قد تكون في طور التكوين خاصة مع تواصل اتساع الهوة بين "الشمال والجنوب".
وهي تبرز أن النظام الدولي يعيش في جو من"السلم الحذر" وهو جو تكون فيه العلاقات الدولية متميزة بحالة من عدم الثقة خاصة بين الدول التي تبعد جغرافيا عن بعضها، ولعل هذه الشحنة من انعدم الثقة تعود إلى 11 سبتمبر 2001 وبداية استراتيجية "الحرب على الإرهاب " التي أعلنتها أمريكا " بوش الإبن.
وبمقتضاها أصبحت كل دولة لا ترغب في الدوران في فلك واشنطن، دولة مارقة فلا يوجد مكان لعدم الانحياز "إما معنا أو ضدنا " على حسب تصريحات دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق.
حتى إن الرفض الفرنسي لاجتياح العراق اعتبر خيانة في نظرالمسؤولين في إدارة بوش في ذلك الوقت.
كما سنت واشنطن قانونا لمحاسبة سوريا بزعم مساندتها للإرهاب من خلال دعمها لحركتي "حماس" و"حزب الله" اللتان توجدان على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية.
لقد أعلنت الولايات المتحدة كدولة تتزعم العالم وتفرض نفسها كأول قوة عالمية بلامنازع بعد خروجها منتصرة من الحرب الباردة، "حربا جديدة على الإرهاب" فاجتاحت أفغانستان وأطاحت بنظام "طالبان" ومن ثم كان الدور سنة 2003 على العراق وإسقاط نظام صدام حسين.
ولم تكن تلك الحرب إلا إعلانا بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تغييير الأوضاع في الشرق الأوسط "الكبير" عن طريق مشروع لنشر الديمقراطية يستهدف فرض واقع جديد في منطقة تمتد من أفغانستان إلى سواحل المحيط الأطلسي وذلك لأن هذه المناطق تعتبر مصدرا على حد تعبيرها للإرهاب.
نتائج معاكسة
وفي كل الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة سواء مباشرة (أفغانستان العراق) أو بالوكالة (لبنان، غزة) لم تتمكن من تحقيق أهدافها في القضاء على "الإرهاب" بل إنها غرقت في المستنقع العراقي وتاهت في جبال أفغانستان.
حرب كلفتها قرابة 4 تريليونات دولار جعلت الخزينة الأمريكية تنفذ وتلتجئ إلى التداين ورهن الرقاع السيادية للخزينة الفدرالية لدى دول أخرى (70% لدى الصين).
لقد فقد بلد العام سام هيبته بعد أن لاقى صعوبة في العراق وأمام أفغانستان، وهو ما جعل دول العالم تعيد التفكير في تلك الزعامة المطلقة التي أعلنت بعد سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989 وتفكيك الإتحاد السوفياتي .
وحتى الخلايا الإرهابية أخذت منذ 2003 تنتشر كالفطر في جميع الأمصار رافعة شعار ضرب المصالح الأمريكية ومستهدفة أولائك الذين يتعاملون مع الولايات المتحدة بعد أن أضحت توصف من قبل تلك الخلايا ب"الشيطان الأكبر".
وبحساب بسيط فإن الإنفجارات التي هزت العالم قبل 2003 كانت أقل من تلك التي جاءت بعده.
لقد كان الإرهاب والتعنت الأمريكي عاملان أساسيان في زعزعة التوازن الدولي الذي قام بعد 1990.
وحتى مشروع نشر الديمقراطية لم يكتب له النجاح لأن الديمقراطية لا يمكن «أن تأتي على ظهر دبابة».
كما أن "الفوضى البناءة" لم تخلف إلا «دمارا غير بناء».
لم يغير ذلك سوى في مستوى التحالفات الدولية القائمة.
فمثلا بدأت أوروبا تتجه في استراتجياتها بعيدا عن الولايات المتحدة وبدأت منذ 2004، عندما أطلق الإتحاد سياسة خاصة للجوار والشراكة مع البلدان القريبة من المجال الأوروبي. وهي بمقابل ذلك المشروع الأمريكي ولكنه يختلف عنه إذ أنه يقوم على اعتماد الإقتصاد والإستثمار كوسيلة لمحاربة أسباب الإرهاب من جذوره.
وبالمثل أخذت أوروبا تنشئ سياسة دفاعية مشتركة أعلن عنها في سنة 2006 حيث استحدثت قيادة أركان مشتركة ومجمع استخباراتي لتبادل المعلومات بين أجهزة المخابرات الأوروبية. في خطوة معاكسة لاستراتيجية حلف الشمال الأطلسي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
لقد بدأ الإتحاد الأوروبي في انتهاج طريق آخر بعيد عن الفلك الأمريكي الذي كانت مرتبطا به طوال 50 سنة منذ الحرب العالمية الثانية إلى موفى القرن الماضي.
بل إن التحركات السياسية في الشرق الأوسط بالنسبة للإتحاد الأوروبي ظلت موازية لتلك الأمريكية، ففي حين تفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة وعلى حركة «حماس» فإن بعض العواصم الأوروبية ظلت تستقبل وفودا من هذه الحركة.
وبالتالي فإن السلوك بين الدول في إطار ما يسمى "الحرب على الإرهاب" يتميز بالإحساس العام بعدم الثقة سياسيا وأمنيا.
علاوة على ذلك التزعزع الإقتصادي الكبير الذي فرضته أزمة مالية خانقة ألمت بالقطاع العقاري الأمريكي لتنتشر إلى كافة أنحاء العالم مثل النار في الهشيم.
الأزمة المالية العالمية والنزوع نحو التكتل الإقليمي
لقد زادت تلك الأزمة المالية التي وصلت إلى ذروتها مع انتهاء فترة الرئاسية لجورج بوش الإبن من الإحساس بعدم الثقة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية كمؤتمنة على النظام النيولبرالي الذي ينظم الإقتصاد العالمي والمبادلات التجارية .
و لقد كان ذلك الإئتمان العقاري السبب المباشر للأزمة المالية العالمية .
كانت البداية سنة 2006 عند ما انخفضت قيمة الدولار بسبب التضخم الذي تعانيه، ولم يكن ذلك التضخم إلا نتيجة مباشرة لفراغ الخزينة الأمريكية التي اضطرت بفعل ضغط الحرب على الإرهاب إلى التداين ووضع المزيد من الأوراق النقدية في السوق لتلبية حاجيات الدورة الإقتصادية.
وما مبلغ 4 تريليون دولار جملة المصاريف على حرب العراق وأفغانستان إلا دليل على ذلك.
حتى إن كلفة الجندي المحارب الواحد وصلت إلى أكثر من 10 آلاف دولار في أفغانستان وحدها، وبحساب الضعف بالنسبة للعراق.
ولقد أثر انخفاض قيمة الدولار على قيمة جميع التعاملات التجارية وخاصة المالية، ولقد كان ذلك عاملا لارتفاع نسب الفائدة في القروض الممنوحة للاستغلال العقاري والتي انتشرت إلى أن أصبحت البنوك تسندها بدون تغطية.
ولم يكن ذلك إلا بداية لانتشار الأزمة المالية أفقيا وعموديا:
- فأفقيا كانت الأزمة المالية تنتشر في كافة أنحاء الأرض
- وعموديا أخذت الأزمة في التفرع إلى كافة آليات الإقتصاد الفعلي بعد أن أصابت الجهاز المالي المتعلق بالتمويلات الإستثمارية.
وعلى هذا الأساس أفلست بنوك كثيرة منها بنك ليمانن براذرز وصندوق ARG لإئتمانات القروض والذي أثر بدوره على الإستثمارات الصناعية والخدماتية ومنه مثلا إفلاس كبريات مصانع السيارات في الولايات المتحدة كالعملاق "الجنرال موترز".
لقد انجر عن هذه العاصفة المالية عديد المشكلات الإجتماعية ناجمة عن سحب الإستثمارات وتعليق بعض المشاريع الاستثمارية بعد فقدان التمويل.
ومن هذا المنطلق فإن الأزمة طالت كل من كان له علاقة مباشرة بالنظام المالي الأمريكي وخاصة ببورصة وال ستريت بنيويورك.
و كان ذلك عاملا مهما في تناقص الثقة في السوق المالية الأمريكي وتحول كبير في حالة المستهلك الأمريكي (أحد أساسيات الاقتصاد الأمريكي) من حالة الشراهة والإستهلاك المفرط "sur-consomation" .إلى حالة الإستهلاك الحصري.
وأثر ذلك بصفة مباشرة على حركة التصدير لعدة بلدان وخاصة التي تملك مبادلات تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة على غرار الصين واليابان والإتحاد الأوروبي وذلك أثر إلى درجة كبيرة على ميزان التجاري البيني بين هذه الدول والولايات المتحدة.
ولعل هذه الأزمة كانت هي الأولى من نوعها من حيث شمولها لكافة أنحاء العالم في العشريتين الأخيرتين.
واقع التكتلات والطموح الإقتصادي
و لكنها لم تكن الأولى من حيث طبيعتها المالية، ففي سنة 1998 ألمت أزمة مالية ببلدان جنوب شرق آسيا كادت أن تسبب بكارثة عالمية لولا التفاف التنانين والنمور حولها واستطاعوا تجاوزها .
و أخذت هذه البلدان منذ تلك الأزمة اجراءات احتياطية مالية فقد خصصت صندوقا ماليا للتدخل في أي أزمة ملمة بالقطاع المالي ضمن تكتل بلدان جنوب آسيا قدرت مدخراته ب80 مليار دولار.
و كانت تلك البداية نحو خطوة أخرى تنظيمية للتعاون الإقتصادي القائم :
* فسنغفورة وهونغ كونغ يتميزان ببنية تحتية مالية هامة .
* وأندونيسيا تتميز بإنتاجها للنفط والصناعة الثقيلة.
* والفيتنام وتايلندا بالصناعات الخفيفة.
هذا فضلا عن ميزة المشتركة لهذه البلدان والمتمثلة في اليد العاملة الرخيصة.
إن هذا التنظيم الذي بادرت به كتلة التنانين كان ناجحا عند مواجهة الأزمة المالية الحالية، حتى أن فك الإرتباط بوال ستريت بدأ منذ بداية هذه الألفية الجديدة وأدى ذلك إلى ظهور بانكوك كعاصمة إقليمية مالية في جنوب شرق آسيا.
وكان هذا التنظيم المحكم عاملا آخر على انتهاج نفس السبيل في آسيا الوسطى ضمن منظمة شانغهاي التي تضم كتلة الدول المستقلة وروسيا والصين.
وقد بدأ هذا التكتل الإقتصادي الجديد في العمل تحت رعاية من موسكو وبكين وأضحت المبادلات التجارية هي الطاغية على التعاملات الإقتصادية داخل التكتل.
هذا فضلا عن إيلاء جانب الدفاع والتعاون الأمني أهمية خاصة، تميزت بالإصرار الروسي والصيني على إنشاء قوة تدخل إتحادية سريعة في وسط آسيا لم تلق استحسان بعض أعضاء المنظمة.
وكذلك نسجت أمريكا الجنوبية على منوال الإتحاد الأوروبي ووقع بلدان أمريكا الجنوبية معاهدة انشاء اتحاد لاتيني، قائم على أساس التعاون الإقتصادي ومن ثم التفكير في الوحدة السياسية.
لقد كانت الأزمة المالية الحالية والتي تحولت في لمح البصر إلى أزمة إقتصادية فعلية إلى فرصة تاريخية أخذت البعض إلى إعلان التوحد في نطاق تكتلات إقتصادية كمرحلة أولى نحو توحد الرؤى السياسية.
وأضحى التكتل الجغرافي لبلدان متجاورة هو الحل الأنسب لتجنب تبعات أي أزمة مالية أو اقتصادية أو حتى أمنية.
وحتى إن هذه الأزمة أصبحت تشكل فرصة لبعض الدول لبسط نفوذها الجيواقتصادي عن طريق اقتناء حصص هامة في مؤسسات صناعية مؤثرة في عدة اقتصاديات شلت من جراء الأزمة الراهنة، وأبرز تلك البلدان الصين والتي أخذت في تنفيذ هذه السياسة الإقتصادية التوسعية في محاولة جريئة لتكوين مركز مالي دولي.
والحاصل أن النظام الدولي بدأ في التغيير باطراد، فالمرحلة الأولى من ذلك التحول في العلاقات الدولية بدأ منذ 11 سبتمبر 2001 وإعلان الحرب على الإرهاب وهو العامل الأول الذي جعل الثقة في التعاملات الدولية تتغير وهو ما أحدث منعرجا جديدا في السلوك الدولي.
وها أن المرحلة الثانية من تغير النظام الدولي من الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية بدأ بالتوضح مع نزوع الدول نحو التكتل الإقتصادي والتحالف العسكري ليؤسس في مرحلة لاحقة لنظام دولي جديد قائم على التكتلات البراغماتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.