تونس الصباح مضلات شمسية مصنوعة من الحلفاء غلفت جوانبها بقطع من القماش المزركشة لتصبح خيمة.. نصبت الواحدة بجانب الاخرى واستقرت فيها عائلات واتخذت منها مقرا لقضاء عطلة الصيف والاستمتاع بجو البحر.. هو مشهد نكاد نراه في معظم الشواطىء التونسية قريبة كانت او بعيدة. البعض اعتبرها وسيلة من وسائل الترفيه والاستمتاع والبعض الآخر اعتبرها مصدر للتلوث والازعاج. كمال اب لثلاثة اطفال اتخذ من ضفاف الشاطىء مقرا له منذ بداية الصيف فيقول: «نحن نأتي تقريبا كل صيف الى هذه المنطقة لنتمتع بالبحر رفقة عائلتي كما انه اصبح لدينا العديد من الرفاق هنا اعتدنا عليهم واعتادوا علينا» تجهيزات عديدة ابرزها موقد صغير وقارورة غاز ، آواني للاكل، كراسي ملقاة وبعض المفروشات.. اجتمعت كلها داخل المنزل (كما يحلو لساكني الخيمة تسميتها) حبال لشد الخيمة اصبحت تستعمل لنشر الغسيل فوقها. «آتي الى هنا رفقة ابنتي واحفادي نقضي بعض الايام ثم نرجع الى المنزل وهكذا دواليك فالطقس حار والبحر جميل..» هذا ما قالته الحاجة منيرة التي اكدت ان العديد من افراد عائلتها يأتون آخر الاسبوع الى هذا الشاطىء ويتخذون هم ايضا خيما ليسكونها. يصل سعر المضلة الى 8 دنانير في اليوم وكلما ارتفع عدد الايام ارتفعت اجرة المظلة «لا تؤجر الخيم وانما تؤجر المظلات» هذا ما افاده احد مؤجري المضلات الشمسية في منطقة حلق الوادي الذي اكد ان نشاطه قانوني وقد ابرم اتفاقية مع البلدية وهي التي تحدد له اسعار الايجار وقد نفى محدثنا ان يكون مسؤولا عن هذه التجاوزات حيث ان دوامه ينتهي عند الساعة السابعة مساء ولادخل له في ما يحصل بعد ذلك. كل قدير وقدور.. السيد لطفي عامل يومي واب ل4 اطفال جاء برفقة عائلته والبعض من اقاربه ليصنعوا خيما فرشوها ببعض الزرابي البالية وبعض الحاجيات الاساسية وقسموها حسب احتياجاتهم. فيقول «كل قدير وقدرو هناك من يقدر على كراء منزل مجهز بجميع المرافق وهناك من يقدر على كراء مضلة تقيه من لفح الشمس ومن الندوة ليلا» ويضيف محدثنا «هناك من يأكل ويرمي فضلاته في البحر فقد حرمونا من بحر نظيف ومن الاستمتاع به». اما السيدة نجاة فقد اعتبرت انه من حق كل مواطن التمتع بالبحر وطراوة الطقس» ولاننا لا نستطيع دفع الاجور الباهضة وجدنا وسيلة اخرى وبسعر اقل بكثير للترفيه عن انفسنا. خيمات عديدة نصبت تقريبا على كامل الشريط الساحلي لمنطقة حلق الواد الى درجة انها اصبحت منقسمة الى شبه احياء فمثلا تلك المنطقة هي خاصة بفلان والمنطقة الاخرى خاصة بجماعة اخرى. هذا ما اكده العديد من متساكني هذه المنطقة والذين اشتكوا من الزحف الكبير لاصحاب الخيمات الى درجة انهم اصبحوا يقضون كامل الصيف على ضفاف الشاطىء. وفي هذا الخصوص يقول السيد منصف قاطن بمنطقة حلق الوادي: «لم يعد البحر كما كان سابقا فقد اصبح مصبا للنفيات وكثرت فيه الجرائم والعراك. صحيح ان البحر ملك الجميع ولكن هناك اصول ومبادىء يجب اتباعها. وتوافقه الرأي جارته السيدة عليا التي ابدت غضبها الشديد من هذه الظاهرة التي اعتبرتها «تجاوزا لا يخضع للردع» فافادت «ان هذا المشهد ليس بالجديد فهو يتكرر كلما ارتفعت حرارة الطقس وذلك منذ سنين عدة وعوض ان تتلاشى وان تتصدى الجهات المختصة لذلك اصبحت موجودة اكثر من ذي قبل ولذلك اصبحنا نتجه الى شطوط اخرى انظف من شطوطنا هذه». امتعاض شديد ظهر على وجوه متساكني منطقة حلق الوادي خاصة من اجل التلوث الشديد والضجيج الذي يتواصل حسب قولهم كامل ايام الاسبوع ومن الساعات الاولى من الصباح الى ساعات متأخرة من الليل. هناك ردع.. لكن.. وفي اتصال مع مصلحة التراتيب التابعة لبلدية حلق الوادي اكد احد المسؤولين السيد «اسماعيل» ان البلدية تقوم بدورها على اكمل وجه وانه تم حجز العديد من الخيم والاغراض التابعة لاصحابها على اثر حملات يقوم بها اعوان مصلحة التراتيب في اوقات مختلفة ليلا ونهارا رفقة الشرطة البلدية واعوان منطقة المركز العدلي وفريق للشرطة في الشط. كما تم حجز العديد من المضلات والكراسي الغير مرخصة وتغريم اصحابها لتجاوزهم القانون. وقد اكد محدثنا انه رغم الردع الذي تفرضه الجهات المختصة لهذه الظاهرة الا انها تبقى متفشية وواسعة لا يمكن القضاء او التصدي لها بسهولة خاصة وان هذه المنطقة بالذات هي قريبة من وسط العاصمة ولذلك تشهد اقبالا كبيرا. موقف الحماية المدنية كما عبر رجال الحماية على امتعاضهم من بعض التصرفات التي يقوم بها اصحاب الخيم خاصة منها القاء النفيات في غير محلها وغسل ادوات الطعام في البحر الى جانب المظاهر السيئة الاخرى التي تسبب في الضوضاء وعدم احترام الاخرين وايضا كثرة العراك بين الشبان او بين الاطفال وهو ما يدعو في بعض الاحيان الى التدخل وفرض السيطرة. البحر ملك الجميع هي مقولة اعتدنا سماعها ولكن السؤال المطروح هو هل يعني ان نمارس كل ما يحلو لنا تحت هذا الغطاء؟ او هذه الحجة، سؤال توجه به اغلب متساكني وزائري منطقة حلق الوادي للجهات المختصة.