عمد اصحاب المقاهي خلال هذه السنة الى تهيئة محلاتهم اما باقتناء كراسي وطاولات جديدة أو بادخال تحسينات على مستوى الديكور كل ذلك استعدادا لاستقبال زبائنهم خلال شهر رمضان الكريم للاستمتاع بالسهرات الرمضانية ومنذ اليوم الثاني لشهر رمضان شهدت المقاهي بتونس العاصمة وبالبحيرة حضورا هاما من الزبائن سواء كانوا فتيان او فتيات رغبة منهم في قضاء السهرة الرمضانية رفقة اصدقائهم في اجواء لا تخلو من الصخب والموسيقى أنيسهم في ذلك الدخان والشيشة هؤلاء الذين هجروا الشيشة في النهار وعادوا اليها في الليل دون معرفة لمضارها هذا ماحاولنا رصده خلال هذا الروبورتاج باحدى المقاهي بالبحيرة وبعد الإفطار انطلق العديد من الشبان والشابات لتمضية الوقت بهذا المقهى للاستمتاع بالاغاني الموسيقية والتفاعل معها في اجواء لا تخلو من دخان السجائر ورائحة» المعسل « الشيشة التى تعبق في المكان. في هذا المقهى انزوت الانسة مريم (طالبة سنة رابعة اقتصاد وتصرف) باحدى زوايا المقهى تستنشق وتنفث دخان شيشتها وهي تتجاذب اطراف الحديث مع زميلاتها وزملائها و قهقهاتها تعلو المكان بكل ثقة غير مكترثة بنظارات الرجال والنساء الجالسين حولها ومن ثم قالت والابتسامة تعلو محياها «الشيشة هي عشقي هي غرامي» فانا احب شهر رمضان لانه شهر السهرات واللمات مع الاحباب والاصحاب زد الى ذلك فان للشيشة رونقا ولذة اخرى لا مثيل لهما في سائر الايام العادية ومن ثم قالت صديقتها الانسة سلمى هي الاخرى طالبة سنة ثالثة حقوق ودخان السيجارة يتسرب من شفتيها بكلمات خافتة لقد كنت اقضي جل ليالي شهر رمضان رفقة عائلتي بالمنزل بين امي واخوتي امام شاشة التلفاز اما ابي فقد كان يقضي جل وقته بالجامع لاداء صلاة التراويح ولكن الحقيقة ومنذ نجاحي في البكالوريا انتقلت الى تونس لمواصلة دراستي هنا وأصبح المبيت الجامعي مقر سكناي والحقيقة انه ومنذ ذلك الحين اختلفت طريقة عيشي وكيفية تمضية شهر رمضان الذي اصبحت احب كثيرا تمضيته رفقة اصدقائي وصديقاتي بدل المكوث لساعات طويلة بمفردي بالمبيت وعندما دعتني صديقتي مريم هذه السنة لقضاء شهر رمضان معها فلم ابخل لحظة عن ذلك رغم رفض عائلتي ولكن ماذا افعل «فقد اصبحت اجواء المنزل تخنقني سيما واني تعودت على السهرات الرمضانية بعيدا عن جدران المنزل والمبيت. ويقول السيد سالم نادل بالمقهى بان الفتيات هنا يطلبن الشيشة وكانهن يطلبن قارورة من الماء او فنجانا من القهوة وكأن الامر عادي جدا ان تمسك الفتاة بالشيشة وتجلس جلسة ذكورية وتتحدث بصوت مرتفع وترتدي ملابس شبه عارية وتقهقه بقهقهات عالية دون اي اكتراث للجالسين من حولها ودون احترام لشهر رمضان المعظم الكريم «الحقيقة لاشئ مخجل فعلا». لقد اشتقت اليها هكذا اجاب السيد منير بحرية 29 سنة وهو جالس صحبة اصدقائه والسيجارة بيده والدخان يعج المكان « لقد اشتقت الى هذه الشيشة التي لم أدخنها طيلة اليوم فقد اشتقت الى كيفية مسكها والى رائحتها كيف لا فالشيشة «عشيرتي منذ كنت في سن ال13» كذلك قال ابن عمه السيد لطفي 32 سنة «الحقيقة فان الصيام عن الشرب والاكل لا يزعجاني بقدر ما يزعجني غياب الشيشة فمنذ الساعة الثانية تقريبا أشعر «بحشيشة رمضان» فقد تعودت بها واصبحت من المدمنين عليها ورغم محاولاتي المرار للابتعاد عنها سيما في انها السبب في الامراض التي انتابتني على صغر سني ولكن للاسف لم استطع مفارقتها وسرعان مايدفعني الحنين اليها من جديد. ورغم مايجده الكثير من شبابنا من متعة في ارتياد مثل هذه المقاهي لقضاء سهرة رمضانية في مكان تعبق منه رائحة الشيشة بمختلف اشكالها وانواعها ونكهاتها المتنوعة «التفاح ، الفراولة ،الفواكه...» ودخان السيجارة بمختلف انواعها لتعويض ما فاتهم طيلة النهار، الا ان هذه المتعة وللأسف لا تخلو من الأضرار التي من شأنها أن تصيب المدخن والمدخن السلبي بأمراض خطيرة قد تكون السبب الرئيسي في وفاته. مخاطر الشيشة فحسب دراسة قامت بها منظمة الصحة العالمية اكدت بان الدخان المنبعث من مبسم الشيشة يحتوي على عدد من المواد السامة التي كثيرا ما تسبب حدوث سرطان الرئة وعدة امراض اخرى مؤكدة في نفس السياق بأن استعمال الشيشة وتدخين التبغ المطعم بانواع المعسلات وبطعم الفواكه يعرض الشخص المدخن الى كمية أكبر من الدخان على مدى اطول، مقارنة بالزمن الذي يقضى في تدخين السجائر. واظهرت الابحاث الأولية أن تدخين الشيشة له اخطار مماثلة لتدخين السجائر، بل انه يمكن ان يشكل مخاطر صحية كبيرة زد الى ذلك مضار الدخان وانعكاساتها السلبية على صحة المدخن