في حدث لا يخلو من الاثارة طالب مسؤول السياسات الخارجية في حزب الديموقراطييين الاحرار وهو الشريك الجديد في الائتلاف الحكومي المرتقب في المانيا بزعامة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل. بمنح تركيا فرصة للوفاء بمعايير الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي معتبرا في ذات الوقت ان عرض المستشارة السابق على انقرة الذي يقتصر على الشراكة المميزة قد عفا عليه الزمن على حد تعبيره وهو ما يعني بكل بساطة التوجه عكس قناعات المستشارة الالمانية وتوجهات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المعلنة بشان بقاء تركيا خارج الاسرة الاوروبية حتى وان كان جزء من تراب تركيا يمتد على الخارطة الاوروبية... وسواء كانت هذه التصريحات التي تاتي بعد ساعات قليلة على اعلان نتائج الانتخابات الالمانية الاحد الماضي مجرد بالونات اختبار من جانب الشريك الجديد لزعيمة المحافظين بعد الهزيمة القاسية التي مني بها الديموقراطيون الاشتراكيون بزعامة فرانك شتاينمار او سواء كانت محاولة استباقية من الحزب الديموقراطي الحر وهو الذي يعد احد الاحزاب الليبيرالية الصغيرة والصاعدة في المانيا لتوسيع قاعدته الشعبية واستمالة نحو اربعة ملايين تركي يقيمون في المانيا فان في هذه التصريحات ما يعيد الى السطح احد الملفات العالقة في الاولويات المؤجلة للاتحاد الاوروبي الذي ما انفك يماطل تركيا ويسعى لتاجيل طلبها للانضمام الى عضويته لاسباب متعددة قد تكون مقنعة احيانا وقد تفتقر للاقناع في احيان كثيرة وذلك بعد مرور خمس سنوات على مطالبة تركيا بالانضمام الى اوروبا ومضيها قدما في تنفيذ لائحة المطالب والشروط الاوروبية التي يستحيل معها توقع صدور الموافقة على تحول تركيا لعضو كامل في الاتحاد الاوروبي لسبب مهم وهو ان تركيا التي تدين بالاسلام وتعد نحو ثمانين مليون نسمة ستتفوق ديموغرافيا على اكبر الدول الاوروبية التي تعاني من تراجع في نسبة نموها الديموغرافي وهو سبب كاف لبقاء تركيا العلمانية خارج الاتحاد الاوروبي... ولعل في هذا التصريح الذي قد يكون فاجأ المستشارة الالمانية في هذه المرحلة قبل حتى استكمال المفاوضات حول الائتلاف الحكومي المرتقب اعلانه خلال شهر فان فيه ما يمكن ان يؤشر الى ان التعايش بين الحزبين قد لا يكون بالامر الهين وان المرحلة القادمة قد لا تخلو من صدامات بين الديموقراطيين المسيحيين والحزب الديموقراطي الحر وزعيمه الشاب فيسترفيله الذي سيصبح نائبا للمستشارة ووزيرا لخارجية اكبر اقتصاد أوروبي الذي حرص خلال حملته الانتخابية وبالاضافة الى حزمة الوعود الاقتصادية المغرية التي قدمت للناخبين والمطالب برفع الضرائب المفروضة على الميسورين فقد حرص على التلويح بورقة لا تخلو من الحساسية بالنسبة للناخبين الالمان عندما دعا علنا الى التخلص من الاسلحة النووية التي نشرتها امريكا خلال الحرب الباردة في المانيا الى جانب مطالبته بسحب القوات الالمانية من افغانستان بما يتفق مع مختلف استطلاعات الراي في المانيا وأيضا ما تعارضه ميركيل بدعوى تفاقم الخطر النووي الايراني... وربما لاتتوقف الاختلافات بينهما عند هذا الحد وقد لايكون ملف انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سوى نقطة من بحر. ولعل تقدم المفاوضات بشان الائتلاف الحكومي يكشف المزيد عن التباين بين الطرفين لا سيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لالمانيا التي تستعد لاحياء الذكرى العشرين لتوحيد الالمانيتين وسط تواتر المؤشرات عن انتعاشة اقتصادية في أعقاب أسوإ أزمة اقتصادية تهز البلاد منذ ستين عاما بفضل ما اجمع الملاحظون على اعتباره بنجاعة. الوصفة العلاجية التي اعتمدتها المستشارة الالمانية لتجاوزها ولتضيف بذلك الى رصيدها المزيد من الالقاب الكثيرة التي انتزعتها بعد اطلاق لقب السيدة الحديدية عليها بالاضافة الى استحواذها على لقب اقوى امراة في العالم للسنة الرابعة على التوالي حسب مجلة فوربس وهو ما جعل منافسها الابرز في سباق الانتخابات زعيم الديموقراطيين الاشتراكيين فرانك شتاينمر يقر علنا بهزيمته ويعلن بان نتائج الانتخابات كانت يوما مرا للديموقراطية الاجتماعية الالمانية وان لا مجال لتجميل الامور بعد ان اصدر الناخبون قرارهم...