المفترق غير مجهّز بالحواجز والإشارات الضوئية رغم استحالة الرؤية بالقرب منه الأسبوعي القسم القضائي ليست المرّة الأولى وقد لا تكون الأخيرة التي «يلتهم» فيها القطار عمر أبرياء ذنبهم الوحيد أنّهم اختاروا «مفترق الموت» بمنطقة «الخرّوب» بأحواز الحمامات ليعبروا نحو منازلهم.. كذلك الشأن بالنسبة إلينا فهذه المرّة ليست الأولى وقد لا تكون الأخيرة التي تطأفيها أقدامنا هذه المنطقة لزيارة عائلات مات أبناؤها في مفترق الموت أو بالقرب منه.. فقد سبق وزرنا المكان لتغطية فواجع كان القطار طرفا فيها.. فواجع القطار فهذه المنطقة التي تقطن بها نحو 300 عائلة أحدثت قبل نحو عشرة أعوام بطريقة فوضوية ولكن العدد الكبير للمتساكنين دفع بالسلط المعنية الى تزويدهم بمستلزمات الحياة.. كالماء والكهرباء وظلّ هؤلاء يعيشون في هدوء غير أن القطار ظلّ من حين لآخر ينغّص عليهم هذه السكينة حين يختطف أحد أبنائهم بسبب عدم تجهيز المفترق الوحيد بالحواجز أو بالإشارة الضوئية والاكتفاء بإشارتي قف وقاطع ومقطوع رغم استحالة الرؤية لمن يريد قطع السكة. مفترق الموت هذا ما لاحظناه وشاهدناه سواء في زياراتنا السابقة لهذه المنطقة أو في الزيارة الأخيرة، فالمفترق مرتفع نسبيا عن الطريق الفرعية غير المعبّدة وإذا أردت قطع السكة فعليك أن توقف سيارتك ثم تقترب رويدا رويدا من المفترق للتثبت من وجود قطار من عدمه وذلك لن يتسنى لك إلا إذا اقتربت من السكة وإذا اقتربت وكان القطار قريبا فتأكد من أن الاصطدام واقع لأن السائق سيعجز حينها عن فعل أي شيء ويترك مصيره بين عجلات القطار الحديدية.. وهذا ما حصل فعلا في حدود الساعة الواحدة من بعد زوال أحد أيام الأسبوع الفارط عندما صدم القطار السريع القادم من العاصمة سيارة من نوع بيجو 106 ممّا أدّى الى مقتل سائقها الهادي الشامخي (34 سنة) وهو موظف بنزل وطفلة من أقاربه تدعى رباب الشامخي (9 أعوام) وهي تلميذة بالسنة الثالثة ابتدائي وإصابة زوجة السائق وابنيه. الصمت! شقيقة الهادي عبّرت لنا عن استيائها من صمت إدارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية تجاه المعاناة اليومية لمتساكني المنطقة جرّاء «مفترق الموت» الذي لم يتم تجهيزه بالإشارات الضوئية أو بالحواجز وكذلك تجاه نداءاتهم المتكررة لتسييج ممرّ للمترجلين محاذ للقنطرة يمكن التلاميذ وأولياؤهم من عبور السكة بأمان. محدثتنا أضافت أن هذا النزيف لن يتوقف وهو ما أكّده خال الطفلة رباب أثناء حديثه عن الفاجعة الجديدة التي شهدتها المنطقة مؤكدا على ضرورة إيجاد حلّ عاجل لتأمين هذا «الغول» حسب وصفه «الذي ما انفك يخطف أبناءنا وإخوتنا». الاصطدام القاتل وعن وقائع الحادث علمنا أن الهادي اعترض بعد منتصف النهار والنصف زوجته التي ذهبت للعودة بأحد ابنيها وقريبة لهم (رباب) من المدرسة الابتدائية بمنارة الحمامات فاستقلّ جميعهم السيارة وسلكوا طريق العودة الى المنزل بمنطقة «الخرّوب» ولكن على مستوى المفترق الوحيد بين الطريق الفرعية والسكة توقف الهادي للتّثبت من وجود قطار قادم من عدمه ولكن برؤيته للقطار اضطرب بعض الشيء باعتبار وجود السيارة على السكة وهو ما أدّى الى توقف المحرّك وعجز المسكين عن فعل أي شيء وما هي سوى ثوان حتى حلّ القطار السريع فاصطدم بالسيارة وألقى بها بعيدا مما أدّى الى مقتل الهادي والطفلة رباب على عين المكان وإصابة الزوجة وابنيها. .. ويبقى السؤال! حلّ أعوان الحماية المدنية ونقلو الزوجة وابنيها على جناح السرعة الى المستشفى حيث احتفظ بهم. وبعد الفحوص أخلي سبيل أحد الطفلين فيما أجريت للثاني عمليتان جراحيتان إحداهما على الرأس وخضعت الأمّ الى عملية جراحية.. أما أعوان الحرس الوطني فقد عاينوا موقع الحادث وجثتي الضحيتين وفتحوا تحقيقا في الغرض لتحديد ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات. يبقى السؤال.. إلى متى سيتواصل هذا النزيف بمفترق «الخرّوب» الذي قصف السنة الفارطة حسب أحد محدثينا أرواح ثلاثة أشخاص كما أن زوجة الهادي نفسها أصيبت السنة الفارطة بكسر عندما داهمها القطار قرب القنطرة وألقت بنفسها في «الخندق» هربا من الموت الذي اختطف هذه المرة زوجها الشاب وألحق بها وبطفليها إصابات متفاوتة الخطورة؟ صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: