تونس/الصباح: المسافة التي يقطعها الراجل في ربع ساعة.. تقطعها السيارة أحيانا في نصف ساعة.. فاختناق حركة المرور أصبح أمرا لا يطاق.. نظرا للوقت الضائع والطاقة المهدورة.. وفي كثير من المفترقات بالعاصمة إن لم تكن كلها تعم حالة من الفوضى وعدم احترام إشارات المرور والأولوية نظرا لأن كل السواق على درجة شديدة من التوتر بسبب الازدحام. وفي جولة أجرتها "الصباح" أمس إلى بعض المفترقات وهي مفترق باب عليوة ومفترق باب الفلة ومفترق باب سعدون ومفترق باردو ومفترق ساحة باستور ومفترق 10 ديسمبر لاحظنا أن السائق يبدد الكثير من الوقت قبل عبور هذه المفترقات وبعدها.. وهو ينفق أيضا الكثير من المال على الطاقة المهدورة. كما لاحظنا أن جل الطرقات وسط العاصمة خاصة في ساعات الذروة تشهد اكتظاظا كبيرا.. ولكن إلى متى سيتواصل مشهد الازدحام هذا؟؟ ومتى سيتم التوصل إلى حل؟؟ فمنذ سنوات كثر الحديث عن معضلة اختناق حركة المرور وتنبأ الجميع بأن الاختناق سيكون أكثر حدة في المستقبل نظرا لكثرة إقبال التونسيين على اقتناء سيارات خاصة من ناحية ثم لتردي ظروف النقل الجماعي من ناحية أخرى. ورأى البعض أن الحل يكمن في التخلي عن السيارة الخاصة وفسح المجال للنقل الجماعي ولكن البعض الآخر لم يقتنع بهذه الفكرة وقالوا "من سيوافق على ترك سيارته في المنزل وتكبد مشقة التنقل في الحافلات الصفراء أو في عربات المترو الخفيف التي تختنق فيها الأنفاس بسبب شدّة الازدحام؟؟".. ولا شك أنهم محقون في قولهم فالإحصائيات بينت بالكاشف أن حصة النقل الجماعي شهدت تراجعا خلال السنوات الماضية خاصة بإقليم تونس الكبرى إذ تمثل نسبة النقل الحضري 40 بالمائة في نهاية المخطط العاشر مقابل 50 بالمائة خلال المخطط التاسع وذلك نتيجة للإقبال على اقتناء السيارات الفردية من جهة ولتواضع الخدمات جراء تفاقم مشكلة الاكتظاظ على الطرقات من جهة أخرى. هذا إضافة إلى ضعف التوازنات المالية لشركات النقل البري للمسافرين نتيجة المحافظة على التعريفات والتركيز على النقل المدرسي والجامعي ذي التعريفة المنخفضة وتطور نفقات المحروقات إلى جانب ضعف الخدمات. الحل في النقل الحديدي لتجاوز بعض هذه العراقيل تقرر أن تشهد السنوات القادمة إيلاء أولوية مطلقة للنقل الجماعي وخاصة الحديدي وتم اعتماده كخيار استراتيجي لمعالجة سيولة حركة المرور والاكتظاظ والتحكم في الطاقة والمحافظة على المحيط وذلك بمواصلة انجاز برامج تحسين النقل الجماعي بتونس الكبرى في إطار شبكة مندمجة تشمل الشبكة الحديدية السريعة وخطوط المترو الخفيف والحافلات ومحطات الترابط في إطار منظومة تأخذ بعين الاعتبار إحكام المرور.. وبالتوازي سيتم التركيز على النهوض بالنقل الجماعي من خلال انجاز الدراسات الفنية للبرامج والذي تم تحديدا في الأمثلة التوجيهية للنقل بمدن صفاقس وسوسة وانجاز أمثلة نقل بالمدن الأخرى مع تشريك الجهات وخاصة المجالس الجهوية والجماعات المحلية في التصرف وتنظيم وتمويل النقل الحضري والجهوي والعمل على تحقيق توازن مالي للشركات العمومية بتطوير عرضها كما وكيفا ودمج شبكاتها وتعريفاتها. وتقوم خطة تطوير النقل الحديدي على الرفع من حصته اعتبارا للكلفة المنخفضة لهذا الصنف والاقتصاد في الطاقة والمحافظة على المحيط. وترتكز الخطة عل بعث شركة جديدة لانجاز واستغلال الشبكة الحديدية السريعة والشروع في انجاز المكونات ذات الأولوية المتمثلة في خط برشلونة منوبة (11 فاصل 3 كلم) وخط برشلونة الزهروني (6 فاصل 3 كلم) والتعهد بانجاز المحور شمال جنوب من محطة بئر القصعة إلى بورجل (11فاصل 5 كلم). وتتعلق المشاريع الأخرى للنقل الحضري والتي ستنجز من طرف شركة المترو الخفيف بتوسيع شبكة المترو إلى المروج والمركب الجامعي بمنوبة وتحسين طاقة استيعاب الجذع المشترك وتجديد خط تونسالمرسى واقتناء عربات جديدة للمترو الخفيف . وبالنسبة للسكك الحديدية سيتم إتمام كهربة الخط الحديدي تونس برج السدرية (23 كلم).