مؤهلات سياحية هامة لكن ماذا عن استغلالها وتوظيفها؟ 25% من المخزون الأثري الوطني يتركز في الولاية ويتطلب تدخلات لحمايته القصرين الصباح «آن الأوان لدفع السياحة في ولاية القصرين» هذا ما ورد على لسان السيد التيجاني الحداد وزير السياحة خلال زيارة العمل التي اداها الى القصرين يوم السبت الفارط صحبة ثلة من مديري ومسؤولي الوزارة وديوان السياحة واشرافه على ندوة جهوية خصصت لعرض نتائج «الدراسة الاستراتيجية لتنمية قطاع السياحة بالجهة». ويذكر ان هذه الدراسة تاتي في اطار عدد من الدراسات الاستراتيجية لتنمية السياحة لا سيما السياحة الثقافية والبيئية في كل من القصرين وسيدي بوزيد وسليانة. ما ورد على لسان وزير السياحة كان خير ترجمة لنتائج الزيارات الميدانية التي شملت جملة من المواقع الاثرية والطبيعية في الجهة مكنت ادارة الاشراف من الاطلاع على المخزون السياحي الهام الذي تزخر به ولاية القصرين والذي للأسف لم يتم استغلاله الى الان، رغم حاجة القطاع السياحي في بلادنا الى البحث عن منتوجات جديدة والخروج من بوتقة السياحة البحرية والشاطئية الى منتوجات سياحية اخرى وهو جوهر الاستراتيجية الجديدة للسياحة في تونس ورغم حاجة الولايات الداخلية ومن بينها ولاية القصرين الى دفع عجلة التنمية بها واحداث مواطن شغل لابنائها وقد تكون مؤهلاتها السياحية «المغمورة» القاطرة المعطلة حاليا والتي بامكانها اذا ما تم التعريف بها واستغلالها الاستغلال الامثل وتوفير الظروف الملائمة للاستثمار.. ان تغير وجه التنمية في الجهة مائة وثمانين درجة الى الافضل. نتائج الدراسة الاستراتيجية قول السيد التيجاني الحداد بانه آن الاوان لدفع السياحة في ولاية القصرين مرده كذلك ما افرزته نتائج الدراسة الاستراتيجية للتنمية السياحية بولاية القصرين التي اكدت ثراء الامكانيات السياحية في الجهة. تجدر الاشارة في هذا السياق ان ولاية القصرين تضم حوالي 3500 موطن اثري اي ما يقارب 25% من المخزون الاثري الوطني. وتعود هذه المواقع الاثرية الى حقب تاريخية مختلفة رومانية وبيزنظية ولوبية.. كما يتميز هذا المخزون الاثري بعناصر من الخصوصية والتفرد في كامل البحر الابيض المتوسط. تتميز الجهة كذلك بجملة من الاحداث التاريخية الهامة ومواقع طبيعية متنوعة حيث تضم الجهة 20% من الغابات التونسية وسلاسل من الجبال من اهمها جبل الشعانبي اعلى قمة في تونس ويحتوي على محمية. تضم ولاية القصرين كذلك عددا من الشلالات والعيون ولها مخزون مائي هام له خصوصية استشفائية كذلك هذا الى جانب ثراء الفنون الشعبية والتقاليد والعادات المحلية بالجهة.. الخ. افاق سياحية هامة كل هذه المؤهلات والخصوصية تؤهل الولاية لتكون وجهة سياحية. وتفيد الدراسة الاستراتيجية ان المنتوجات السياحية الممكنة في الجهة تشمل السياحة الثقافية والسياحة الريفية والسياحة البيئية اضافة الى السياحة الاستشفائية.. وبامكانها ان تتفرع الى مجالات سياحة الصيد وتسلق الجبال والفروسية والمهرجانات والتظاهرات الثقافية الخ.. وتفيد الدراسة في السياق ذاته ان هذه الآفاق بامكانها استيعاب مشاريع على المدى المتوسط والقصير (3 سنوات) بقيمة 22،2 م.د وعلى المدى الطويل (اكثر من 3 سنوات) بقيمة 41،1 م.د وقدمت الدراسة كذلك امثلة من المشاريع السياحية على غرار بعث مركب استشفائي بالمياه المعدنية وبعث متحف الحرب بتلابت وتهيئة الحديقة الوطنية بالشعانبي. اضافة الى امكانية بعث عدد من المسالك السياحية.. وتساهم هذه المشاريع اذا ما تم بعثها في احداث حوالي 899 موطن شغل مباشر واكثر من 3 الاف موطن شغل غير مباشر. تحديات واشكاليات غير ان اقامة هذه الاستثمارات وتنمية القطاع السياحي بالجهة يواجه جملة من التحديات والاشكاليات جاءت على بعضها الدراسة وعبر عنها المشاركون في الندوة الجهوية التي اشرف عليها وزير السياحة يوم السبت الفارط. وفي مقدمة هذه المعوقات نجد البنية التحتية غير الملاءمة والتي تتطلب مجهودا لتحسينها وتأهيلها على غرار شبكة الطرقات بالجهة والاشارات الموقعية والماء والكهرباء والتطهير والنقل الى جانب ذلك تفتقد الجهة الى وحدات ايواء لائقة كما تغيب فيها المرافق الترفيهية من مقاه ومطاعم وهو ما جعل السياحة في هذه الولاية تقتصر على سياحة العبور. تواجه الجهة كذلك اشكالية الترويج والتسويق والتعريف بمخزونات الجهة وقد تساءل المشاركون في الندوة الجهوية عن دور وكالات الاسفار في هذا السياق. ودعا بعضهم الى الاسراع في تأهيل المسالك الريفية وتحسين مداخل المدينة وخلق فضاءات لشد السياح والتخلص من عقدة سياحة العبور. دعا البعض كذلك الى تدعيم بلديات الجهة من طرف صندوق تأهيل المناطق السياحية واشار بعض المتدخلين الى ضرورة العمل على تنفيذ ما يبرمج من مشاريع وما يرد في الدراسات حتى لا يبقى حبرا على ورق الى جانب توفير الحوافز والتشجيعات وتيسير مهمة المستثمرين والراغبين في الاستثمار في الجهة وتذليل الصعوبات التي تعترضهم لا سيما تلك المتصلة بالجوانب العقارية. تحدث أحد المتدخلين ايضا عن المشاكل التي تواجه المخزون الاثري في الجهة على غرار الحفريات العشوائية والمجموعات المنظمة للاتجار في الاثار وغياب المراقبة الكافية من السلط المحلية ومحدودية دور البلديات في المحافظة على المواقع الاثرية وقلة الجمعيات التراثية وتخلي النخب عن الاعتناء بالجهة وتثمين المخزون. وتمت الدعوة في هذا السياق الى ضرورة التعاون مع وكالة التراث والعمل على حماية هذا المخزون الاثري وتكثيف الجهود للتعريف به واحداث مطويات وافلام مصورة بعديد اللغات والتفكير في احداث متاحف وطنية ومحلية بالجهة.. يواجه قطاع المياه المعدنية بدوره اشكاليات من ذلك ان المخزون من هذه المياه أغلبه غير مستغل بالشكل المطلوب كما ان ما توفره منطقة بولعابة من مياه ساخنة تبلغ حرارها 47 درجة ظلت تستغل تقليديا رغم امكانية اقامة محطة او مدينة استشفائية تكون قبلة للسكان المحليين ومن مختلف الجهات اضافة الى السياح الجزائريين الذين يمرون بالجهة عبر الحدود باتجاه المناطق الساحلية بحثا عن الحمامات الاستشفائية!!؟ بداية الغيث قطرة تطرق المشاركون في الندوة الجهوية حول تنمية السياحة بولاية القصرين الى غياب الاقبال على الاستثمار في الجهة واشار بعضهم الى ان دفع المستثمرين الى اقامة المشاريع في الجهة يتطلب مبادرة من الدولة ومن ادارة الاشراف. في هذا الاطار أعلن وزير السياحة في اختتام فعاليات الندوة عن جملة من القرارات علها تكون بداية الغيث بعد طول انتظار. وشملت هذه القرارات دعم مركز الارشاد السياحي بسبيطلة والمساهمة في تمويل مشروع تهيئة مدخل ولاية القصزين بمساهمة الديوان التونسي للسياحة والوكالة العقارية السياحية الى جانب الاعلان عن استعداد الوزارة المساهمة في تهيئة 21 كلم مربع لمدخل شارع البيئة بسبيطلة وتمويل مشروع المسلك المؤدي الى المنطقة الاثرية وتمويل مسلك سياحي من طرف الوكالة العقارية السياحية يتم اختياره من طرف السلطات الجهوية. سيتم كذلك تمويل مركز التوجيه السياحي بحيدرة وعبر الوزير عن استعداد الوزارة لدعم اي مهرجان موجود او سيتم بعثه في الجهة. تم كذلك تكليف الوكالة العقارية لعقد اجتماعات مع السلطات الجهوية خلال الفترة المقبلة للنظر في الامكانيات المتوفرة لاقامة مناطق سياحية صغيرة تتلاءم مع حاجيات وخصوصيات الجهة.. تجدر الاشارة كذلك الى ان وزير السياحة خلال زيارته اشرف على وضع حجر الاساس لمشروع اقامة فندق من صنف 4 نجوم في مدينة سبيطلة وهو أول مشروع من نوعه في الجهة سيساهم في توفير ايواء راق تفتقده الولاية.