تونس - الصباح:أجمع القضاة التونسيون مرّة أخرى على الالتفاف حول الجمعيّة التي ينضوون تحتها ويعلنون تشبثهم باستقلاليّتها عن كلّ الضّغوطات أو محاولات الزجّ بها في متاهات لا تمتّ بأيّة صلة إلى الرّسالة النّبيلة الموكولة إليهم انطلاقا من أنّ القاضي بحكم القانون الأساسي ملزم بالحياد وعدم الخوض في كلّ ما يمكن أن يؤدّي إلى الانزلاق إلى ما أسماه بعض القضاة خلال نقاش دار في اجتماع المجلس الوطني المنعقد يوم أمس الأوّل بنادي القضاة بسكرة "مستنقع المهاترات المخلّة برسالة القاضي". رسالة حاسمة وقد جاء هذا الإجماع وسط حضور كبير للقضاة اعتبره المتابعون للمجلس الوطني غير مسبوق في دلالة واضحة على رغبة القضاة التونسيين في توجيه رسالة حاسمة أرادوا من خلالها الردّ على ما أسماه بعض المتدخّلين منهم في النّقاش "تصرّفات هجينة وغير مسؤولة لأعضاء غادروا المكتب التنفيذي على إثر فشلهم في انتخابات جرت في شهر ديسمبر 2005" والتّنديد بما أطلقوا عليه " محاولات الزجّ بالجمعيّة في مشاحنات لا طائل من ورائها غير المساس بحياد القضاة واستقلاليّتهم، هذه الاستقلاليّة التي اتّخذها القضاة منهجا وممارسة يوميّة أثناء أداء رسالتهم النّبيلة التي لا سلطان فيها عليهم إلاّ للقانون". وعبّرت اللائحة الصادرة عن المجلس الوطني لجمعيّة القضاة بلغة جازمة عن "تشبّث القضاة بجمعيّتهم والتفافهم الدّائم حول هياكلها حرصا منهم على الدّفاع عن استقلال القضاء والمصالح الماديّة والمعنويّة للقضاة". ويذكر أنّ القضاة التونسيين قرّروا بالإجماع خلال شهر ديسمبر 2005 سحب الثقة من المكتب التنفيذي للجمعيّة القائم آنذاك على إثر إقدام بعض أعضائه على "الانفراد بالتصرّف في شؤون الجمعيّة وانتهاج سياسة إقصاء جماعيّة إزاء القضاة وخرق القانون الأساسي للجمعيّة وارتكاب انتهاكات نالت من الحرمة المعنويّة لبعض القضاة" كما جاء في لائحة سحب الثقة. وإزاء استفحال الخلافات والانقسامات صلب المكتب التنفيذي للجمعيّة، دعت غالبيّة القضاة إلى عقد مؤتمر استثنائي يوم 4 ديسمبر 2005 سجّل حضورا غير مسبوق لمنخرطي الجمعيّة بلغ أكثر من 1350 قاضيا وقاضية من مختلف محاكم البلاد بنسبة فاقت آنذاك 80% من العدد الجملي للقضاة. وأجمع القضاة في مؤتمرهم الأخير المنعقد في ديسمبر 2006، الذي سجّل أيضا حضورا قياسيا للقضاة الناخبين، على تمسّكهم بجمعيّتهم وتصحيح مسارها والحفاظ على استقلاليّتها. التفاف حول الجمعية وقد جسّمت لائحة اجتماع أمس الأوّل للمجلس الوطني للجمعيّة إرادة القضاة في دعم إشعاع جمعيّتهم واستقلاليّتها والالتفاف حولها بوصفها مكسبا شرعيّا لهم وهيكلا يعبّرون من خلاله عن مشاغلهم في كنف الشفافيّة والالتزام بالعمل في إطارها. وعبّر القضاة من خلال لائحة المجلس الوطني الأخير عن ارتياحهم لما قام به المكتب التنفيذي الحالي من نشاط مكثف في المستويين الوطني والدولي وما حقّقه من مكاسب لفائدتهم معتبرين أنّ "ما تحقّق هو خير جواب على مزاعم وترّهات البعض ممّن ساءهم نجاح الجمعيّة في خدمة مصالح القضاة والدفاع عن مطالبهم المادّية والمعنويّة". وقد استطاع المكتب التنفيذي الحالي المنتخب خلال المؤتمر الأخير في ظرف زمني وجيز تعزيز حضور جمعيّة القضاة التونسيين في الساحة الدولية والإقليمية ودعم إشعاعها إفريقيّا وعربيّا من خلال مشاركاته في فعاليّات الاجتماعات الدوريّة للمجموعة الإفريقية للاتّحاد العالمي للقضاة وفي أشغال المؤتمر الخمسين للاتّحاد العالمي للقضاة المنعقد مؤخّرا بالنرويج. وعبّر أعضاء المجلس الوطني في اللائحة عن ارتياحهم للمستوى الذي بلغه تفاعل المجلس الأعلى للقضاء مع مطالب القضاة أثناء الإعداد للحركة القضائيّة الأخيرة من ترقية ونقل وتسوية لبعض الوضعيات المهنية العالقة داعين إلى تدعيم هذا التوجه في إعداد الحركات القضائيّة المقبلة مراعاة لمصلحة القضاة مع التقيد في ذلك بالمعايير الموضوعيّة. وكان المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين دعا، ضمن اللاّئحة الصّادرة عنه في جوان الماضي، المجلس الأعلى للقضاء إلى الأخذ بعين الاعتبار رغبات القضاة ومطالبهم مع اعتبار المعايير الموضوعية ومراعاة الحالات الاستثنائية بما فيها المتعلّقة بالحالات المرضية. مطالب القضاة كما دعا المجلس الوطني إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لتعزيز الإطار الإداري الذي أصبح يشكو نقصا ملحوظا وذلك لعدم مسايرة مجهود الانتداب لتنامي حجم العمل القضائي وتشعبّ فروعه وتوسّع درجاته واختصاصه وكذلك تطوّر عدد القضاة. وتطرّقت لائحة المجلس الوطني إلى أسطول السيارات الإداريّة حيث دعا الأعضاء إلى العمل على تجديد هذا الأسطول بصفة دوريّة اعتبارا لتقادمه وأوصى المجلس بتنفيذ توصيات المؤتمر السابق ولوائح المجالس الوطنيّة اللاحقة الرامية إلى الإسراع بمزيد تطوير آليات العمل القضائي بما في ذلك تمكين القضاة من أجهزة الحاسوب التي تمّ الإعلان عنها. وعبّر القضاة الحاضرون عن شكرهم لرئيس الجمهوريّة رئيس المجلس الأعلى للقضاء على ما أذن به خلال الاجتماع الخير للمجلس الأعلى للقضاء من تطوير للخارطة القضائيّة بإحداث محاكم ابتدائيّة جديدة في تونس وصفاقس وسوسة منوّهين بالرّعاية الرّئاسيّة لجمعيّتهم من خلال رصد الاعتمادات اللازمة لإعادة تهيئة مقرّ نادي القضاة بسكرة. وأفضى اجتماع المجلس الوطني لجمعيّة القضاة إلى إجماع أعضائه على تفويض المكتب التنفيذي للجمعيّة للإعداد للجلسة العامّة العاديّة وتحديد موعد ومكان انعقادها.