القضية المنشورة (الصّباح 25 و27/10/2007) تهم الجميع كقضايا الحق العام، والحق فيها يدافع عنه المدّعي العمومي، ولكن الأستاذ فرج شوشان أولى من الجميع بالتعقيب على ردّ الدكتور (!) الكحلاوي وان هو في غنى عن التعقيب لأنه قال كل شيء في مقاله القنبلة ولأن ردّ المتهم يثبت إدانته، فالسرقة - وليست سرقة خبز أو عقد أو جوّال - واضحة والأدلة مقنعة لا تشجّع على البحث عن باب أو حتى عن شباك للدفاع بل لا تشجّع حتى على قراءة الردّ المردود، ولكن سي الكحلاوي صاحبنا منذ كان ينشر من هناك وهناك في جريدة الصحافة إلى أن ارتقى بأعماله إلى الجامعة الموقرة فمن حقه أن يدافع عنها، وأولى منه بالدفاع عن هذه المؤسسة الوطنية العلمية الأساتذة الذين شهدوا بالبراعة في الاختصاصات التي ذكرها فأسندوا إليه شهادة الدكتواه فهو - حسب منطقه - باحث أكاديمي فيما تقدم به الى الجامعة، فهذا كحلاوي اليوم، وهو المنتحل فيما يؤلف وينشر لعامة الناس، فذاك كحلاوي الأمس، وكأن عمله الصحفي يبرر له فعلا لا يوصف. وبالتالي - حسب نفس المنطق - يجوز لكل صحفي أن يفعل مثله كما يجوز لكل كاتب أن يختار ما شاء من كتب غيره وينشره واضعا اسمه محل اسم صاحبه الأصلي، فيمكن لأمثال صاحبي أن يتبنّوا ديوان المتنبي بشروحه أو مؤلفات المسعدي بدراساتها فيصبحوا من شخصيات برنامج الباكالوريا. وهي أيضا شهادة وطنية، المهم ألا يتقدموا بها إلى شهادة جامعية. ومن حقهم بالتالي أن يكسبوا المال أولا من مؤلفات غيرهم التي أصبحت بأسمائهم وثانيا من الشهائد التي نالوها بمؤلفاتهم التي لم ينتحلوها وهو مال كثير من الدروس ومن الساعات الاضافية ومن المحاضرات والدعوات والسفريات بإمضاء مسبوق بحرف الدال تواضعا من دكتور! والحمد للّه، فكتاب الكحلاوي في الموسيقى خارج عن اختصاصه ولا خوف إذا على القراء عامة وعلى جمهور الندوات والملتقيات لأنه سيحاضر فيما هو داخل في اختصاصه وخارج عن موضوع الكتاب المسروق. عفوا، إنه - كما قال - لم ينتحل كتابا بل انتحل مقالا، ولكنه اعترف بأن هذا المقال أطول من كتابه عندما قدمه للمرحوم بوذينة على الأقل من حيث عدد الصفحات، أما من الناحية العلمية فذلك المقال أهم من ذلك الكتاب قبل أن يصبح كتابا، بل ان الكتاب أصبح كتابا بفضل ذلك المقال حجما وعلما وقد حرره بجهد الباحث المحقق والمتخصص المشهود له الدكتور - بأتم معنى الكلمة - عباس الجراري ونشرته مجلة عالم الفكر وهي ما هي. رحم اللّه محمد بوذينة فيما فعل للثقافة التونسية وغفر له فيما فعل مع محمد الكحلاوي فقد جاءه الطالب راغبا فردّه غنيا موفورا بإكمال النقص في الحجم ودفع العربون، أقصد مقابل حقوق التأليف. لماذا لم ينشر الكحلاوي تصحيحا في الصحافة - وهو منها - في الإبان يبرر به ذمته؟ ولماذا سكت عشر سنوات كاملات حتى أصبح دكتورا فكشف شوشان أمره؟ وشوشان ليس دكتورا! ماذا يقول ناشر الكتاب على اتهام المؤلف له؟ وهو لم يؤلف! وماذا يقول مقدم الكتاب في مشكلة لم تخطر على باله لثقة كل منهما فيمن قصدهما للتقديم والنشر؟ لن يقولا شيئا لأنهما انتقلا الى الرفيق الأعلى. الكحلاوي وحده يسمح لنفسه بأن يقول كل شيء، فليقل ما يريد ولينشر ما يشاء. ولكني لا أريد أن أنسى أن سي محمد صاحبي وأنه في فضيحته الجامعية والعمومية أحوج عباد اللّه الضعفاء أمام المغريات والطموحات إلى المؤازرة حفاظا على معنوياته وصحته. لا تبرئة لجرمه. لهذا أعتذر له لعجزي عن الدفاع عنه، وأنصحه بأن يعتذر لقراء ذلك الكتاب المطعون - وهو أول كتبه لا بارك اللّه فيه - وأن يتراجع عن دعوته الأستاذ شوشان إلى المبارزة - على حدّ عبارته الختامية - لأني أخشى على صاحبي الهزيمة الثانية في معركة ليس فيها شوشان واحد، بل عليه أن يكسب ودّه بإهدائه نسخة من أطروحته الأكاديمية بلا خوف، وعفى اللّه عمّا سلف. والمهم أنك الآن، يا أخي، وبعد حرق المراحل، دكتور كأمثالك في الجامعة، وقد شغلك البحث العلمي عن أصحابك الناصحين - للأسف - فلم يعد لائقا بمقامك أن تكتب عن كتبهم ولو بنقل فقرة من التقديم وأخرى من التمهيد وتنشر المقال نفسه في مجلتين في الشهر نفسه. وحفظ اللّه ماء وجهك وسامح فرج شوشان على عملته النووية.