لندن وكالات بدا أمس أن الخناق قد ازداد ضيقا على حاكم طرابلس العقيد معمر القذافي تحت وطأة الانتصارات التي حققها الثائرون على نظامه وضغوط المجتمع الدولي الذي أعرب في إجماع قلما سجل حتى الآن تخليه عنه تاركا له فرصة وحيدة للخلاص وهي الرحيل للعيش في المنفى. فقد أعلن رئيس المجلس الوطني المؤقت في مدينة بنغازي وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل أن جيش الثورة سيسيطر على العاصمة طرابلس بالقوة ما لم تحرر نفسها. وأبلغ عبد الجليل الذي أعلن انشقاقه عن نظام العقيد معمر القذافي، شبكة «سكاي نيوز» أمس أن طرابلس «تقاتل ضد القمع الآن وحين تسقط سيتبعها النظام، بعد أن بدأ الدعم حول القذافي في الانهيار». وفيما ناشد المجتمع الدولي» المساعدة وفرض حظر جوي لمنع القذافي من جلب المرتزقة إلى ليبيا»، شدد الوزير الليبي السابق على رفض أي تدخل عسكري أجنبي في بلاده. وقال عبد الجليل، الذي كان أول وزير يعلن استقالته من نظام القذافي بعد اندلاع التظاهرات المطالبة بالتغيير «إن أي تدخل سيواجه بقوة أكبر من القوة التي نستخدمها ضد القذافي». وأضاف «ما يريده الليبيون هو دولة حرة وديموقراطية دينها الإسلام وتحترم جميع الأديان الأخرى وتنبذ العنف، ونحن نريد إقامة دولة تفصل بين السلطة وتحترم القانون وسنجعل مسألة حقوق الإنسان جزءاً من الدستور الجديد للبلاد». ويسيطر الثوار على نظام القذافي على معظم المناطق وخاصة بشرق البلاد، باستثناء طرابلس الواقعة في غرب البلاد.
تحركات عسكرية أمريكية
وتأتي تصريحات عبد الجليل فيما أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) أمس ان الجيش الامريكي أعاد نشر قواته البحرية والجوية حول ليبيا بينما تتصاعد المطالبات الدولية لانهاء حكم الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال الكولونيل ديفيد لابان المتحدث باسم البنتاغون «لدينا مخططون يعملون وخطط طوارئ مختلفة وأعتقد أن من المؤكد القول انه في هذا الاطار نحن نعيد نشر قواتنا كي نتمكن من توفير قدرات مرنة بمجرد اتخاذ قرارات.. كي نتمكن من توفير خيارات ومرونة». وقد اتهمت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون أمس معمر القذافي باستخدام «مرتزقة وبلطجية» لقمع انتفاضة شعبية. وقالت كلينتون في كلمة أمام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف «رأينا قوات الامن التابعة للعقيد القذافي تفتح النار على المحتجين المسالمين. استخدموا الاسلحة الثقيلة ضد مدنيين عزل. تم اطلاق المرتزقة والبلطجية لمهاجمة المتظاهرين». واضافت «بتصرفاتهم هذه فقدوا الشرعية ليحكموا. وشعب ليبيا أعلنها صريحة.. الوقت حان لرحيل القذافي الان وبلا مزيد من العنف او الابطاء». وكان جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض قد ذكر في وقت سابق أمس ان الخروج للمنفى هو من ضمن الخيارات المتاحة أمام الزعيم الليبي معمر القذافي امتثالا للمطالب الدولية الخاصة بمغادرة السلطة. وسأل صحفيون كارني عما اذا كانت الولاياتالمتحدة ستسهل خروج القذافي الى منفى فقال ان هذا مجرد تصور لن يبحثه.
منطقة حظر جوي
واشار كارني الى ان الولاياتالمتحدة وحلفاءها يجرون محادثات بشأن انشاء منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا. وأضاف أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لليبيا. وفي نفس السياق، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس ان بريطانيا ستعمل مع حلفائها لوضع خطط لفرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا من أجل حماية شعبها من الهجمات العسكرية التي تشنها القوات التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي. ودعا كاميرون في خطابه أمام البرلمان القذافي الى التنحي قائلا ان جميع الاجراءات ينبغي أخذها في الاعتبار لزيادة الضغط عليه كي يرحل. وأضاف «نحن لا نستبعد بأي حال استخدام الموارد العسكرية.. لا ينبغي أن نتهاون مع هذا النظام الذي يستخدم القوة العسكرية ضد شعبه. وفي هذا السياق طلبت من وزارة الدفاع ورؤساء الاركان العمل مع حلفائنا على وضع خطط لفرض منطقة لحظر الطيران».
ميدانيا، شهد يوم أمس أطلاق قوات الامن التابعة للقذافي الرصاص في الهواء لتفريق نحو 400 شخص يحتجون ضده في حي بالعاصمة طرابلس. ووقعت الاشتباكات في حي تاجوراء في شرق طرابلس حيث أبلغ سكان في السابق عن اشتباكات وقعت بين معارضين للقذافي والقوات المواليه له. وهتف المتظاهرون بشعارات مناهضة للقذافي بينما لوحوا بالعلم ذي اللون الاخضر والاسود والاحمر الذي صار رمزا للثورة ضد حكم القذافي الذي تجاوز اربعين عاما. وظهر رسم على أحد الجدران بالميدان الذي تجمع فيه المتظاهرون وتحته عبارة تقول «اللعبة انتهت» موجهة للقذافي في تقليد للشعارات التي استخدمت في احتجاجات في مصر وتونس المجاورتين وأطاحت برئيسي البلدين. وبعد دقائق معدودة وصلت عدة سيارات رياضية الى الميدان الذي وقعت فيه الاحتجاجات ثم قفز من كانوا بهذه السيارات ممن يلفون شارات خضراء حول رؤوسهم واطلقوا النار في الهواء في محاولة لفض الاحتجاج. وحلقت هليكوبتر عسكرية فوق المكان فيما انتشرت سيارات لعدد اكبر من قوات الامن في الشوارع القريبة. وقال اثنان من السكان بشكل منفصل ان اربعة محتجين قتلوا أثناء مشاركتهم في مسيرة مشابهة مساء أول أمس الاحد. وقال مهندس كمبيوتر يدعى محمد «ميليشيات القذافي تطلق النار عشوائيا. وصلوا في اربع سيارات. وقتل اربعة اشخاص. كان هناك جنازة اليوم (أمس)». وفي مدينة مصراتة الواقعة شرق طرابلس صد الثوار هجوما لقوات موالية لنظام معمر القذافي وأسقطوا طائرة عسكرية، فيما قال الثوار في مدينة الزاوية (50 كيلومترا غرب طرابلس) إنهم يتوقعون أن تقود الكتائب النظامية هجوما على المدينة التي أصبحت بيد المتظاهرين. ونقلت وكالة رويترز عن شاهد عيان في مصراتة قوله إن المتظاهرين الذي يسيطرون على المدينة الواقعة على بعد حوالي مائتي كيلومتر شرق طرابلس صدوا هجوما لقوات موالية للحكومة قرب المدينة وأسقطوا طائرة عسكرية. وأوضح ذلك المصدر أن الثوار -الذين أحكموا السيطرة على المدينة منذ عدة أيام- أسقطوا تلك الطائرة صباح اليوم واحتجزوا طاقمها عندما كانت تطلق النيران على محطة إذاعية محلية. وأضاف المصدر أن القتال للسيطرة على قاعدة عسكرية قرب مصراتة بدأ الليلة الماضية بين القوات الموالية للنظام الحاكم والمتظاهرين، مشيرا إلى أن قوات القذافي تسيطر فقط على جزء صغير من القاعدة بينما يسيطر المتظاهرون على جزء كبير منها حيث توجد الذخيرة. وقال الناشط مفتاح عبد الحميد متحدثا للجزيرة من مصراتة إن المدينة لا تزال تحت سيطرة الثوار منذ عدة أيام وإن الإذاعة المحلية التي يبلغ مداها نحو مائة كيلومتر تبث مواد تمجد الثورة الشعبية المتواصلة لليوم ال12 على التوالي.