د. هشام الشريف أقول لصانعي الأزمات والطلبات الفئوية أفيقوا قبل أن يحكم عليكم الجميع بالخونة لثورة تونس الوليدة منذ أكثر من شهر. نحتاج بل تونس تحتاج لكلّ مخلص وكلّ وطني غيور أن يحافظوا علي مكتسبات الثورة فلن تنتهي بمجرد خلع رئيس طاغية. هناك الكثير من الإصلاح وبتر الفساد ورجوع حقوق شعب نهبت منه لسنين طوال. كما علينا بناء الدولة من جديد فقد نخر فيها السوس طيلة 23 سنة أصبحت فيها أعمدتها وأسسها تتهاوي لايصلح عليها البناء من جديد... علينا بتكاتف الأيادي وروح المواطنة لنبني قواعد جديدة تصلح لبناء شاهق يتحدى الزمن بأيادي طاهرة تعمل للصالح العام بعيدا عن التخريب والمصالح الشخصية. تونس الثورة اليوم تحتاج لكل سواعد شعبها دون الالتفاف نحو مكسب شخصي فقد يؤدي ذلك للتفرقة والنزاع والابتعاد عن اصل ماترمي إليه الثورة من ضخّ دماء جديدة في تونسنا المتسرطنة من زمن متعفن تضررّ منه الجميع وعاني منه كل بيت... أقول لأصحاب فكرة تصفية حسابات شخصية أو متطلبات فئويّة ليس هذا هو وقت الانشغال عن بناء تونسالجديدة! أتهدروا ثورة كنّا في حاجة إليها ومتعطشين لها جميعا ؟؟؟ اتركوا مشاكلكم لتؤجل بعض الوقت ولبّوا نداء الوطن فهو في حاجة لسواعدكم وتضافركم وتضامنكم. وعلينا خاصّة أن لا نوجّه اتهاما لأحد مهما كان منصبه دونما سند قانوني قاطع وهنا أقول لنتذكر دائما أنّنا نادينا بالحرّية والعدل والمساواة فكيف نحكم مسبّقا على أيّ كان ؟ أليس العدل في أنّ المتّهم بريء إلى أن تثبت إدانته ؟ أليس العدل أن يقدّم المتّهم قرائن ودلائل براءته ويدافع عن نفسه ؟... بالتأكيد نحن في حاجة لوقفة جادة بعد الثّورة الّتي شهدتها بلادنا، وهنا أتوجه بنداء لحكومة الوحدة الوطنيّة الجديدة ومن خلالها وزيرا الدّفاع الوطني والدّاخليّة أن يبذلا ما في وسعهما من جهود لإعادة حالة الانضباط للشارع وأن يضربوا علي أيدي العابثين والمخرّبين وعديمي الوطنيّة «بكلّ حزم»، «ايه نعم بكلّ حزم» وإلاّ فسنبقي «في هاك السّردوك نريّشوا» ! أنا أحترم وأقدر وأؤيد ما حدث في 14 جانفي وأؤيد الخطوات القادمة لبناء الديمقراطية الحقيقيّة على أرض تونس المباركة وأحمد الله كثيرا أنّنا على أبواب مرحلة جديدة أؤكّد أنها ستعيد لتونس ما كانت قد افتقدته على مدى فترات طويلة من تاريخها المعاصر وبصفة خاصة في السنوات العشر الأخيرة... تونس لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه قبل 14 جانفي ولا يمكن أن نقبل بسيادة الفوضى الّتي تصيب المجتمع في كلّ شبر من البلاد. من هنا أنبّه لخطورة ما حدث وما يحدث... ما معنى أن نعرقل عمل والخطوات الإصلاحية الّتي أقدمت عليها حكومة الوحدة الوطنيّة ونقلّل من شأنها وشأن أعضاءها ؟ كفانا صناعة أزمات وكفانا متاهات ما نلبث أن نشكو منها... و«شدّ مشومك لا يجيك ما أشوم» ! ! ! ما هذه الاحتجاجات التي شملت جميع القطاعات بما في ذلك القطاعات السيادية ؟ صحيح أنّ بعض الاحتجاجات منطقيّة ومشروعة إلاّ أنّه الكثير من المحتجين ينتهزون الفرصة ليفرضوا شروطهم ويضعوا «شرط العازب علي الهجّالة» وهذا أمر يجب أن نتصدى له جميعا لأنه مرفوض و«موش مقبول» من الناحية الشكلية والموضوعية والسماح به يعنى أننا سنصل إلى قمّة الفوضى والي خلق أزمة كبيرة ولا أحسب أن هذا يحقق الأهداف النبيلة التي رفعت في 14 جانفي والّتي أستشهد من أجلها البوعزيزي وثلّة من شبابنا البررة. نحن في حاجة فورا لانتظام العملية الإنتاجية والعودة إلي الحياة العاديّة اليوميّة وإلا فأننا مقدمون على كارثة قريبا جدا، فكلّ مواطن تونسي غيور علي بلده ووطن أجداده عليه أن يستعيد حياته اليوميّة المعتادة يكدّ ويعمل ويتجوّل ويتسوّق ويفتخر بثّورته ويحافظ عليها وإن كان هناك من أخطأ في حقّ أيّ فرد منّا فليحاسب حسابا عسيرا و«بكلّ حزم»ً. فلتتوقف الوقفات الاحتجاجية فورا ولنعمل كلّنا مع بعض، البطّال والعامل والتلميذ والطّالب والمعلّم والأستاذ والمدير والمحامي والقاضي والوزير والخ... وهذا لا يعنى إهدار أيّ حقّ من الحقوق المشروعة أو المطالب المعقولة لأيّ من فئات المجتمع التّونسي وكفانا دوران في حلقة ضيّقة دون أي إنجاز حقيقي لأنّنا في الآخر... سنفشل ! ونحن لسنا في حاجة لأيّ فشل في هذه المرحلة ولا في المرحلة القادمة لأننا نمرّ بظروف استثنائية تستوجب تحقيق الاستقرار في كل المواقع وخاصّة الأمنيّة والسّياسيّة والقطاعات الإنتاجية والخدماتيّة.