قدم السيد فؤاد المبزع الرئيس الموقت للجمهورية من خلال كلمته تصورا للخروج من الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد وتحديدا من المأزق الدستوري وكذلك الحث على ممارسة الشعب سلطته وضمان الأمن والاستقرار في مناخ عام لا ينكر أحد مدى احتقانه أولا بفعل تعدد الاجتهادات والمبادرات وثانيا بسبب بوادر الانقسام بين أبناء الشعب وما رافقها من استغلال عناصر مشبوهة الظرف للترهيب والتخريب وحتى التشكيك. على أية حال يأتي الإعلان عن التمديد في الفترة الرئاسية الانتقالية إلى ما بعد 15 مارس ليبدد المخاوف من الفراغ في قمة الدولة فيما أكد تحديد موعد لانتخاب مجلس وطني تأسيسي يتولى إعداد دستور جديد للبلاد لتونس الثورة أن لا خيار أمام تعدد السيناريوهات سوى الرجوع إلى الشعب ليؤسس لنمط النظام السياسي الذي يرى فيه تعبيرا عن إرادته ويكون في مستوى تطلعاته للقطع مع عقود طويلة من الحكم الفردي وانتهاك قيم الجمهورية وكرامة الإنسان التونسي. إن ما مرت به بلادنا منذ 14 جانفي من أيام عصيبة حرمت أبناء الشعب من التمتع بنشوة الانتصار وتذوق الحرية يجب أن نستخلص منه عبرة لأننا في مناسبات عديدة كنا أما سيناريوهات كارثية وكدنا نكون ضحايا ثورة لم يعرف أبناؤها كيف يحولونها إلى انتصار فعلي للقطع مع النظام السابق ككل . صحيح أن كلمة الرئيس الموقت تبعث الأمل في قطاع كبير من الشعب التونسي لكن لا بد من الحذر في الفترة المقبلة أي إلى حين تنظيم الانتخابات وتولي المجلس التأسيس مهامه لأن عندها سينتهي العمل بالتنظيم الوقتي للسلط العمومية (رئيس ا لجمهورية الموقت والحكومة الانتقالية ) وسيكون الشعب ممسكا عبر ممثليه في المجلس سيد مصيره وقادرا علة تقرير المصير وفق ما يرتضيه. فلا بد من تحمل المسؤولية حتى الوصول إلى بر الأمان وذلك بعد تجاوز الأحزاب والمنظمات المصالح الضيقة والحسابات "المستقبلية" خاصة أن التاريخ لن يرحم كل من تسول له نفسه تغليب الذاتي على الوطني أو محاولة عرقلة كافة محطات المرحلة المقبلة. كما لا بد من الحذر من جيوب الردة لأنها تراهن على الفوضى والتخريب وبالتالي يكمن الحل في وحدة التونسيين الذين برهنوا على أثناء الأيام الأولى للثورة على تضامنهم وتحمل مسؤولية الدفاع عن أنفسهم بطريقة حضارية أصبحت مثالا يحتذى في بلدان عربية أخرى. إنها فرصة تتاح لكي يستعيد الشعب سيادته ويطوي صفحة الديكتاتورية ويقطع مع نظام بأكمله ..إنه امتحان لكن ليس بالصعب على التونسيين.