تونس - الأسبوعي: انطلقت أول أمس بفضاء قبة البرلمان مداولات مجلس النواب حول ميزانية الدولة لسنة .2008 وقد استمع النواب الى بيان الحكومة حول الميزان الاقتصادي للسنة الجديدة التي نحن على أبوابها وقدمه السيد محمد الغنوشي الوزير الأول. وعلى هامش هذا الموعد السنوي الذي يتم فيه تناول مختلف القضايا التنموية في شتى المجالات وما يتمخض عنه من أحكام وإجراءات تمس بشكل مباشر حياة المواطن اليومية وقدرته الشرائية عمدت «الأسبوعي» الى التوقف عندما يمكن أن يحمله الميزان الاقتصادي وقانون المالية من بعض الإجراءات ولم لا الأعباء والمفاجآت التي قد تثقل كاهل المواطن وتزيد في تعقيد وضعيته المعيشية سيّما وأن السنوات القليلة الماضية ومن خلال متابعة عملية المصادقة على قانون المالية للسنة الماضية وما سبقها عرفت عديد التدخلات من قبل بعض النواب التي بينت أنه من الضروري مراعاة القدرة الشرائية للمواطن وخاصة في مستوى الطبقة التي كانت تعد متوسطة وذات دخل مقبول سيما في ظل ما أقره قانون المالية للسنة الفارطة من زيادة في الطابع الجبائي للسفر أو إقرار معلوم جبائي على شحن الهاتف الجوال مهما كانت القيمة.. وفي مقابل ذلك تم التخفيض في الاداءات الموظفة على بعض الاصناف من السيارات ذات القوة والسعة الكبيرة وغير الموجهة للطبقات الشعبية.. وعليه كانت دعوة البعض بوجوب تخفيف العبء عن الفئات الضعيفة والمتوسطة، ومن ثمة وردت بعض التحفظات النيابية على بعض هذه الاحكام والاجراءات. ومن هذا المنطلق يتجدد السؤال الاكثر أهمية هو هل سيأخذ قانون المالية والميزان الاقتصادي لسنة 2008 بعين الاعتبار هذه العناصر والاعتبارات الهامة في حياة المواطن اليومية أم أننا سنكون على موعد جديد مع بعض المفاجآت والأعباء الجديدة في هذا المجال أو في ذاك؟ التشغيل أولوية الأولويات ومن جانبه أوضح النائب عبد الرزاق غزيل (التجمع) أن الاطار العام الذي سيتنزل فيه قانون المالية والميزان الاقتصادي للسنة القادمة - محل مداولة المجلس - سيكون خطاب رئيس الدولة بمناسبة ترشحه لرئاسة الجمهورية سنة ..2004 وخطابه أيضا في الذكرى العشرين للاحتفال بالسابع من نوفمبر.. وعليه سيحظى رهان التشغيل بالجانب الاكبر والحيز الأهم من إهتمام قانون المالية خاصة في ظل الصعوبات المالية والاقتصادية التي يعرفها العالم جراء غلاء أسعار المحروقات خصوصا وموارد الطاقة عموما. كما ستتواصل مبادرات الدولة بإقرار حوافز جبائية جديدة لفائدة باعثي المؤسسات والمشاريع بهدف تشجيع الانتصاب الخاص ومعاضدة مجهود الدولة في تعزيز نسب التشغيل ومواصلة الحد من مؤشرات البطالة. وأضاف النائب غزيل أن المواطن التونسي وخاصة خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا مطالبون بالتفاعل الايجابي مع جملة الامتيازات الجبائية الموضوعة على ذمتهم وذلك بالتخلي عن فكرة «الانتماء الى الوظيفة العمومية دون سواها». وإنما لم لا طرق أبواب المؤسسات الخاصة أو المبادرة ببعث مشروع خاص مستغلين في ذلك كل الامكانيات المتاحة لهم. ومن جهة أخرى توقف النائب عبد الرزاق غزيل عند وجوب نشر وعي استهلاكي رشيد لدى المواطن التونسي حتى يتسنى للدولة مجابهة المتطلبات اليومية للمواطن سيما وأن المبالغ المالية التي يتولى التكفل بها صندوق الدعم والتعويض ما فتئت تتضاعف وتتزايد بشكل كبير، لذا وجب التفكير إيجابيا في استحقاقات هذه المرحلة الصعبة والاسهام المشترك والجماعي في تجاوزها وتفادي تبعاتها خاصة وأن مؤشرات النمو ونسبه تتعزز من سنة الى أخرى. وقد خلص محدثنا الى أهمية تحقيق معاني وروح المواطنة والمسؤولية من قبل الجميع. للنائب مسؤولية جسيمة أما النائب عمار الزغلامي (الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) فبدوره توقف عند البعد الاجتماعي الذي يكتسيه الميزان الاقتصادي وقانون المالية لسنة 2008 سيما من حيث تخصيص جزء كبير وهام من الاعتمادات للموارد البشرية والانسانية في قطاعات التربية والتعليم والثقافة والتشغيل والصحة والضمان الاجتماعي.. وهي مؤشرات إيجابية على حضور شواغل المواطن واحتياجاته وقدراته في الموازنات المالية للدولة وبرامجها. كما أشاد النائب الزغلامي بالجهود الموجهة الى العناية بالجهات الداخلية ودعم بناها الأساسية من أجل الحد من الفوارق التي قد تبدو بين الجهات والتي كانت واضحة بجلاء في العقود الماضية.. وفي هذا الصدد أبرز النائب أهمية المشاريع الاستثمارية الكبرى التي يعتزم القيام بها عدد من المستثمرين العرب في عدد من جهات العاصمة على غرار «البحيرة» و«قمرت» بإعتمادات مالية ضخمة.. وهي خطوة جد إيجابية على درب التعاون العربي.. لكن رغم ذلك يقول النائب عمار الزغلامي إننا كنواب نسعى دائما الى أن نقلل من الاعباء الجبائية التي قد يحملها في طياته قانون المالية خاصة في مستوى الطبقات الشعبية التي تشعر بشيء من المرارة بإعتبار زيادة الضرائب وإرتفاع الأسعار... وفي المقابل تخضع الحكومة بدورها الى عدة ضغوطات أهمها توفير الاعتمادات المالية التي تحتاجها الموارد البشرية التي سبق وأن عرجنا عليها. والحل في رأيي يكمن أساسا في ايجاد آليات أكثر نجاعة لاستخلاص الضرائب من أصحاب المشاريع الكبرى ومحاولة تطويق التهرّب الضريبي والجبائي حتى يقوم كل بدوره تجاه وطنه وبالقدر الذي يستطيعه.. عموما وعلى الرغم مما أثاره النائبان من جهود مشتركة للسلطتين التنفيذية والتشريعية وجب التذكير أن النائب هو مسؤول أمام الشعب وأمام ناخبيه الذين صوتوا له حتى يبلغ صوتهم ويطرح شواغلهم ويدافع عن مصالحهم.. وبالتالي من المنطقي أن يكون منحازا لهم بحكم درايته بقدراتهم وإمكانياتهم..