آليات مقترحة لتدارك النقص... هل تحقق أهدافها؟ تونس - الصباح: رغم أن عددهم الجملي تضاعف في ظرف عشر سنوات فإن تطور عدد الأطباء العامين والاختصاصين بالقطاع العمومي لم يواكبه انعكاس ملموس على مستوى التوزيع الجغرافي المتوازن لطب الاختصاص على كامل مناطق البلاد لتبرز فوارق صارخة في مستوى التغطية بين المناطق الداخلية والساحلية. وهو ما يجعل المطالبة بتذليل الفارق وتقريب الخدمات الطبية المختصة من المواطنين وارساء خارطة أكثر انصافا للمناطق الداخلية ذات الأولوية هدفا تسعى الدولة لتحقيقه ومشغلا ينشد سكان هذه المناطق تسويته في إطار تكافؤ الفرص بين الجميع في تقريب الخدمات الصحية ولعل الأرقام والمؤشرات المتوفرة تغني عن أي تعليق فيما يتعلق بأهمية الاختلال الفادح المسجل في هذا المجال. فعلى ايجابية المؤشر والمتعلق بتضاعف عدد الأطباء العاملين بالقطاع العمومي الذي ارتفع الى 10259 طبيبا سنة 2005 مقابل 5965 سنة 1995 بما كان له الأثر الإيجابي على معدل تغطية السكان من الاطار الطبي والبالغ طبيب لكل 978 ساكنا بعد أن كان في حدود 1500 ساكن... إذن على أهمية هذه المعطيات فإن نسبة التغطية بطب الاختصاص ظلت دون المأمول والمنشود رغم تحسن مؤشراتها وفي هذا السياق تشير البيانات الى أن مؤشر التغطية وان نزل في ولاية تونس الى 1017 ساكنا لكل طبيب سنة 2005 مقابل 1936 ساكنا سنة 1995 فانه ما يزال دون المطلوب بعدد من الولايات الداخلية ومنها القيروان التي يتوفر بها طبيب اختصاص لكل 12749 ساكنا مقابل 20731 ساكنا قبل عشر سنوات... الجهد واضح إذن لكنه غير كاف. القصرين تعد أيضا من الولايات التي تشكو نقصا في التغطية بطب الاختصاص بتوفر طبيب لكل 13857 ساكنا ليرتفع العدد الى طبيب اختصاص لكل 16257 مواطنا بولاية بن عروس. عزوف وتأنيث يقف وراء هذا الاختلال عديد العوامل لعل أبرزها ظاهرة العزوف عن العمل بالمناطق الداخلية الى جانب استقالة أطباء الاختصاص من العمل العمومي للانتصاب بالقطاع الخاص كذلك ارتفاع نسبة الاناث من بين المتخرجين الجدد وما تخلفه الوضعيات العائلية من صعوبات تحول دون التحاقهن بالعمل بمناطق نائية. ولأن التحرك المنشود يتمثل في تقريب الخدمات الطبية من المواطنين حيثما كانوا فان توجه سلطة الاشراف يسير نحو ارساء آليات باقرار اجبارية العمل بالجهات ذات الأولوية للمتخرجين الجدد من أطباء الاختصاص بما يضمن لمتساكني هذه المناطق حقهم المشروع في التمتع بهذه الخدمات على غرار بقية المدن كما يتوقع أن يكون لدخول نظام التأمين على المرض بأبعاده الجديدة مساهمة فاعلة في تحسين مؤشرات التغطية بالمناطق الداخلية. علما وأن وزارة الصحة العمومية تنكب على تفعيل فكرة تركيزا فرق طبية متكاملة الاختصاص واعتبارها من أولويات مشاغلها وبرامجها رغم ما يحف بهذا التوجه من ضغوطات وصعوبات مرتبطة أساسا بمدى قابلية العنصر البشري واستعداده للعمل بهذه المناطق.