اعتماد التناصف في القوائم الانتخابية.. حدث تاريخي رائد سنعمل على تكريسه - اعتبر أحمد إبراهيم الأمين الأول لحركة التجديد أن الحاجة أضحت ملحة الآن لتكوين جبهة تجمع كل القوى الديمقراطية في تونس من أجل تحقيق النظام الجمهوري والحفاظ على المكاسب التقدّمية خاصة حرية المرأة والتعليم.. وهو يرى أن المعركة القادمة ليست معركة أحزاب بل هي معركة بناء البلاد.. وقال في منتدى ثورة الكرامة والديمقراطية المنتظم أمس بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات إن الرهانات المستقبلية للحركة تتمثل في طبيعة النظام السياسي الذي سيحدده المجلس التأسيسي.. فهل سيكون مبنيا على قيم المواطنة؟ وهل سيضمن تدعيم مكاسب تونس.. وهو يرى أن بناء البلاد بعد الثورة يجب أن يكون بناء جديدا لكنه في تواصل مع تلك المكاسب وحاميا لها.. وحذر من أن هذا الأمر ليس مضمونا.. مفسرا أن هناك اتجاها رجعيا يستعمل ازدواجية الخطاب ويوظف الإسلام لمعركته الحزبية الضيقة ويحوّل المساجد لمنابر سياسوية وهو ما سيؤدي إلى منزلقات تكفيرية.. لكن في المقابل هناك تشرذم, وتشتت للقوى الديمقراطية الحداثية في وقت تقتضي فيه هذه المرحلة الدقيقة توحدها في جبهة واسعة لحماية مكاسب الحداثة من كل مظاهرالارتداد الحضاري. وأضاف إبراهيم متحدثا عن موقف الحركة من مسألة الهوية إنه يجب إبعاد قضية الهوية عن المزايدات السياسية.. وذكر أن الحركة مع فصل الدين عن الصراع السياسي وشدّد على ضرورة التفريق بين ما هو سياسي وبين ما هو مقدس.. كما أكّد على أن المكاسب الحداثية والتقدمية التي حققتها تونس هي في تناغم مع الجوانب العقلانية النيرة في العقيدة الإسلامية. وتطرّق الأمين الأول لحركة التجديد خلال هذا المنتدى لعديد المسائل وقدّم بسطة تاريخية عن نضالات الحركة التي تعود جذورها للحزب الشيوعي.. (هذا الحزب الذي قررفي مؤتمر 1993 التحول إلى حركة ديمقراطية تقدمية جديدة مبنية على جدلية التعدد والوحدة).. وبين أن هذه الحركة لعبت دورا كبيرا كطرف فاعل في المعارضة وشاركت سنة 2004 في الانتخابات الرئاسية من منطلق معارض واضح (محمد الحلواني) كما شاركت في انتخابات 2009 التي ترشح لها هو، معلنا عزمه على منافسة بن علي الند بالند لكنه تعرض لمضايقات كبيرة تمثلت في عرقلة حملته الانتخابية.. وواصلت الحركة بعد ذلك مساعيها لتوحيد القوى الديمقراطية التقدمية للتصدي لمنظومة الاستبداد وهوما أدى إلى تأسيس تحالف المواطنة والمساواة.. دخول حكومة الغنوشي فسر أحمد إبراهيم خلال المنتدى الذي شهد حضور حشد كبير من الجامعيين والمثقفين غصت بهم القاعة أسباب دخوله بعد الثورة حكومة محمد الغنوشي. وبين أن الحركة ورغم إدراكها مسبقا سلبيات هذه العملية على موقعها، فإنها رأت أن دخول الحكومة في تلك المرحلة الحساسةلا بدّ منه وواجب وهو من باب الوطنية لضمان الانتقال الديمقراطي..وأضاف: "دخلنا هذه الحكومة بهدف المساهمة النقدية والضغط واليقظة".. وبين أن حصيلة أعمال هذه الحكومة كانت في مجملها جيدة وعمل هو من موقعه كوزير للتعليم العالي على إلغاء الأمن الجامعي وإطلاق الحريات الأكاديمية وإعادة انتخابات الطلبة وتغيير المديرالعام للتعليم العالي ومدير التوجيه الجامعي وأعضاء الديوان. وعملت قوى الردة على حد قوله على بث إشاعات لتشويه هذه الإجراءات مستغلة نفوذها في وسائل الإعلام لكنها لم تفلح.. ولاحظ أن حركة التجديد دعت منذ البداية لتكوين هيأة عليا للإصلاح السياسي تجمع كل الحساسيات دون استثناء.. وقد اتفقت هذه الهيأة مؤخرا على جملة من المسائل أبرزها اعتماد التناصف في القوائم الانتخابية وهو حدث تاريخي رائد في تونس ستعمل الحركة على تكريسه.. وخلال النقاش عبّر الأستاذ الطاهر بوسمّة عن ارتياحه لدعوة حركة التجديد للحفاظ على الهوية الإسلامية لتونس.. وبين أن دستور 1959 كان رائعا وكان من الأفضل تنقيحه لا تأسيس هيأة تصدر مشروع مرسوم يسبب احتقان العديد من الناس.. وتساءل الجامعي عبد الفتاح التريكي عن النمط الاقتصادي الذي تراه الحركة مناسبا بعد أن تخلت عن الشيوعية.. وتساءلت المؤرخة سنية التميمي عن الضمانات الضرورية لعدم انقضاض البعض على المكاسب الحداثية لتونس.. واستفسر ماهر الخشناوي الناطق الرسمي باسم جمعية حماية الثورة عن طبيعة النظام السياسي الذي تريده الحركة. وتساءل الكاتب محمد الكيلاني عن موقف الحركة من إقصاء الوزراء في العهد السابق. ولاحظ الأستاذ البشير الخنتوش أن السير في اتجاه المناصفة يندرج في إطار الدجل السياسي.. وذكر أن الأداء الحكومي مازال إلى الآن مرتبكا ومترددا في محاسبة الفاسدين ويحز في نفوس التونسيين أن يطالعوا أخبارا مفادها أن حليمة ابنة المخلوع رجعت إلى تونس وأن صخر الماطري يتجول في قطر.. واستفسر الوالي السابق عامر قريعة إن كانت قرارات الهيأة ستوصل البلاد إلى بر الأمان في مثل هذه الأجواء المشحونة بالضغينة. وتساءلت الجامعية سلوى التومي عن مدى استشراء الفساد في مؤسسات التعليم العالي وهل أن قرارالهيأة العليا قابل للنقاش.. وفي هذا السياق قال الأخضر لالة العضو في الهيأة العليا للحفاظ على أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أن الهيأة استشارية.. وليس لها الحق في اتخاذ القرارويمكن للرئيس المؤقت والوزير الأول إدخال تعديل على المرسوم. وبين أن أعضاء التجديد وحينما طرح الفصل المتعلق بمنع مسؤولي التجمع من الترشح صوتوا لمقترح "10 سنوات" وليس ل "23 سنة".. وفسر هشام سكيك مدير جريدة "الطريق الجديد" وهي جريدة الحركة أن دخول أحمد إبراهيم للحكومة كان بمقتضى قراراتخذته الحركة وكانت واعية انه سيضر سمعة الحزب لكن من منطلق وطني أرادت المساعدة على تسهيل الانتقال الديمقراطي.. وبين أنه تم التنسيق والاتفاق مع اتحاد الشغل والتكتل الديمقراطي لكنهم سرعان ما فوجئوا بانسحاب الطرفين.. واستفسر السفير السابق محمود بالسرور عن رأي حركة التجديد في النظام السياسي الملائم لبناء الجمهورية الثانية. وتساءل المؤرخ عبد الجليل التميمي عن سبب تعمد بعض الأطراف التخويف من النهضة ولماذا لا تقيم الأحزاب حوارا فيما بينها كقيادات سياسية وتتفق على مبادئ محددة. وعن سؤال حول أي نظام يريد؟ أجاب إبراهيم أن النظام الرئاسي ليس كله سيئ كما أن النظام البرلماني فيه مخاطر وغير محصّن ضد الدكتاتورية.. ويرى أن الأمر في حاجة إلي تفكير رصين للوصول إلى نظام ليس بالرئاسي المطلق وليس بالبرلماني المطلق بل "نظام رئاسي ملطّف". وفي ما يتعلق بموقفه من مسألة التنمية فيشير إبراهيم إلى وجود أولويات وصعوبات.. وتتمثل الأولويات في أن الثورة انطلقت ضد الحيف الاجتماعي وبالتالي فإن الحركة منحازة للجهات المعزولة.. وهناك حاجة لنمط تنمية تلعب فيه الدولة دورا استراتيجيا مع تشجيع القطاع الخاص. أما الصعوبات فتتمثل في أن هناك مسائل عاجلة يجب مواجهتها تتعلق بالتشغيل وإخراج تلك الجهات من عزلتها وإعادة النظر في مثال التهيئة الترابية.. واعتبر إبراهيم أن المقترح المتعلق بمنع من تحمل مسؤولية من التجمّعيين وممن تحملوا مسؤولية في الحكومة من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي لئن استجاب لمطالب الشعب فإنه ربما فيه شطط.. وقال:"يجب ألا يكون هناك إفراط في المساءلة ولا تفريط فيها.. حتى لا يؤدي هذا المقترح إلى حملات انتقامية.. فنحن مع المحاسبة.. ومساءلة المتورطين في الفساد حقا في وضوح.. لكننا مع المصالحة الوطنية". وكشف إبراهيم أن القرارات التي اتخذتها حكومة الغنوشي ليست كلها محل وفاق فقد فوجئ وهو فيها باتخاذ عديد التدابيردون أن تقع استشارته وبين أنه استقال قبل الغنوشي لكنه لم يعلن عن ذلك في الإبان. وعن رؤيته للاقتصاد بين أن الفترة الحالية هي فترة بناء اقتصاد متطور تلعب فيه الدولة دورا استراتيجيا لكن في إطار سياسة وطنية.. لأن اليبيرالية المتوحشة والنّزعات لنفي الدولة أثبت فشله. وعن سؤال يتعلق بواقع التعليم أجاب أنه منكوب وهو في حاجة إلى إصلاح جذري يتم بالتشاور مع المعلمين والأساتذة وليس باتخاذ قرارات فوقية تطبخ في مكاتب وزارة التربية.. وندد بشدّة بالنزعة المتزايدة لخوصصة هذا القطاع.