شكل تمويل المؤسسات الاعلامية الناشئة في تونس احدى اهم نقاط الجدل في الاوساط السياسية والثقافية وذلك قصد فك رموز امكانيات تداخل راسمال بالاعلام الذي يمكن أن يجعله في انحراف خطير عن رسائله الاساسية. وقد كثر في الاونة الاخيرة التساؤل عن مصادر التمويل لعدد من المؤسسات الاعلامية وعن علاقاتها بالخارج وامكانية التاثر بالممول في تمرير مشاريعه السياسية انطلاقا من اعلام وطني هذا دون أن ننسى التطبيع كشرط اساسي للتمويل. وفي هذا الاطار يقول رئيس الهيئة الوطنية لدعم مقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية احمد الكحلاوي أن الإدارة الامريكية قد اصدرت منذ ما يزيد عن 15 سنة إعلانا لتمويل المشاريع الإعلامية من صحف واذاعات وتلفزات في الوطن العربي وقد تصل قيمة التمويل إلى نحو المليون دولار. واضاف الكحلاوي أن هناك عروض جديدة لتمويل الاذاعات من قبل منظمة عالمية تعنى بالشان الاعلامي وقد طالبت هذه المؤسسة في الاونة الاخيرة بحق وسائل الاعلام في التواجد من خلال منحها رخص العمل. شروط مسبقة واعتبر الكحلاوي أن تمويل المشاريع الاعلامية يخضع عادة إلى تدخل واضح من قبل الممول والذي كثيرا ما يدعو الوسيلة الممولة إلى الالتزام بالشروط المسبقة بينهما والمتفق حولها. وخلص الكحلاوي إلى أن التمويل الاجنبي انما هو شكل من اشكال التخريب والتاثير في القراءات السياسية للوسيلة المدعومة ماليا وهو ما يؤدي في كثير من الاحيان إلى انحرافات لصالح الطرف الممول. التطبيع وبخصوص امكانيات التاثير المباشر للتمويل الاجنبي على مسالة التطبيع اوضح الكحلاوي أن التطبيع هو أن تعترف بعدوك الذي كثيرا ما نكل بالشعب الفلسطيني الاعزل ومارس ضده كل اشكال الارهاب . واضاف الكحلاوي أن الاعتراف بالاحتلال جريمة والتطبيع هو ذاته جريمة مهما كانت المنطلقات والتسميات لذلك. التمويل وتاثيراته "من الطبيعي أن تكون مصادر التمويل شفافة ومعلومة" هذا ما اكده عضو هيئة اصلاح اعلام والاتصال هشام السنوسي. واعتبر السنوسي أن لمصادر التمويل بعدان أساسيان يتعلق الاول بضرورة محافظة على استمرارية المؤسسة واستعدادها لاستعاب الصحافيين في حالة فشل المشروع ذلك أن فشل المؤسسة يتجاوز الباعث لتشمل العملة وهي معايير معتمدة بالبلدان المتقدمة اما البعدالثاني فيتعلق بشفافية المنظمة الممولة. وبخصوص اشكال التمويل وتاثيراتها يرى السنوسي أن الحضور الاجنبي في المؤسسات الاعلامية يمكن أن يكون على شكل منح مقدمة تابعة لمؤسسات مشهود لها بالشفافية واما عن طريق شركات عالمية تساهم في راسمال الوسيلة الاعلامية وهو ما يمكنها من أن تتحول إلى جزء من الإدارة وهذه النقطة محل خلاف لان الاعلام ليس مشروعا اقتصاديا بل هو مؤسسة تسعى لصناعة الراي العام . موقف الهيئة وبخصوص موقف هيئة اصلاح الاعلام والاتصال من تمويل الاعلام قال السنوسي " لقد ارتاينا أن يكون راسمال المؤسسات الاعلامية تونسي 100 بالمائة وهو معيار من ضمن المعايير التي اعتمدناها في قراءة مختلف الملفات المقدمة للحصول على تراخيص اذاعية وتلفزية." تجاذبات ومن جهته اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الطليعة العربي الديمقراطي كريم قطيب " أن التمويل الاجنبي للاعلام هو جزء من الاشكال القائم في بعض المؤسسات الاعلامية باعتبار أن هناك تجاذبات خاصة فيما يتعلق بالخط العام لتوجه الوسيلة الاعلامية". واضاف المتحدث انه " من شان التمويل الاعلام الاجنبي أن يساهم في تحريف الرسائل الاعلامية عن خطها العام وهي كثيرا ما تخضع في توجهاتها لممولها على غرار احد القنوات التونسية " على حد وصفه. وبين قطيب " أن الخط التحريري العام لهذه الوسائل يجب أن يكون محور توافق وطني وضامن لحضور مختلف الاطراف السياسية في المشهد الاعلامي دون اقصاء او انحياز لطرف سياسي دون اخر." فتح الملفات واوضح الاعلامي نورالدين المباركي رئيس تحرير" الوطن " أن " ملف التمويل الأجنبي لوسائل الإعلام هو أحد الملفات الخطيرة التي يجب فتحها والتعامل معها بكل شفافية.بما يضمن استقلالية المؤسسات الإعلامية في تونس بعيدا عن أي ضغوطات واملاءات خارجية ". وخلص المباركي " إلى ضرورة الحفاظ على مبدإ رفض التمويل الأجنبي لوسائل الإعلام التونسية بما يضمن استقلاليتها ودروها في المساعدة في مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تمر بها البلاد ".