.. قرابة 5 آلاف محطة قاعدية للهواتف الجوالة تم تركيزها بتونس ما أثار ويثير تساؤلات المواطنين حول التأثيرات الصحية المحتملة على الصحة العامة لحقولها الكهرومغناطيسية، تساؤلات تأخذ في كثير من الأحيان منحى الشكاوى التي يقع رفعها إلى الجهة المكلفة بمتابعة ملف السلامة الصحية للإشعاعات غير المؤينة المنبعثة من هذه المحطات... وهي الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات ممثلة في لجنتها الفنية المتخصصة في دراسة المؤثرات المحتملة على الصحة المحدثة منذ نحو العشر سنوات والتي تلقت خلال سنة 2010 نحو 250 شكوى يصب معظمها في خانة الريبة من انعكاساتها الصحية على المتساكنين بالجوار بنسبة الثلثين ليكتسي الثلث المتبقي صبغة بيئية بتعبير أصحابها عن انزعاج من تشويه المحطات للطابع الجمالي للحي. وفي تقييم لمختلف المخاطر الصحية لهذه المحطات تلقت الصباح- ملفا يحوصل ما توصلت إليه الوكالة من استنتاجات ونتائج لحصيلة تقصيها لآخر المستجدات العلمية والصحية في المجال دوليا ومحليا خلصت فيه استنادا إلى مختلف التقارير العلمية المتوفرة إلى الإقرار بأنه "لا يتوفر حاليا دليل علمي على أن تعرض العموم للمستويات الحالية للحقول الصادرة عن المحطات القاعدية للهاتف الجوال له تأثيرات صحية على المدى القريب أو المتوسط". كما انه "لا تتوفر نتائج علمية نهائية ومؤكدة حول التأثيرات الصحية للتعرض لهذه المستويات الضعيفة من الحقول الكهرومغناطيسية على المستوى البعيد". يذكر في هذا الصدد أنه من خلال متابعة نتائج عمليات مراقبة الحقول الصادرة عن هذه المحطات والتي تقوم بها الوكالة الوطنية للترددات بكامل تراب الجمهورية بينت أن مستويات الحقول ضعيفة وأن كل القياسات المنجزة البالغ عددها 365 قياسا لم تتجاوز الحدود القصوى المعتمدة دوليا والتي تعتمدها تونس حيث أن 73 بالمائة من القياسات لم تتجاوز 1فولت/المتر. ولم تتجاوز 88 بالمائة من القياسات 2فولت/المتر.علما أن أعلى مستوى للحقول تم قيسه حسب البيانات المتوفرة هو 8،2 فولت /المتر ولا يتجاوز 30بالمائة من الحدود القصوى التي تم تحديدها دوليا على النحو التالي: 28 فولت بالنسبة للترددات الراديوية وما بين 41 و58 فولت بالنسبة لترددات الهاتف الجوال حسب الصنف. و61 فولت للجوال من الجيل الثالث. وبناء على هذه المعطيات تؤكد وكالة الرقابة الصحية والبيئية للمنتجات ضرورة احترام الحدود القصوى للتعرض لهذه الحقول المنصوح بها من "الصحة العالمية" في كل المواقع مع التأكيد على التقليص من مستويات البث لهذه الحقول كلما كان ذلك ممكنا مع مراعاة جودة الخدمات وبتكاليف اقتصادية مقبولة. وعلمت "الصباح" في هذا الصدد أن نصا قانونيا وطنيا لضبط الحدود القصوى للتعرض للحقول الكهرومغناطيسية وتحديد مختلف إجراءات الوقاية شارف إعداده على الانتهاء وهو يندرج في إطار الاحتياط. هذا وتدعو الوكالة إلى التقيد باحترام الإجراءات الاحتياطية المقرة على المستوى الوطني في إطار العمل بمبدإ الاحتياط. للتذكير، فإن الاجراءات المتخذة في هذا المستوى من الحذر ترتكز على تحديد مسافات السلامة المباشرة حول الهوائيات. وتجنب توجيه الإشعاع الرئيسي للهوائيات عند تركيزها في اتجاه المؤسسات التربوية ورياض الأطفال ومؤسسات الطفولة وكذلك المؤسسات الاستشفائية على مسافة 100م. ويستند مبدأ الاحتياط إلى جملة من المبررات منها تواجد وتجمع أعداد هامة من الأطفال والمرضى بالمساحات المفتوحة لمدة طويلة بهذه المؤسسات. وتعرض الصغار بصفة خاصة لفترات أطول بكثير من الكهول لهذه الحقول طوال حياتهم فيما تتزايد مصادر الحقول الكهرومغناطيسية بحكم تطور وتنامي استعمالات الهاتف الجوال. هكذا إذن وعلى أهمية الاستنتاجات العلمية التي توصلت إليها تقارير الهيئات الدولية والوطنية المختصة في المجال يترقب المواطن مزيدا من التحري والبحث العلمي لإخماد مشاعر الريبة الساكنة فيه وتعزيز حزمة الاجراءات الاحتياطية على اعتبار أنه مهما كانت مصداقية الاستنتاجات والتقييمات فإنها تتطلب دائما دعم آليات الحذر والتوقي من الأخطار المحتملة وإثباتات جازمة وثابتة لتبدد الشكوك وتصد التجاذبات القائمة.