في الوقت الذي يتحدث فيه العديد من الجامعيين التونسيين عن الأزمة في ليبيا بكثير من التشاؤم حتى أن الدكتور المنصف وناس المختص في دراسة الشأن الليبي بالجامعة التونسية اعتبرها خلال ندوة جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي المنتظمة أمس بالعاصمة "محنة" يؤكد الأستاذ عمران القييب المدرس بجامعة الزاوية بليبيا على أن ما يحدث في ليبيا هو ثورة مثلها مثل الثورة التونسية والثورة المصرية. وقال ل «الصباح»:"أنا متحفظ عن استعمال كلمة أزمة.. لأن ما يحدث في ليبيا هو ثورة تأتي في سياق بقية الثورات العربية.. ولعل المختلف فيها هو استخدام السلاح.. السلاح الذي أجبر الثوار على استخدامه.. فهي ثورة مكتملة بدأت سلمية وأصبحت مسلحة ثم انتقلت إلى مرحلة التدويل". وأكد أن الثورة الليبية تحمل مشروعا سياسيا وثقافيا واجتماعيا وتطالب بالحق في المواطنة التي حرم منها الشعب الليبي طيلة أربعة قرون. وبين محدثنا أن ما يستخدمة نظام القذافي اليوم في مقاومة الثوار لم يعرف له مثيل حتى زمن الاستعمار من اعتقالات واستخدام للقوة العسكرية ضد شعبه. ولاحظ الجامعي أن الحديث عن وجود أطماع وصفقات بين المجلس الانتقالي والغرب هو "كلام بروباقندا" ولا أساس له من الصحة. وبين أن نجاح الثورة الليبية والثورات العربية عموميا رهين إصرار الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج على قيم الثورة وعلى تحقيق أهداف الثورة وتحمل ضريبة ذلك.. ولاحظ أن المطمئن في الأمر أن الشعوب العربية بلغت مرحلة متقدمة في النضال ضد الدكتاتوريات ولا يمكن بعدها التراجع إلى الوراء.
محنة
اعتبر الدكتور منصف وناس الأزمة الليبية محنة نظرا لأنها تحوّلت في وقت قصير إلى انتفاضة مسلحة يقتل فيها الليبي شقيقه الليبي وكان من الأجدر أن تعالج مطالب المحتجين معالجة ديمقراطية وأن تجد الأزمة طريقها إلى الحل في سياق البيت الليبي لكن الوضع أعقد بكثير من مجرد الاحتجاجات.. وبات الليبي يقتل أخاه الليبي.. وهي محنة نظرا لأن قنوات الحوار انسدّت تماما.. وهي محنة بالنسبة للقانون الدولي والعلاقات الدولية حيث نجد حلف الناتو يجهز على المدنيين دون تمييز.. وأضاف الجامعي أن دخول الأزمة مرحلة التدويل هو محنة لأن التدويل مثلما خبرناه في العراق لن يؤدي إلا إلى تفكيك أوصال المجتمع الليبي وتدمير روحه واقتلاع جذوره.. فالتدويل يدمر الإنسان قبل أن يدمر البنيان لان الدمار المادي يمكن أن يعوض بالذهب الأسود لكن دمار الروح والشعور المشترك يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعافى.. وفسر أنه من الطبيعي أن يتلقف التدويل ليبيا منذ الأسبوع الثالث من انطلاق الاحتجاجات لان ليبيا مغرية على جميع الأصعدة فهي مغرية بجغرافيتها أكثر من بترولها المستديم وعالي الجودة.. وتريد الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تكون ليبيا بلدا عازلا بين الثورتين التونسية والمصرية خوفا على المصالح الأمريكية في المنطقة وخوفا على امن إسرائيل واستقرارها السياسي.. فالمرحلة القادمة في ليبيا على حد قوله هي مرحلة أمريكية إسرائيلية. ويتمثل الرهان الأساسي على حد تعبيره في كيفية إخراج ليبيا من نفق التدويل المظلم إلى أمل الحل الوطني السلمي وإعادة القضية الليبية إلي الليبيين أنفسهم بعد أن خرجت من أيديهم وصارت في يد الولاياتالمتحدة وفرنسا. ومن جهته يؤكد أستاذ القانون عبد المجيد العبدلّي أن القانون الدولي يمنع التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان لكن يسمح بذلك لحماية المدنيين لأن حمايتهم واجب.. لكن كيف يمكن ضمان أن لا يتحول هذا التدخل إلى نوع من الاستعمار؟ وذكر أن التدخل الدولي في ليبيا محفوف بالشكوك لان جناحه الذي يغطي الشعب الليبي والشعب العراقي لم يغط الشعب الفلسطيني.. وما وقع في فلسطينالمحتلة يرتقي إلى جريمة الإبادة جماعية. وفي نفس الوقت ندد الأستاذ الحبيب اللولب رئيس جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي باعتداءات الحلف الأطلسي على المدنيين الليبيين والبنية التحتية الليبية ودعا الليبين إلى الحوار والمصالحة والاتعاظ من المأساة العراقية. وقال المؤرخ عبد السلام بن حميدة مدير معهد الحركة الوطنية إن مصير شعوب المغرب العربي واحد..